مع فتح الكثير من المرافق التجارية والأسواق أبوابها، واستئناف الدخول المدرسي حضوريا في مجموعة مِن مدن المملكة، تنتشر على صفحات موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" تعبيرات تنتقد استمرار إغلاق كثيرٍ من المساجد، على الرغم من انتشار أدوات الوقاية الصحية وإمكان التّباعد الجسديّ. وانتشرت على صفحات "فيسبوك"، في الشّهر الأخير، تدوينات ومقالات تستنكر استمرار إغلاق كثير من المساجد، واستمرار عدم إقامة صلاة الجمعة، منذ ما يقرب ستّة أشهر، خاصّة بعد استئناف مجموعة من المرافق اشتغالها، مع احترام تدابير الاحتراز للحدّ من انتشار جائحة "كورونا"؛ وهي التّعبيرات التي زادت بعد الدّخول المدرسيّ، مطلَع الأسبوع الجاري. وكانت وزارة الأوقاف والشّؤون الإسلامية قد أعلنت، في ال15 من شهر يوليوز الماضي، "إعادة فتح المساجد تدريجيا في مجموع التراب الوطني لأداء الصلوات الخمس"، باستثناء صلاة الجمعة، مع "مراعاة الحالة الوبائية المحلية، وشروط المراقبة الصحية التي ستدبّرها لجان محلية بأبواب المساجد". وكتب إدريس الكنبوري، الباحث في الجماعات الإسلامية والفكر الإسلاميّ، أن استمرار إغلاق الكثير من المساجد "أمر مخيف"؛ ف"لَم يحصل أن تعطلت صلاة الجماعة في المغرب أو في بلد إسلامي كل هذا الوقت منذ نزول الوحي على النبي محمد في غار حراء قبل 15 قرنا"، ثمّ زاد: "مصدر الخوف أن يزداد البلاء. لقد أغلقنا المساجد خوفا من البلاء، ونخشى أن نفرّ من البلاء إلى الابتلاء". ويضيف الباحث: "كان يمكن أن يكون الدّخول المدرسي درسا لنا كبلد مسلم؛ فالوزارة تقول إنها أعدت كل الاحتياطات بالنسبة للتعليم الحضوري، ولكن ألم يكن الأولى إعداد نفس الاحتياطات بالنسبة للصلاة الحضورية؟ هل نحن واثقون من التزام مئات الآلاف من التلاميذ في المدارس مثلا وهم صغار، ولكن لا نثق في عشرات الآلاف من المصلين في المساجد وهم كبار ناضجون أحرى أن يتخذوا الاحتياطات؟". في هذا السياق يقول إدريس الكنبوري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّه سبق أن كتب حول مشروعية الإجراءات الصحية التي أقرَّتها الدّولة، بإغلاق المساجد، مِن أجل الوقاية، في إطار اختصاصات المجلس العلميّ الأعلى، قبل أن يستدرك قائلا: "هذا التّحليل كان صحيحا في فترة معيَّنة، والآن لا". ويذكر المتحدّث أنّ في الفترة الراهنة "تشتغل المقاهي والمطاعم والشواطئ، وهو ما يتحدّث عنه النّاس، كما نرى الآن صور المدارس والأقسام التي يتكدّس فيها التلاميذ، وهم يدرسون لساعات، في حين يصلّي النّاس عشرَ دقائق ويذهبون إلى حال سبيلهم". ويزيد الكنبوري: "الحكومة أقرّت إجراءات حمائيّة في أمور أخرى، ونسيت المساجد. وباعتباري باحثا، أرى أنّ هذا يقلّل من هيبة الدّولة لدى النّاس، ويقلّل من جدّيتها، فيقولون: الدولة تعطي الأولوية لأمور لها علاقة بالتّدبير اليوميّ، وتترك المساجد على هذا الحال". ويشدّد الكنبوري في تصريحه على ضرورة أخذ هذه المستجدّات "بعين الاعتبار"، ثُمَّ يضيف: "إغلاق المساجد كان مشروعا في الفترة الماضية، أمّا الآن فلم يَعُد مشروعا، ومن يتعلّل بالعلل الصحية يجانب الصّواب". تجدر الإشارة إلى أنّ الوزارة الوصية على تدبير الشّأن الديني بالمملكة قد شدّدت، في بلاغها السّابقِ ذكرُه، على "وجوب حرص المصلّين في المسجد على إجراءات الوقاية، ولا سيما وضع الكمامات ومراعاة التباعد بمسافة متر ونصف المتر بين شخص وشخص، وتجنُّب التجمّع داخل المسجد، قبل الصلاة وبعدها، وتجنّب المصافحة والازدحام، ولا سيما عند الخروج"، مع "ضرورة تعقيم اليدين بمحلول متوفّر بباب المسجد وقياسِ الحرارة مِن طرف شخص مكلَّف، والحرص على استعمال السجادات الخاصّة"، علما أنّ المرافق الصحية للمساجد سيستمرّ إغلاقُها.