ما كان يخشاه أصحاب المطاعم والمقاهي بمدينة طنجة حصل فعلا. وزارة الدّاخلية تشدّد التّدابير الاحترازية وتقيّد تنقّل الأفراد، بسبب ظهور بؤر جديدة داخلَ الأحياء الشّعبية، أعادت "عروس الشّمال" إلى نقطة الصّفر. على وقع الصدمة والإحباط، استقبل مهنيو القطاعات التجارية والخدماتية عودة التشديد في القيود الاحترازية والإجراءات الوقائية بطنجة، معبرين عن تخوفهم من حصد المزيد من الخسائر، وبالتالي فقدان مورد عيشهم الوحيد، بعدما تنفّسوا الصعداء لأيام معدودات. وسط حي النجمة، يجلس إدريس، اسم مستعار، صاحب مطعم شعبي، القرفصاء واضعا يده على خده في انتظار زبون قد يأتي وقد لا يأتي بالمرة، فالشوارع شبه خالية إلا من المتسولين والمشردين الذين يلاحقون المارة على قلتهم، ويسابقون عجلات السيارات لالتقاط الدراهم. واقفا بالقرب من محلّهِ المطلي حديثا، يقول إدريس لهسبريس: "أكتري هذا المحل ب 18 ألف درهم، وأشغل معي أزيد من 15 عاملا، كل 15 يوما يشتغل نصف العدد، بحكم أن الفيروس كلانا ومخلا فينا غير اللي نسا، وموالين الكرا مرحموناش". لم تدم فرحة أصحاب الوجبات السريعة والمقاهي بالمدينة طويلا، بعد استئناف الأنشطة ذات الطابع التجاري والاقتصادي، وعودة الرواج إلى سابق عهده، في الوقت الذي تجمع إفادات غالبية أصحاب المطاعم والمقاهي أن القضية "ناعسة بزاف". وبعدما كان صاحب المطعم يمني النفس بتدارك الخسائر الفادحة التي راكمها خلال فترة الحجر الصحي الأول، أجهض قرار الداخلية على ما تبقى من طموح إدريس وزملائه في القطاع، مؤكدا أن العمل غالبا ما يبدأ مساء، وبقرار تحديد ساعات الفتح والإغلاق، "غادي نخسرو ونضيعو الله يحد الباس". بين سندان القيود ومطرقة واجبات الكراء وعبء أجور المستخدمين، يصارع إدريس الزمن وآخر الشهر لتدبير مستحقات استغلال المحل مضيفا: "إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فسيكون علينا انتظار عشر سنوات لتعود طنجة العالية إلى ما كانت عليه". وكانت وزارة الداخلية أقرت عودة القيود الاحترازية، واشترطت مغادرة مقرات السكن باستصدار رخصة التنقل الاستثنائي، مسلمة من طرف رجال وأعوان السلطة، مع إغلاق الحمامات والقاعات والملاعب الرياضية، وكذا الأسواق والمراكز والمجمعات والمحلات التجارية، والمقاهي والفضاءات العمومية (منتزهات، حدائق، أماكن عامة...) على الساعة الثامنة مساء.