وجهت مجموعة من الجمعيات خلال الأيام الأخيرة دعوات إلى السلطات العمومية لفتح القاعات المغطاة ومراكز الإيواء لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع، بعد اتخاذ قرار فرض حالة الطوارئ الصحية للحد من انتشار فيروس "كورونا" المستجد، لكنّ هذه الدعوات لم يواكبْها تفكير في ما بعد فترة الإيواء، حيث سيُرغم هؤلاء على العودة مرة أخرى إلى الشارع، مع ما لذلك من تأثيرات نفسية عليهم. جمعية "كلنا معاك" لإدماج الأشخاص في وضعية صعبة، المتواجدة في مدينة الرباط، نبهت إلى أن إيواء الأشخاص في وضعية الشارع في مراكز الإيواء والقاعات المغطاة، خلال الفترة التي ستستغرقها حالة الطوارئ الصحية، المقرر أن تمتد إلى غاية 20 أبريل، قد لا يكون قرارا ملائما، "لأن إخراج هؤلاء الأشخاص من هذه المراكز بعد أسابيع سيكون سلوكا غير إنساني، وستكون له انعكاسات سلبية على نفسيتهم"، بحسب رئيسة الجمعية، نسرين لوزي. وتوالت دعوات مجموعة من الجمعيات وعدد من النشطاء المدنيين لإيجاد مآوي للأشخاص في وضعية الشارع منذ إعلان السلطات المغربية فرض حالة الطوارئ الصحية لإبطاء انتشار فيروس "كورونا" المستجد، لحماية هذه الفئة المجتمعية من الإصابة بالفيروس أو نقله، خاصة وأنها تعيش في ظروف تنعدم فيها شروط الحماية، وفي مقدمتها النظافة التي هي من أبرز عناصر الوقاية من الإصابة بالوباء العالمي الجديد. وعمدت السلطات في بعض المدن إلى فتح القاعات المغطاة وبعض المراكز لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع، وفي حالات أخرى تمت إعادة عدد منهم إلى أسرهم، لكن جمعية "كلنا معاك" ترى أن هذه الحلول توازيها إشكالات، ذلك أن الأشخاص الذين يهربون من بيوتهم يفعلون ذلك بسبب ظروف قاهرة، وإجبارهم على العودة إليها يعني تعريضهم لضغوط ستؤزّم وضعيتهم النفسية أكثر. وذهبت نسرين لوزي إلى القول إن الظروف الصعبة التي تعيشها أسَر الأشخاص الذين اضطروا إلى العيش في الشارع قد تدفعهم إلى الانتحار بسبب الضغوط. ولتجاوز هذه الإشكالات، ناشدت الجمعية المذكورة سلطات العاصمة تمكينها من استغلال ملاعب القرب، لنصب خيام لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع، باعتبار أن هذا الحل قد يكون أقلّ ضررا من الناحية النفسية عليهم بعد انتهاء فترة الإيواء، بحسب نسرين لوزي، التي أضافت، في تصريح لهسبريس، أن الجمعية ستلتزم بضمان شروط السلامة الصحية بما ينسجم مع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة. وأوردت نسرين أن "أحسن فضاء يمكن يأوي الأشخاص في وضعية الشارع خلال هذه الفترة هو الخيام في ملاعب القرب، لأنهم سيشعرون بأنهم لم يبتعدوا كثيرا عن فضاء الشارع، بخلاف المراكز والقاعات، حيث لا يمكن أن نأتي ونطلب منهم المغادرة بعد أسابيع قليلة، لأن هذا سيكون تصرفا غير إنساني، ونحن ملتزمون باحترام تدابير السلطات، من توفير مواد التنظيف واحترام مسافة الأمان بين الأشخاص، وغيرها". واعتبرت الفاعلة الجمعوية أن عمليات نقل الأشخاص في وضعية إعاقة إلى مراكز الإيواء قد تنطوي في حد ذاتها على مخاطر الإصابة أو نقل فيروس "كورونا" المستجد، حيث يتم تجميعهم في سيارات النقل بشكل جماعي دون مراعاة شروط الحماية الضرورية، كمسافة الأمان بين شخص وآخر. وكانت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة قد أطلقت حملة في مجموعة من المدن المغربية لإيواء الأشخاص في وضعية الشارع خلال فترة حالة الطوارئ الصحية. وبلغ عدد الأشخاص الذين رجعوا إلى أسرهم، إلى حدود يوم الأحد الماضي، 59 حالة، بحسب تصريح الوزيرة الوصية على القطاع لبرنامج إذاعي.