في تصريحات متناقضة، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إنه يرحب بمبادرة من المغرب لتجاوز التوتر القائم بين البلدين، مضيفاً "الجزائر ليس لديها أي مُشكل مع الشعب المغربي الشقيق ولا مع ملك المغرب، وإذا اتخذوا مبادرةً فستكون مُرحباً بها، وأظن أنه يمكنهم القيام بذلك لإنهاء هذا المشكل نهائيا". ترحيب الرئيس تبون بمبادرة مغربية، إن كانت، يأتي، وفق خبراء، فقط من أجل الاستهلاك الإعلامي، خصوصا أنها جاءت في سياق حوار مع منبر إعلامي دولي، علماً أن الملك محمدا السادس كان قد أطلق في خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2018 مبادرة من أجل إطلاق حوار مباشر وصريح مع الجار الشرقي؛ لكن الجزائر تجاهلت "اليد الممدودة" للمملكة المغربية، رغم تجديد الدعوة في خطاب العرش السنة الماضية. وأطلق المغرب، بمناسبة الذكرى ال43 لذكرى المسيرة الخضراء، مبادرة لإحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور مع الجزائر، يتم الاتفاق على تحديد مستوى التمثيلية بها، وشكلها وطبيعتها؛ لكن الرباط ظلت تنتظر، إلى غاية اليوم، مقترحات جزائرية رسمية حول المبادرة المغربية. وفي خطاب عيد العرش لسنة 2019، جدد الملك محمد السادس، من تطوان، "التأكيد على التزام المغرب الصادق بنهج اليد الممدودة تجاه الأشقاء في الجزائر، وفاء منه لروابط الأخوة التي تجمع الشعبين الشقيقين". وتجاهل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في حوار بثته قناة "فرانس 24" مساء السبت، هذه الدعوات المغربية الرسمية في محاولة لتحميل المملكة مسؤولية الوقوف وراء النزاع القائم بين البلدين أمام الرأي العام الدولي، في المقابل قال إنه يرحب بمبادرة مغربية لرأب الصدع إن وجدت. ويرى الموساوي العجلاوي، الأستاذ بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات والخبير في العلاقات المغربية الجزائرية، أن الخرجة الإعلامية للرئيس تبون تكشف بشكل واضح "تناقضات الرجل، وهذه ليست أول مرة يقع في هذا التناقض". وأوضح العجلاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "تبون، ومنذ قدومه إلى السلطة، يعمد إلى توظيف كلمات في خطابه تعتمد على مقاربات سطحية لا تخرج بتاتاً عن الحديث في العموميات"، مشيراً إلى أن ترحيب تبون بمبادرة مغربية جاءت "لإبراز أن الجزائر لا تظهر أي طبيعة عدوانية تجاه المملكة، خصوصا في هذه المرحلة التي كثر فيها الجدل بشأن الطبيعة العدوانية للنظام الجزائري الجديد". وشدد العجلاوي على أن حوار تبون مع "فرانس 24" يؤكد أزمة بناء الدولة المدنية في الجزائر، موردا أن الرئيس الجزائري ليس بيده الحل أو المبادرات في العلاقات مع المغرب لذلك لم يتحدث عن المبادرة المغربية السابقة. وزاد الخبير في العلاقات المغربية الجزائرية أن "هناك اليوم أجهزة أمنية وعسكرية في الجزائر في طور التشكل، وهي التي ستحدد المسارات المستقبلية في العلاقات المغاربية، علما أنه مستبعد وجود أي تغيير مستقبلا في طبيعة هذه العلاقات". وبخصوص عدم تأكيد أو نفي تبون إذا كانت بلاده بصدد بناء قاعدة عسكرية على الحدود ردا على ثكنة عسكرية بجرادة قرب الحدود، أوضح العجلاوي أن هذا التصريح يؤكد عدم صلاحية الرئيس تبون للحديث حول الأمور العسكرية. وأردف المتحدث ذاته أن "هذا الجواب يُبين محدودية سلطة رئيس الجمهورية للنظام العسكري الجزائري، ويؤكد مرة أخرى أن الجيش الجزائري هو الذي يقود الدولة، وبالتالي يستحيل أن يجيب تبون عن أسئلة من هذا النوع". وكانت وسائل إعلام جزائرية مقربة من السلطة كشفت، قبل أيام، اعتزام الجزائر تشييد قاعدة عسكرية إستراتيجية على حدودها مع المغرب، بعد تشييد الرباط قاعدة على بعد 38 كيلومترا من الأراضي الجزائرية. وذكرت المصادر ذاتها، نقلا عن مصادر وصفتها بالرسمية، أن "السلطات في الجزائر قررت بناء قاعدة عسكرية إستراتيجية مقابلة للقاعدة المغربية، وذلك عملا بمبدأ المعاملة بالمثل".