الوضع الأمريكي.. لعنة التكميم إقبار للقيم أم انتصار للقوة؟ "لا أستطيع التنفس!" هذه العبارة المؤثرة التي رددها جورج فلويد، المواطن الأمريكي من أصول إفريقية، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة خنقا تحت ركبة شرطي، حيث تجاوز تأثيرها كل التوقعات، وانتشرت كالنار في الهشيم بين رواد وسائط التواصل الاجتماعي، وتفاعل ملايين المغردين والمدونين مع الطريقة الوحشية التي تمت بها عملية القتل، ووحدت قيم الإنسانية مضمون الشعارات المناهضة للعنصرية والممارسات التي يتعرض لها بشكل شبه يومي مئات الأشخاص عبر العالم على اختلاف دياناتهم وأجناسهم وألوانهم. ليست هذه المرة الأولى التي يثار فيها الجدل حول قضايا قتل المواطنين ذوي البشرة السمراء على يد الشرطة الأمريكية؛ لكنه لأول مرة يتم تدويل قضية الميز العنصري بهذا الشكل بأمريكا، حيث اتخذت أبعادا سياسية واجتماعية واقتصادية تتعارض ومبادئ أكبر دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، وانفجرت أعمال العنف التي تخللت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن أمام مبنى البيت الأبيض، مما يعكس حجم الاحتقان الشعبي الذي فجرته الظروف الصحية واقتصادية التي أعقبت فشل الإدارة الأمريكية في تدبير جائحة كورونا، والتي خلفت وفاة أكثر من مائة ألف أمريكي، وأزيد من أربعين مليون شخص دون وظيفة، وكان هذا سببا كافيا في اتساع رقعة الاحتجاجات وتبيان حجم تداعياتها البشرية والمادية في البلاد، مما ينبئ بربيع أمريكي استثنائي يهدد استقرار واحدة من القوى العظمى التي صنعت التاريخ المعاصر. فهل ستنجح محاولات ترامب، المبنية على استخدام القوة العسكرية، في فرض النظام والأمن أم ستؤدي إلى خلق معارضة شرسة من قبل المحتجين؟ وإلى أي حد ستؤثر مخرجات الأزمة الداخلية على موقع أمريكا في صراعها مع القوى العظمى على تحديد طبيعة النظام العالمي لما بعد كورونا؟ مقتل جورج فلويد.. بعث لروح النضال وإحياء للماضي أعادت أحداث مينيابوليس إلى الأذهان الصراع الأهلي الذي شهدته البلاد ما بين (1861 - 1865) أو ما يصطلح عليه بحرب الانفصال التي كان الرق سببا رئيسا في اندلاعها، حيث أعلنت إحدى عشرة ولاية جنوبية انفصالها عن باقي الولايات الشمالية بقيادة جيفرسون ديڤيس، الشيء الذي لم يستسغه أبراهام لينكولن رئيس الحكومة الفيدرالية التي عرفت ب«الاتحاديين»، والذي كان يعارض بشكل كبير مسألة الانفصال وتوسيع العبودية. وبين القرار الرافض للانفصال ونظيره المتشبث برغبة التوسع، اندلعت حرب أهلية بين الجنوب والشمال، واستمرت ما يقارب أربع سنوات كلفت البلاد خسائر مادية وبشرية صنفت بالأسوأ في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية، انتهى الصراع الدموي باستسلام الجنوب الذي كان يعاني مجموعة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وانتصار الاتحاديين الذين أعلنوا نهاية العبودية، حيث أصدر الرئيس لينكولن أمرا تنفيذيا يقضي بإلغاء الرق في الولايات الكونفدرالية سنة 1863، ممهدا بذلك الطريق أمام التعديل الثالث