تعيش منطقة تافيلالت منذ منتصف الأسبوع الأخير احتقانا شعبيا، عقب قرار سلطات ولاية جهة درعة-تافيلالت، القاضي بإغلاق جميع مدن وقرى إقليم الراشيدية، وإخضاعها لحزمة من الإجراءات الاحترازية المشددة لكبح سرعة انتشار الإصابات بالفيروس التاجي، كتحديد وقت إغلاق محلات تجارة القرب والواجهات التجارية الكبرى والأسواق والمقاهي والمطاعم، ومنع التجوال الليلي، وهو ما رد عليه سكان الإقليم بخروجهم إلى شوارع الراشيدية وأرفود والريصاني وكلميمة وتنجداد، في مسيرات احتجاجية أعلن خلالها المتظاهرون عن رفضهم لقرارات السلطات، واصفين إياها ب "الارتجالية" وغير "المحسوبة"، فيما فضلت السلطات عدم الدفع بقواتها العمومية إلى الشوارع رغم خرق المتظاهرين لحالة الطوارئ الصحية، لتفادي أي احتكاك أو مواجهة معهم. حجر صحي مفاجئ استنادا إلى المعطيات التي حصلت عليها الجريدة من مصادرها بمنطقة تافيلالت، التي توجد منذ منتصف الأسبوع الأخير تحت صفيح ساخن، بسبب تزايد واتساع رقعة الاحتجاجات الرافضة لقرار السلطات القاضي بإغلاق الإقليم، فقد عاشت شوارع مدينة الراشيدية وكلميمة والريصاني وتنجداد مسيرات احتجاجية منذ الخميس الماضي حتى يوم أمس الأحد، قادها التجار والحرفيون وأرباب المقاهي والمطاعم، حيث ردد المتظاهرون شعار "لا صحة لا تعليم.. المغرب الله كريم"، كما رفعوا شعارات مناوئة لوالي الجهة وسلطات عمالة الراشيدية، فيما كانت أقوى الاحتجاجات تلك التي عرفتها مدينة أرفود، التي تشتهر باسم العاصمة السياحية والاقتصادية بمنطقة تافيلالت، شارك فيها التجار والحرفيون وأرباب الفنادق والرياضات السياحية والمطاعم والحرفيون، كما انضم إليهم عدد من سكان المدينة ممن تضررت مصادر قوت يومهم بسبب الجائحة. وأضافت المصادر عينها أن المحتجين على "قيود كورونا"، نجحوا في فرض إضراب عام بمدينة أرفود على مدى ثلاثة أيام الأخيرة، الجمعة والسبت والأحد، ما تسبب في شلل تام بالمدينة التي تعطلت بها الحركة التجارية بشكل كلي، بعدما أغلق جميع التجار دكاكينهم الصغيرة منها وكذا المحلات الكبرى، فيما زاد من حدة هذا الشلل العام بمدينة أرفود إضراب أصحاب المخابز، حيث عاشت المدينة يومي الجمعة والسبت الأخيرين بدون خبز معروض للبيع بالمخبرات ودكاكين القرب، بحسب ما أكده للجريدة أحد أعضاء التنسيقية المحلية التي تؤطر احتجاجات السكان على قرار السلطات العمومية بإقليمالرشيدية، التي أمرت بحزمة من التدابير الاحترازية وفرضت الحجر الصحي الجزئي بالإقليم، وعلى رأسها إغلاق المحلات التجارية عند الساعة السادسة مساء، ما أثار غضب التجار والحرفيين وأصحاب المقاهي والمطاعم على الخصوص. وقال التاجر حسن، أحد المؤطرين للإضراب العام لأيام الجمعة والسبت والأحد بمدينة أرفود، في تصريح ل"أخبار اليوم"، إن قرار الإضراب العام الذي تسبب في شلل عام للمدينة، جاء بناء على رغبة غالبية سكان المدينة ممن تضرروا من الجائحة منذ شهر مارس الماضي، حيث كانوا يعولون على فصل الصيف لتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، لكنهم فوجؤوا منتصف الأسبوع الماضي بقرار فرض الحجر الصحي من جديد عليهم، وتنزيل تدابير احترازية مشددة من شانها أن تقضي على ما تبقى من تحملهم للآثار السلبية لكورونا عليهم وعلى قوت يومهم، لذلك خرجنا إلى الشارع لنقول لسلطات عمالة الراشيدية ووالي جهة درعة- تافيلالت بها، كفى من إصدار القرارات العمودية الارتجالية وغير محسوبة العواقب الاجتماعية والاقتصادية، كما وصفها التاجر حسن، فيما دعا باسم المتظاهرين الغاضبين إلى اعتماد خطة إشراك