مع تزايد عدد الإصابات المؤكدة بفيروس "كورونا" في المغرب، وتفعيل السلطات لإجراءات صارمة لإبقاء الناس في بيوتهم؛ لا زالت نسبة كبيرة من الأشخاص المشردين تجوب شوارع المدن المغربية، بعد عمليات محدودة لإيواء هذه الفئة في بعض المدن. وأطلق ناشطون عريضة موجهة إلى رئيس الحكومة المغربية، على موقع "أفاز" لتوقيع العرائض الإلكترونية، يدعون فيها إلى فتح القاعات المغطاة، والمساجد، لإيواء الأشخاص المشردين. ونوّه الموقعون على العريضة بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات لمحاصرة "فيروس كورونا"، وحماية الساكنة من هذا الفيروس، لكنهم نبهوا إلى أن جزءا كبيرا من هذه الساكنة يوجد في الشارع، بدون مأوى وبدون حماية، داعين السلطات إلى إيوائهم في المساجد والقاعات المغطاة، لحمايتهم من الفيروس أو منع نقلهم إياه إلى أشخاص آخرين، إلى أن تمر الأزمة الحالية. وتعليقا على موضوع استمرار تواجد الأشخاص المشردين في الشوارع في الظرفية الراهنة، قال عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن هذه الشريحة من المجتمع تتشكل من مختلف الأعمار، غالبيتهم يعانون من أمراض نفسية أو عضوية، أو هما معا، واحتمال إصابتهم بفيروس "كوفيد-19" احتمال قوي"، وفق تعبيره. أكثر من ذلك، يشير الخضري، في حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن الأشخاص المشردين ليسوا فقط عرضة للإصابة بفيروس "كورونا" المستجد، بل قد يكونوا سببا في نشر هذا الفيروس في الشوارع والأحياء، مضيفا: "هذا الموضوع يؤرقنا". لا تتوفر أرقام دقيقة حول عدد الأشخاص المشردين في المغرب، ففيما تتحدث الأرقام الرسمية عن سبعة آلاف شخص، تقدر الجمعيات الحقوقية عددهم بعشرات الآلاف، وأيا كان العدد، فإن الأهم، في الظرفية الراهنة، بالنسبة إلى الفاعلين المدنيين العاملين في هذا المجال، هو حماية هذه الفئة المجتمعية من مخاطر "كورونا". وينبّه عبد الإله الخضري إلى أن الأشخاص بدون مأوى "مجردون من كل وسائل الحماية"، مضيفا: "العديد من المناضلين والمناضلات في المركز المغربي لحقوق الانسان اتصلوا بي، خاصة من الدارالبيضاء وطنجة والناظور ووجدة، يتساءلون ماذا هيأت الحكومة لهذه الفئة المنسية المعرضة لشتى صنوف العدوى". وبالرغم من إطلاق وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، مبادرة لإيواء المشردين في وضعية الشارع، مكّنت من إيواء حوالي 300 شخص، فإن هذه المبادرة، وإن كانت مهمة وضرورية، بحسب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، فإنها غير كافية، معتبرا أن مشكل الأشخاص في وضعية الشارع "لا زال قائما وبقوة، وممثلو السلطات العمومية ليست لديهم حلول جاهزة". وبادرت السلطات بتنسيق مع المجالس الترابية في عدد من المدن، مثل القنيطرة والقصر الكبير وإنزكان، إلى التحرك قصد توفير الحماية للأشخاص المشردين من الإصابة بفيروس "كورونا"، إذ تم إيواؤهم في مآوٍ خاصة، مثل القاعات الرياضية المغطاة. ويرى الخضري أن هذه المبادرة ينبغي أن تتوسع، مع إشراك مختلف القطاعات والمؤسسات فيها، من أجل إيجاد حل ناجع لإجلاء هؤلاء الأشخاص من الشارع، كإرغامهم على الالتحاق بأهاليهم، أو إيجاد ملاجئ لإيواء غالبيتهم، تتوفر فيها شروط النظافة، وتضمن لهم حياة كريمة. وفي ظل عدم توفر ما يكفي من المؤسسات الاجتماعية الخاصة بإيواء الأشخاص في وضعية الشارع، اعتبر الخضري أن جزءا من حل هذا المشكل يكمن في إعادة استغلال عدد من المباني المتخلى عنها، مؤقتا، وجعلها مأوى لهم، مشيرا، في هذا الإطار، إلى مستشفى بنصميم المهجور، والذي تتوالى الدعوات إلى تأهيله وتجهيزه وإعادة فتحه. ويتولى عدد من جمعيات المجتمع المدني، في مختلف مناطق المغرب، تقديم يد المساعدة للأشخاص المشردين، لكن دور هذه الجمعيات، كما يرى الخضري، "لن يكون كافيا بأي حال من الأحوال، لذلك على الدولة أن تتدخل بكل قوة، ولو اقتضى الأمر تشييد ملاجئ متنقلة مؤقتة في مناطق محددة لهذا الغرض، حتى تمر هذه الجائحة الرهيبة".