إذا كانت عقوبة الإعدام من أشدّ أنواع العقوبات قسوة، وإذا كان المحكومون بمختلف أنواع العقوبات لا يستسلمون إلا بعد استنفاد جميع مراحل التقاضي، من الحكم الابتدائي إلى النقض، أملا في تخفيف العقوبة المحكوم بها عليهم، فإن عددا من المحكومين بالإعدام في المغرب لا يستأنفون الأحكام الابتدائية الصادرة ضدهم. السعدية وضاح، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدارالبيضاء-سطات، كشفتْ أنّ من بين الخدمات التي يقدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان للسجناء المحكومين بالإعدام، توفير المواكبة القضائية لهم من خلال تكليف محامين للدفاع عنهم، لأنّ بعضهم لا يستأنفون الأحكام الصادرة ضدهم. وبحسب المعطيات التي قدمتها المسؤولة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في ندوة حول تعامل التواصل الرقمي مع الإعدام، نظمتها منظمة حريات الإعلام والتعبير "حاتم" مساء الإثنين، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يواكب المحكومين بالإعدام داخل السجن، ويتابع وضعيتهم الصحية، باعتبار أن منهم من يعاني من أمراض مزمنة وأمراض عقلية. ويعتني المجلس كذلك، بحسب المصدر نفسه، بالمحكومين بالإعدام المستفيدين من العفو الاستثنائي، مشيرا إلى حالة سيدة كانت ضمن محكومين بالإعدام استفادت من العفو السنة الفارطة يتابع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وضعيتها الاجتماعية بالتنسيق مع قطاعات حكومية أخرى. وعلى الرغم من أن المغرب أوقف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1983، ولم تنفذ منذ ذلك التاريخ إلى الآن سوى عملية إعدام واحدة سنة 1993، إلا أن العقوبة لم تُلغَ من القانون الجنائي للمملكة، وما زالت المحاكم تُصدر أحكاما بالإعدام، حيث صدر 11 حكما خلال سنة 2019، وصدر العدد نفسه من قرارات استئناف الأحكام بالإعدام خلال السنة ذاتها. وقالت السعدية وضاح إن موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان من عقوبة الإعدام واضح؛ إذ يوصي في تقاريره ومذكراته بإلغائها، داعية المجتمع المدني إلى الترافع من أجل إلغاء هذه العقوبة التي يعتبرها الحقوقيون "غير إنسانية"، من مشروع القانون الجنائي المعروض على البرلمان. وبخصوص علاقة التواصل الرقمي بالإعدام، قالت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدارالبيضاء-سطات إن ردود فعل المغاربة إزاء عقوبة الإعدام تحتد أكثر عندما تقع جريمة خطرة، حيث تنقسم الآراء إلى توجهين، الأوّل يؤيد إبقاء العقوبة، والثاني يدعو إلى إلغائها، باعتبار أن الغاية من العقوبة "هي إدماج الجاني وتأهيله وليس قتله". وترى المتحدثة ذاتها أن المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام ينطلقون من بُعد حقوقي لفلسفة العقاب التي تجعل الحق في الحياة أسمى حقوق الإنسان، لافتة إلى أن هذه العقوبة ليست رادعة، "لأنّ تطبيقها لا يؤثر على مؤشر انخفاض أو ارتفاع نسبة الجريمة".