عاد شبح "اختطاف" المواطنين من قبل الأجهزة الأمنية لمدد وفي أماكن غير قانونية ليخيم من جديد على المغرب، حيث تتحدث مصادر حقوقية عن تسجيل، منذ بداية السنة الجارية، حوالي 5 حالات لمواطنين اقتحمت منازلهم من طرف "رجال مقنعين ومسلحين"، قبل أن يقتادوهم إلى مراكز اعتقال سرية، دون إخبار حتى عائلاتهم التي تعيش حاليا وسط أجواء من الترقب والقلق خوفا على مصير ذويهم. وقال عبد الإله بنعبد السلام، عضو المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، "معروضة علينا حاليا مجموعة من الحالات لعائلات تقدمت بشكايات تقول فيها بأن أشخاص مجهولين يحملون أسلحة داهموا منازلهم واعتقلوا ذويهم، دون الكشف عن الأسباب أو التهم الموجهة إليهم"، مكتفين فقط بالتأكيد على أنهم من الأمن. "" وأشار عبد الإله بنعبد السلام، في تصريح ل "إيلاف"، إلى أن "الجمعية توصلت بخمس شكايات لمواطنين، أغلبهم من الدارالبيضاء والمحمدية"، مبرزة أنه لحد الآن لم يعرف المكان الذي يوجدون به أو الجهة التي أوقفتهم. وأوضح العضو بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنه مهما كانت الدوافع "فيجب في جميع الأحوال احترام القانون، فأي مبرر لا يخول خرق مساطر الاعتقال والتحقيق والمحاكمة". وذكر بنعبد السلام أن "هذه العمليات تنفذها مصالح غير مخول لها اعتقال المواطنين.. وكثير من الأحيان تكون الأجهزة الاستخباراتية، التي نعرف بأنها لا تتمتع بالصفة الضبطية، هي من تقوم بهذا النوع من التدخلات"، مشيرا إلى أنهم "يأخذونهم إلى أماكن مجهولة، حيث يتعرضون إلى التعذيب والضغط الانفسي.. وهي غير خاضعة إلى المراقبة أو المسائلة". وقال عضو المكتب التنفيذي إن الجمعية راسلت وزير العدل عبد الواحد الراضي، ووزير الداخلية شكيب بنموسى، والمدير العام للأمن الوطني الشرقي اضريس، مطالبة بفتح تحقيق لكشف مصير هؤلاء المعتقلين ومسائلة من يخرق القانون، إلا انها لم توصل بأي جواب أو رد حول الموضوع. وتؤكد مصادر أمنية جيدة الاطلاع، ل "إيلاف"، أن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مرفوقين بأفراد من جهاز الاستخبارات، نفذوا عمليات متفرقة في مجموعة من المدن، منها الدارالبيضاء، حيث أوقفوا حوالي 6 أشخاص يشتبه في ارتباطهم بتنظيمات إرهابية خطت لتنفيذ اعتداءات في المغرب. كما داهمت عناصر فرقة التدخل السريع التابعة لإدارة مراقبة وحماية التراب الوطني مخيم "دفيد" في بوزنيقة، وأوقفت شخصا تشير التحريات الأولية إلى أنه متهم بالتورط في هجمات 11 مارس في العاصمة الإسبانية مدريد في 2004، وفي اعتداءات 16 ماي بالدارالبيضاء في 2003، قبل أن تقوم بنقله إلى معتقل تمارة السري، حيث يوجد أيضا المبحوث عنه الذي اعتقل في مطار محمد الخامس الدولي بعد أن حاول الفرار خارج المغرب بجواز سفر مزور. يأتي هذا في وقت يواصل القضاء المغربي محاكمة المتورطين في اعتداءات الدارالبيضاء الأخيرة، إذ قررت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في قضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، أمس الخميس، إرجاء النظر إلى غاية 27 مارس المقبل في ملف يتابع فيه ثلاثة متهمين يشتبه في ارتباطهم بالأحداث التي وقعت في شهر أبريل الماضي بحي الفرح. وجاء قرار التأجيل بناء على ملتمس الدفاع الرامي إلى منحه مهلة لإعداد دفاعه. ويتابع المتهمون الثلاثة (ح. أ)، و( ر.ع)، و(ع. ف)، الذين ينحدرون من الدارالبيضاء بتهم "تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية تهدف إلى المس الخطير بالنظام العام، والإشادة بأفعال إرهابية، وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق". كما مثل في اليوم نفسه أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بسلا عناصر ما يسمى "خلية أنصار المهدي" بعد قبول الطعن في الحكم الابتدائي الجنائي الذي تراوحت فيه الأحكام بين البراءة و25 سنة سجنا نافذا في حق51 متهما أدينوا من أجل أفعال إرهابية. وقررت المحكمة تنصيب دفاع لبعض المتهمين في إطار المساعدة القضائية، وإرجاء النظر في هذه النازلة إلى غاية 21 فبراير الجاري لإعداد الدفاع. ويتابع المتهمون، من بينهم أربع نسوة (طبيبة أسنان وربات بيوت)، وأربعة دركيين سابقين وسبعة عسكريين سابقين وضابط شرطة، فضلا عن متهم في حالة سراح، بتهم "تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية والمس الخطير بالنظام العام، وجمع وتدبير أموال بنية استخدامها في أعمال إرهابية، والانتماء إلى جمعية غير مرخص لها، وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق"، كل حسب المنسوب إليه.