عشر للدستور الذي أقره مجلس الشيوخ في أبريل 1864، والقاضي بإلغاء العبودية على مستوى جميع الولاياتالأمريكية، وتم التصديق عليه في ديسمبر 1865. نجحت أمريكا في توحيد ولاياتها؛ لكنها لم تستطع القضاء على مشكلة الميز العنصري المتجذر في الذاكرة الثقافية للأمريكيين، فتمظهراتها تشمل مختلف مناحي حياة المواطنين ذوي البشرة السمراء، حيث يعيش معظمهم داخل أحياء تنتشر فيها جل أنواع الجريمة، مما يحيلنا على حقيقة تشكيل هذه الفئة لمجتمعات خاصة بهم أثناء الإعمار والنزوح العظيم من ولايات الجنوب، وهي تعبر في الوقت نفسه عن حجم الهوة بين البيض والسود داخل نفس المجتمع، لم تستطع مجهودات النخبة المنتمية لهذه الفئة إلغاء الميز العنصري الممنهج ضد الأفارقة الأميركيين، بحيث استمرت الممارسات المعادية لهم بسبب لون بشرتهم التي تختزل الجانب المظلم للحضارة الأمريكية المبنية على قيم العدالة والمساواة، كما لم يمكن انتخاب الرئيس بارك اوباما ذي البشرة السمراء لولايتين متتاليتين من تحقيق التجانس بين مكونات المجتمع الأمريكي، ولم تخل ولايته الرئاسية من جرائم عنصرية، كما لم تنجح القوانين المتعلقة بمناهضة كل أشكال التمييز القائمة على أساس الدين والمعتقد أو الجنس واللون في اجتثاثه. اللجوء إلى تبني أسلوب الإدارة بالأزمات والكشف عن المستور لا يعتبر حادث مقتل جورج فلويد الأول من نوعه، كما سبقت الإشارة إليه أعلاه، فهي لا تشكل سوى حلقة من سلسلة جرائم الميز العنصري بين رجال الأمن والمواطنين ذوي البشرة السمراء، فقد قتل قبله مايكل براون ورودني كينغ.... والتي غالبا ما كانت تنتهي بإخلاء سبيل قاتليهم من قبل هيئة المحلفين بدعوى أنها تصرفات تندرج ضمن الدفاع المشروع عن النفس؛ غير أن السياق الذي وقعت فيه جريمة قتل جورج فلويد جعل منها كرة الثلج التي لم تعد تحتمل، وتجاوزت الشعارات مناهضة الميز العنصري لتمتد إلى مطالبة شعبية بالإصلاحات؛ وهو ما سبب حرجا كبيرا للمسؤولين في البيت الأبيض، واضطر الرئيس ترامب للتهديد باستعمال القوة العسكرية لفرض الأمن والنظام، وهو ما زاد من تصعيد في مجرى الأحداث، وجعل أغلب المحللين الأمريكيين يتكلمون عن ربيع أمريكي بطله مواطن يعاني من البؤس والعنصرية على غرار بوعزيزي الياسمين في تونس. كشفت مناهضة قوات الأمن لأعمال الشغب، التي تخللت المظاهرات في بعض المدن الأمريكية، عن تناقض كبير في سياسة هذه الأخيرة؛ ما أدى بالبعض إلى اتهامها بتبني ازدواجية الخطاب في تدبير الأزمات بسبب استخدام القوة المفرطة لتفرقة المتظاهرين، وهو الأمر الذي طالما نددت به الخارجية الأمريكية بشكل مستمر، وتطالب الدول بتجنب استعماله، وتحثها على ضرورة نشر قيم المساواة لتحقيق العدالة باعتبارها نموذجا يحتذى به في تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، الشيء الذي عجزت عن القيام به في اختبار يعتبر الأصعب باعتبار الظرفية التي يمر منها العالم، وحساسية الموقف الذي يرتبط بصورة أمريكا راعية السلام الدولي، مما يجعلنا أمام سيناريوهات واحتمالات باتت حتى الأمس القريب