هيئات المجتمع المدني وممثلي القطاعات الإنتاجية والتجارية والخدماتية، في اتخاذ القرارات الجماعية لتدبير الجائحة والحد من انتشارها. وعاب سكان إقليم الراشيدية الغاضبين على قرارات الساعة الأخيرة للسلطات المحلية كما وصفها المتظاهرون، (عابوا عليهم) عدم أخذ خصوصيات المنطقة التي تسجل أعلى درجات الحرارة لا تنزل عن 46 درجة، حيث اعتبروا في تدوينات، نشروها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، أن قرار إغلاق محلات تجارة القرب والواجهات التجارية الكبرى والأسواق والمقاهي والمطاعم، مع الساعة السادسة مساء، ليس في محله، وحجتهم على ذلك هو أن أغلب هذه المحلات تغلق أبوابها مع الواحدة زوالا بسبب الحرارة المفرطة، ولا تعيد فتحها إلا بعد صلاة العصر، ما يعني بناء على قرار السلطات، أن التجار مجبرون على العمل خلال الفترة الصباحية من كل يوم فقط، وهي الفترة التي يقل فيها الرواج بحسب سكان أرفود مقارنة مع فترة ما بعد العصر حتى منتصف الليل، كما انتقد المحتجون أيضا قرار منع التجوال الليلي ابتداء من الثامنة مساء، وما يعنيه ذلك بالنسبة لهم من المكوث داخل منازلهم الساخنة، بعدما كانوا يفرون ليلا إلى ضواحي المدينة، حيث تنتشر حقول الزيتون وواحات النخيل المفعمة بالهواء المنعش ليلا، ما يحولها بحسب الموروث الثقافي المحلي، إلى محج مفضل لسكان المنطقة في هجرة صيفية إلى الواحات هربا من حرارة جدران منازلهم. وطالب المحتجون بمدن الراشيدية وأرفود والريصاني وكلميمة وتنجداد والريصاني، في رسائل وجهوها إلى والي جهة درعة- تافيلالت عامل عمالة الراشدية، "يحضيه بوشعاب"، (اطلعت الجريدة على نسخ منها)، (طالبوا) بمراجعة توقيت إغلاق الأسواق، وتمديد مدة فتح محلات تجارة القرب والواجهات التجارية الكبرى والمقاهي والمطاعم حتى العاشرة ليلا، كما هو معمول به في عدد من المدن الموبوءة بباقي الجهات، فيما اقترحوا منع التجوال الليلي ابتداء من منتصف الليل، حيث هدد المحتجون عبر بلاغات نشروها بمواقع التواصل الاجتماعي، في حال عدم تجاوب السلطات مع مطالبهم، بتصعيد احتجاجاتهم وتمديد أيام الإضراب العام الإنذاري بمدينة أرفود خلال الأسبوع الجاري، وتعميمه على باقي مدن وقرى إقليم الراشيدية. مبررات السلطات أوضح مصدر من سلطات عمالة الراشيدية التي يوجد بها مقر ولاية جهة درعة – تافيلالت، أن القرار الذي اتخذته السلطات العمومية بتنسيق مع السلطات الصحية بالمديرية الجهوية للصحة، أملته الوضعية الوبائية المقلقلة بالجهة، التي سجل فيها عداد الإصابات بكورونا ارتفاعا مخيفا تجاوز عتبة ثلاثة آلاف حالة، يُوازيها تزايد مضطرد في الحالات الحرجة والصعبة والتي تتوافد على أقسام الإنعاش والعناية المركزة بمستشفيات الجهة، مسجلة ارتفاعا في عدد الوفيات التي تجاوزت 80 حالة وفاة بسبب مضاعفات الفيروس التاجي، ما عجل، يردف المصدر عينه بولاية جهة درعة- تافيلالت، بتنزيل حزمة من التدابير الاحترازية المشددة، لكبح سرعة انتشار الفيروس بأقاليم هذه الجهة. هذا وتقوم التدابير والإجراءات الاحترازية المقررة من قبل سلطات جهة درعة-تافيلالت للحد من انتشار الفيروس بمدن وقرى عمالة الراشيدية، منها الراشيدية المدينة، وأرفود وكلميمة وتنجداد والريصاني وجماعة أوفوس، على إلزامية التوفر على رخصة استثنائية للتنقل من وإلى هذه المدن والقرى المحيطة بها، ومنع جميع أشكال التجمعات، وإغلاق محلات تجارة القرب والواجهات التجارية الكبرى والمقاهي والمطاعم على الساعة السادسة مساء، مع حظر التجوال مع الساعة الثامنة ليلا. أما الشق المتعلق