نددت حكومة الوفاق الوطني الليبية، التي تعترف بها الأممالمتحدة، بما اعتبرته "انقلابا جديدا" على السلطة يقوده المشير خليفة حفتر، بعد إعلان حصوله على "تفويض شعبي لإدارة الحكم وإسقاط الاتفاق السياسي" الذي وقعه الليبيون في مدينة الصخيرات المغربية قبل نحو خمسة أعوام. وفي خطاب متلفز ألقاه من بنغازي، شرق ليبيا، أعلن المشير حفتر "إسقاط الاتفاق السياسي الموقّع في الصخيرات سنة 2015، وحصوله على "تفويض شعبي" لإدارة البلاد بدون تحديد كيفية ذلك. ولا يعترف حفتر، المدعوم من البرلمان المنتخب ومقرّه في شرق ليبيا، بشرعية حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأممالمتحدة وشُكلت بموجب اتّفاق الصخيرات. وقالت حكومة الوفاق الوطني، التي مقرها في طرابلس، في بيان: "في مسرحية هزلية، يعلن المتمرد عن انقلابٍ جديد يضاف إلى سلسلة انقلاباته التي بدأت منذ سنوات". وأضافت بأن حفتر "انقلب حتى على الأجسام السياسية الموازية التي تدعمه والتي في يوم ما عينته، وبذلك لم يعد في مقدور أحد أو أي دولة التبجح بشرعيته بأي حجة كانت"، في إشارة إلى البرلمان المنتخب الذي نصبه قائدا عاما "للجيش الوطني". واعتبرت أن ما أعلنه حفتر، الذي يحاول منذ أبريل 2019 السيطرة على العاصمة طرابلس، هو "خطوة توقعناها ليغطي بها على الهزيمة التي لحقت بميليشياته ومرتزقته الإرهابية، وفشل مشروعه الاستبدادي للاستحواذ على السلطة، وليستبق مطالب متوقعة بمحاسبته لمغامرته الفاشلة التي لم تحقق شيئا سوى مقتل وإصابة ونزوح مئات الآلاف وتدمير الكثير من مقدرات الوطن". ودعت أعضاء البرلمان المنتخب في شرق ليبيا إلى "الالتحاق بزملائهم في طرابلس، لنبدأ الحوار الشامل ويستمر المسار الديمقراطي وصولاً إلى حل دائم عبر صناديق الاقتراع". ولم يصدر عن البرلمان المنتخب أي تعليق، حتى الآن، على ما أعلنه حفتر. إعلان أحادي في أول رد فعل غربي عن إعلان حفتر توليه السلطة من خلال تفويض شعبي، عبرت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن أسفها لهذه الخطوة ووصفتها بإعلان "أحادي الجانب". وأعربت السفارة الأمريكية لدى ليبيا، في بيان، عن "أسفها لاقتراح المشير حفتر التغييرات في الهيكل السياسي الليبي، وفرضها من خلال إعلان أحادي الجانب". وحثت السفارة الأمريكية قوات "الجيش الوطني" على الانضمام إلى حكومة الوفاق الوطني في إعلان "وقف فوري" للأعمال العدائية لدواعٍ إنسانية ممّا يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفقا لخارطة الأممالمتحدة بخصوص تسوية الأزمة الليبية. كما رحبت بأي فرصة لإشراك حفتر وجميع الأطراف، في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدّم في البلاد، بحسب البيان. وفور إعلان حفتر قوبل "التفويض الشعبي" لإدارة الحكم في ليبيا، أكدت بعثة الأممالمتحدة للدعم استمرار تواصلها مع الفرقاء الليبيين لإيجاد حل سياسي وإيقاف الحرب. وقالت بعثة الأممالمتحدة، في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي على الأنترنيت، "ضمن جهودها لإيقاف الحرب وإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية عبر التواصل مع الفرقاء، تواصلت هاتفيا الممثلة الخاصة للأمين العام بالإنابة، ستيفاني ويليامز مع المستشار عقيلة صالح (رئيس المجلس النيابي الليبي) للتشاور، وتطرقت إلى مبادرة المستشار صالح التي اعتبرتها وليامز إشارة إيجابية". وأبدت ويليامز ترحيبها بجميع المبادرات التي "لا تستثني أحداً"، وتسعى إلى إنهاء حالة الاقتتال والانقسام والعودة إلى الحوار السياسي في إطار مخرجات مؤتمر برلين، في إشارة إلى عدم دعم خطوة المشير حفتر بتولي السلطة. كما أكدت الممثلة الخاصة أهمية "الإنصات لليبيين في نداءاتهم المتواصلة للدخول في هدنة إنسانية"، لإنهاء حالة الحرب نهائيا بما يتناسب مع مصلحة الليبيين عامة. وكان المستشار عقيلة صالح، رئيس البرلمان المنتخب والمنعقد في شرق ليبيا، قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى إحياء الحوار السياسي، وضرورة تشكيل سلطة سياسية جديدة، لوقف الاقتتال بين الليبيين. ومنذ 2015، تتنازع الحكم في ليبيا سلطتان: حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السرّاج ومقرّها طرابلس في الغرب، وحكومة موازية يدعمها المشير حفتر والبرلمان المنتخب في شرق البلاد. وأناط الاتفاق السياسي، الذي وقعه الفرقاء الليبيون نهاية عام 2015 بالصخيرات في المغرب، السلطة السياسية في البلاد بالبرلمان المنتخب عام 2014 (سلطة تشريعية) والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني (سلطة تنفيذية)، إلى جانب المجلس الأعلى للدولة (استشاري). وحسب الأممالمتحدة، قُتل المئات وشُرد أكثر من 200 ألف شخص منذ بدأ حفتر هجومه للسيطرة على طرابلس في أبريل 2019.