دربا من دروب المستحيل، خصوصا خلال العشرية الأخيرة من القرن العشرين. وللأسف، فإن معظمها يصب في وأد وإقبار القيم المشبعة بفلسفة التنوير التي كرمت الفرد ومنحته الحق في الحياة الكريمة ومتعته بالحرية وجعلت من التسامح والإخاء أسسا للنهضة الإنسانية. إن من شأن لهجة الرئيس الأمريكي المستفزة حول ما آلت إليه الأوضاع أن تصعد من حدة المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وترفع أيضا من سقف مطالب الشعب الأمريكي الذي تأثر أكثر من غيره بجائحة كورونا بسبب تراخي الإدارة الأمريكية في اتخاذ الإجراءات والتدابير لحماية مواطنيها من تداعيات هذا الوباء، الشيء الذي سينعكس سلبا على أسهم ترامب في بورصة السياسة، وستؤثر بشكل كبير على حظوظه في الانتخابات المقبلة، ولجوء الإدارة إلى تبني القوة لفض المظاهرات يوضح ضعفها سياسيا في احتواء الأزمة، بعدما عجزت عن تسوية الوضع بشكل سلمي، وهي بذلك تضع المواطن الأمريكي في مواجهة الدولة، وتلغي دور المؤسسات التي تحمي قضايا حقوق الإنسان وتقيد حركتها، وهذا من شأنه أن يحمل المسؤولية كاملة لترامب، الذي اختار استخدام القوة، وتضمين خطابه لعبارات قوية ومستفزة بعدما نعت المتظاهرين بالإرهابيين، مما قد يعصف بتاريخه السياسي، ويؤثر على صورة أمريكا الخارجية، حتى لو نجح في ضبط الأمن والسيطرة على الأوضاع داخليا. تصورات إدارة الأزمة الأمريكية من الداخل عرى الفيروس التاجي على حقيقة القوى الليبرالية بعدما كشف عن ضعفها وفشلها في تدبير تداعيات هذا الوباء، مما انعكس سلبا على أوضاع الفئات الهشة داخل مجتمعاتها، وسمح لبعض الظواهر بأن تطفو على واجهة الأحداث من جديد، ومن بينها الميز العنصري؛ فلقد أدت جريمة اغتيال جورج فلويد إلى تحريك المسكوت عنه في أمريكا وفرنسا وكندا بالإضافة إلى مجموعة من الدول التي خرجت شعوبها للتعبير عن مناهضة الميز العنصري، وهذا يحيلنا على حقيقة الإيديولوجية الليبرالية والتشكيك في مبادئها وأسسها التي رافق تنزيلها جدلا دوليا كبيرا بعد نهاية الحرب الباردة. إن الصراع بين الغرب والشرق لم ينته بعد، والأزمات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة التي يشهدها العالم الغربي ستدفعه لا محال إلى التنازل عن القيم ومبادئ الديمقراطية للحفاظ عل مكانتها دوليا، فهذه الأخيرة لم تكن سوى أداة لتلميع صورتها وتكريس الاستعلاء الغربي في صراعها الإيديولوجي مع الاتحاد السوفياتي سابقا، ولجوء ترامب إلى استعمال القوة العسكرية يؤكد هذه الفرضية، واستمرار العنصرية داخل مجتمع يعتبر نفسه راعيا للحرية والعدل والمساواة، فيه تناقض كبير يطرح أكثر من علامة استفهام، قد نجد جوابا لها في أطروحة «فوكوياما» القائمة على كون الديمقراطية الليبرالية بقِيَمها عن الحرية الفردية والمساواة والسيادة الشعبية ومبادئ الليبرالية الاقتصادية تشكل مرحلة نهاية التطور الإيديولوجي للإنسان وبالتالي عولمة الديمقراطية الليبرالية كصيغة نهائية للحكومة البشرية. وبناء على ما تم تبيانه أعلاه يمكن القول بأن ما يقع في أمريكا من أحداث وتداعياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية على المستويين الوطني والدولي، يمكن اختزاله في تصورين: التصور الأول: لم تنجح شعبوية الرئيس ترامب في احتواء الأزمة التي أوقدت نار العنصرية فتيلها بأمريكا، وأصبح اللجوء إلى فرض الأمن والنظام بالقوة العسكرية ضرورة حتمية لتجاوزها، خصوصا بعدما تجاوز سقف مطالب الاحتجاجات مناهضة التمييز العنصري إلى مطالب إصلاح شعبية تقودها جل أطياف وألوان الشعب الأمريكي، مما قد يعصف بالتاريخ السياسي لترامب الذي لجأ إلى اعتماد أسلوب المناورة ملقيا اللوم على منظمة الصحة العالمية كحل لإخفاء عجزه في تدبير تداعيات الفيروس التاجي الذي بعثر أوراق القوى الليبرالية عبر العالم وهز تلك الصورة للبلدان الرائدة بينها في المجال الصحي، وتمسكه باستخدام القوة لإفشال المؤامرة التي تحاك ضد النظام الأمريكي من قبل جهات معينة هي من تأليفه ووحي خياله، ومجرد ذريعة لاعتبارات عديدة. إن ما يقع اليوم في أمريكا من حراك اجتماعي احتجاجا على فشل الإدارة الأمريكية في تصريف تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ سنة 2008، وزادت من ضراوتها التأثيرات المباشرة لجائحة كورونا، ومقتل جورج فلويد الوحشي، كل هذا من الممكن أن يؤدي إلى إقالة الرئيس ترامب أو دفعه إلى تقديم استقالته على غرار ما فعله الرئيس السابق ريتشارد نيكسون سنة 1974 عن نفس الحزب (الجمهوري) على خلفية ما أصبح يعرف بفضيحة ووترجيت (Watergate scandal)، وليس من المستبعد أن تكون خيوط المؤامرة قد نسجت داخل أسوار مبنى البيت الأبيض للتملص من المسؤولية والمتابعة، وفي الوقت نفسه احتواء الانفجار الاجتماعي الذي كان متوقعا حدوثه في ظل تقاعس الإدارة الأمريكية في اتخاذ تدابير وإجراءات ضد جائحة كورونا، مما يدفعها إلى البحث عن أسلوب جديد لإدارة الأزمة وتغطية الفشل السياسي، ولو اقتضى الأمر استخدام القوة والعنف المستبد كما جاء في كتاب "التنين" للمفكر والفيلسوف توماس هوبز، وهو ما سيؤثر على حظوظ الجمهوريين في انتخابات نونبر المقبل، ويبقى هذا هو السيناريو الأقرب لما يقع اليوم بلاد العم سام . التصور الثاني: يرتكز هذا التصور على قضايا الميز العنصري كمحرك لما يجري الآن بأمريكا، وليس كسبب أساسي في انفجار الاحتقان الاجتماعي الذي يعود بسبه إلى التراكمات التي خلفتها الأزمة الاقتصادية في هذا البلد. كما نعلم، فالتمييز العنصري متجذر في ثقافة المجتمع الأمريكي الذي شهد تاريخه العديد من الجرائم المماثلة في هذا الشأن، قد يتساءل البعض بخصوص حجم التداعيات وسرعة انتشارها على خلفية مقتل جورج فلويد، وكذا وأعداد المتظاهرين على اختلاف ألوانهم وأجناسهم، إنه أمر طبيعي جدا في ظل الظروف التي تعيشها أمريكا بسبب الفيروس التاجي، ولا يمكن الحديث البتة عن بوادر ثورة وإنما هو مجرد حادث عرضي ناتج عن الذبذبات التي هزت مواقع القوة في النظام العالمي وأعادت النقاشات الإيديولوجية إلى الواجهة. لهذا، تسعى الإدارة الأمريكية إلى معالجته بجميع الطرق حتى لو كلفها ذلك رمزيتها وصورتها في إدارة