صَدر حكم قضائي يعدّ سابقة من نوعه، يقضي بصرف شيك بنكي محرر باللغة الأمازيغية، بعدما رفضت صرفه إحدى المؤسسات البنكية المغربية، لتصبح ملزمة من طرف محكمة مغربية بتأدية مبلغ الشيك لفائدة صاحب الدعوى. وألزمت المحكمة الابتدائية التجارية بالدار البيضاء المؤسسة البنكية الوطنية بأداء مبلغ الشيك المحدد في 3000 درهم، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 300 درهم عن كل يوم تأخير، وأداء تعويض عن الضرر المادي والمعنوي محدد في 1000 درهم، مع تحميل المدعى عليها الصائر. ويأتي الحكم القضائي سالف الذكر بعد الجدل الذي أثير السنة الفارطة بشأن صرف الشيكات المحررة بحرف "تيفيناغ"، إذ أقدم ناشط أمازيغي على كتابة أول شيك بنكي باللغة الأمازيغية، قبل أن يجد طريقه إلى الصرف في أحد البنوك المغربية. وتقدّم المواطن المغربي المعني بمقال افتتاحي إلى المحكمة الابتدائية التجارية بالدار البيضاء، يوم 20 يناير الماضي، جاء فيه أن "العارض زبون للمدعى عليها، وبالنظر إلى حاجيته لواجبات مالية حرّر الشيك لنفسه من أجل استخلاص مبلغ 3000 درهم، محرر بالأرقام واللغة الأمازيغية، لكن المدعى عليها رفضت صرف الشيك بعلة أن لغة التحرير مختلفة عن لغته". وأورد المدّعي أن "المدعى عليها مقاولة تجارية على المستوى الوطني، بل على المستوى الأوروبي والأمريكي، وهي بذلك معنية؛ بل مجبرة على احترام خصوصية كل بلد تستقر به، بما فيها خصوصياته اللغوية"، معلّلا ذلك بأن "السبب الذي رفض لأجله الشيك، وإن كان مبهما، فإنه يحتمل أن يكون أن حامله حرر بعض مضامينه باللغة الرسمية للدولة المغربية، وهي اللغة الأمازيغية". وأبرز المقال الافتتاحي أن "مقتضيات الدستور غير قابلة للجدال أو التفسير الضيق أو التجاهل، ويتعلق الأمر في حالتنا بمقتضيات فصله الخامس الذي يقرّ برسمية اللغة الأمازيغية؛ كما أن القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية رقم 16/26، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6816، بتاريخ 26-09-2019، دخل حيز التنفيذ، وبناء على مقتضيات مادته 35، فإنه بدوره يسري على جميع المؤسسات والهيئات الوطنية أو تلك التي تستوطن بالمغرب". لكل ذلك، يرى المدعي أن "سلوك المدعى عليها السلبي يعتبر خرقاً سافرا لمقتضيات الفصل الخامس من الدستور، ومقتضيات التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، ومقتضيات القانون رقم 16/26 المحدد لمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والقانون رقم 31/08 الخاص بحماية المستهلك، وبالأخص مقتضيات مادته 57". وفي هذا الإطار، قال أحمد أرحموش، محامي المدّعي، إن "المحكمة التجارية بالبيضاء تفعل الطابع الرسمي للأمازيغية وتنتصر لقيم العدالة اللغوية"، مستدركا: "قضت المحكمة التجارية بالبيضاء، يوم 17 شتنبر الجاري، في ملف أنوب فيه، ضد إحدى الشركات البنكية بصرف شيك بنكي محرر باللغة الأمازيغية". وأضاف أرحموش، من خلال منشور توضيحي عبر الشبكات الاجتماعية، أن المؤسسة البنكية "سبق لها أن رفضت صرف الشيك بعلة أنه مكتوب بلغة غير مفهومة"، ثم زاد شارحا: "قضت المحكمة على الشركة بأداء تعويض عن الضرر المترتب عن الامتناع عن صرف الشيك نفسه"، خاتما: "موقف يعزز مسار النضال المؤسساتي، وَجب التنويه به، ومواصلة العمل من أجل تحقيق الأهداف العامة والخاصة للأمازيغية".