بالأحياء السكنية بالمدن التي تعرف تفشي الوباء، توجب تدابير قرار سلطات عمالة الراشيدية، إغلاق المنافذ المؤدية إلى هذه الأحياء عبر الأحزمة الأمنية، وإخضاع التنقل من وإلى الأحياء المعنية بالإغلاق لرخصة استثنائية للتنقل عند الضرورة، حيث هدد القرار الخارقين لهذه التدابير الاحترازية المفروضة من قبل السلطات العمومية، بتعريضهم للعقوبات والمتابعات التي يقرها قانون الطوارئ الصحية. منتخون غاضبون موازاة مع ردود الأفعال الغاضبة بمدن وقرة عمالة الراشيدية، التي أعقبت قرار سلطات جهة درعة -تافيلالت، طفت على السطح انتقادات لذات قرار إغلاق المدن المهددة بانتشار الفيروس، صادرة عن منتخبين، حيث كشف رئيس الجماعة الحضرية للراشيدية (عاصمة الجهة)، عبد الله هناوي، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، الذي تفجر مؤخرا خلاف بينه وبين والي الجهة، يحضيه بوشعاب، بسبب لجوء الوالي إلى بناء مسرح ومسبح وإحداث حديقة بدون رخصة مسلمة من البلدية بمحاذاة المطار الدولي مولاي علي الشريف ضواحي الراشيدية، (كشف الرئيس) في بلاغ أصدره، يوم أول أمس السبت، بأن مصالح جماعته الحضرية لم تتوصل من والي الجهة بأي وثيقة مكتوبة، تهم القرارات المتخذة مؤخرا في إطار صلاحياته المحددة في المرسوم المؤطر من قبل قانون الطوارئ الصحية، مشددا على أن عددا من تلك القرارات تهم اختصاصات رئيس الجماعة ومصالحها، خصوصا منها تدبير مرافق جماعية مثل الأسواق؛ حيث اتهم رئيس بلدية الراشيدية، عاملها ووالي جهتها، بالسير في الاتجاه المعاكس لما دأبت عليه السلطات الحكومية المركزية، منها وزارة الداخلية ووزارة الصحة وغيرهما من الوزارات المعنية بتدبير جائحة كورونا، وكذا السلطات الترابية في كثير من العمالات والأقاليم، وحرصهم على التشاور مع أعضاء المجالس المنتخبة وإخبارهم بالقرارات المتخذة وإشراكهم فيها لإنجاح المعركة ضد الفيروس التاجي. كما دعا عبر البلاغ عينه والي الجهة إلى تغيير المقاربة المعتمدة في تدبير هذه الوضعية الصعبة، وذلك بالحرص على التعامل مع منتخبي الراشيدية وباقي مدن العمالة، وممثلي التجار والمهنيين بما يلزم من الاحترام والإشراك، لتحقيق شروط التعبئة الشاملة والضرورية لمواجهة هذا الوباء الخطير وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية. آخر الأخبار الآتية من مدينة أرفود، التي عاشت أمس الأحد اليوم الثالث من أيام الإضراب الشامل، الذي تسبب في شلل تام بالمدينة، بعدما أُغلقت جميع المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي والمخابز وغيرها، لممارسة مزيد من الضغط على السلطات لمراجعة قراراتها، وتخفيف التدابير الاحترازية المشددة على التنقل والتجوال ومواعيد إغلاق المحلات، (آخر الأخبار) التي توصلت بها "أخبار اليوم" من مصادرها من هناك، تفيد بأن باشا المدينة فتح حوارا مع المحتجين، وطلب منهم تعليق احتجاجاتهم وانتظار ما ستسفر عنه قرارات اللجنة الجهوية لليقظة والرصد الوبائي، والتي ستعقد اجتماعها منتصف الأسبوع الجاري، وهو نفس الكلام الذي عبر عنه الوالي، يحضيه بوشعاب، خلال استقباله بمكتبه في مقر الولاية بمدينة الراشدية، الخميس الماضي، لممثلين عن جمعيات المجتمع المدني وتجار مدينة كلميمة، الذين احتجوا هم أيضا على قرار إغلاق مدينتهم، حيث نقلوا عن لقائهم بالوالي أن هذا الأخير وعدهم بإمكانية الرجوع إلى الحالة الطبيعية بجميع مدن وقرى عمالة الراشيدية، منتصف الأسبوع الجاري عوض 15 يوما التي قررتها السلطات العمومية، وذلك رهين بتطورات الحالة الوبائية بالمنطقة.