شؤون العالم، وهذا مستبعد في غياب تنديدات رسمية ضد استخدام ترامب للقوة العسكرية من أجل الحفاظ على أمن واستقرار المجتمع الأمريكي باعتباره شان داخلي وهو حق تكفله مبادئ القانون الدولي. إن الصراع بين الغرب والشرق لم ينته بعد، والأزمات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة التي يشهدها العالم الغربي ستدفعه لا محال إلى التنازل عن القيم ومبادئ الديمقراطية للحفاظ عل مكانتها دوليا؛ فهذه الأخيرة لم تكن سوى أداة لتلميع صورتها وتكريس الاستعلاء الغربي في صراعها الإيديولوجي مع الاتحاد السوفيتي، ولجوء ترامب إلى استعمال القوة العسكرية يؤكد هذه الفرضية، واستمرار العنصرية داخل مجتمع يعتبر نفسه راع للحرية والعدل والمساواة فيه تناقض كبير يضع أكثر من علامات الاستفهام، قد نجد جوابا لها في أطروحة "فوكوياما " القائمة على كون الديمقراطية الليبرالية بقِيَمها عن الحرية الفردية والمساواة والسيادة الشعبية ومبادئ الليبرالية الاقتصادية تشكل مرحلة نهاية التطور الإيديولوجي للإنسان وبالتالي عولمة الديمقراطية الليبرالية كصيغة نهائية للحكومة البشرية. انتقال الريادة من الغرب إلى الشرق إن ما يجري في أمريكا، اليوم، لن يوقف صراع الريادة بينها وباقي الدول العظمى في العالم، وان خسرت مبادئها الإيديولوجية التي دافعت عنها وشكلت أحد أهم مظاهر النظام العالمي الجديد لفترة ما بعد الحرب الباردة، مما ينبئ ببداية حرب إيديولوجية جديدة أخرى حول ماهية النظام العالمي وطبيعته لمرحلة ما بعد كورونا، خصوصا أمام عجز قيم الليبرالية في اجتثاث مفهوم العنصرية من مجتمع يعتبر رمزا لها، وهذا ما يؤكد نظرية العالم والسياسي الأمريكي صامويل هانتنجتون حول صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي، حيث تناول مسألة الاختلافات الثقافية كمحرك رئيسي للنزاعات بين البشر لفترة ما بعد الحرب الباردة، بحيث سيكون هناك تعدد حضاري وإيديولوجي بعد فشل أمريكا في تكريس ثقافة مليئة بالتناقض الناتج عن تعارض مصالح الدولة ومطالب الشعب، وهو ما يتناسب ومنطق روزفلت الذي جسدته مقولته الشهيرة «أتحدث بلطف لكنني أحمل عصا غليظة»، منطق لازم جل مشاركاتها في تدبير الأزمات الدولية، وهذا ما حاولت أمريكا إضماره دائما من خلال تلميع صورة تدخلاتها الخارجية، وتغليفها بقيم الإنسانية والديمقراطية، وهو ما فشلت اليوم في بلورته على أرضها؛ فمقتل جورج فلويد وتداعياته القانونية والسياسية والاجتماعية سيؤثر على موقع أمريكا في صراعها الذي تخوضه مع الصين وروسيا وباقي الدول العظمى، والتعدد الثقافي سيحد من دور الإيديولوجية الليبرالية في دعم الأحادية القطبية التي تسيدت المشهد السياسي لسنوات ما بعد الحرب الباردة، وكعامل مهم في استتباب السلم والأمن الدوليين من منظور القوى الليبرالية، ناهيك عن تراجع قدراتها الاقتصادية بعد نزيف دام لأزيد من عقد. أمام هذه المعطيات، تظل فرضية ريادة القطب الشرقي من خلال عملية انتقال من الغرب إلى الشرق أمرا واردا جدا، بعد تراجع التأثير الإيديولوجي. *باحثة في القانون الدولي