مكّنت "مغارة وحيدي القرن" الموجودة بمقلع أولاد حميدة 1 بالدارالبيضاء من اكتشاف أقدم المستحاثات لحيوانات تمّ استهلاكها داخل مغارة من طرف الإنسان بالقارة الإفريقية. ووفق بلاغ مشترك، فإنّ المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، والمركز الوطني للبحث العلمي، والمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس، وجامعات بوردو وبول فاليري ومونبوليي 3 الفرنسية، ومعهد ماكس بلانك للتطوّر البشري بألمانيا، قد اكتشفوا "عظام ظباء وحمار وحشي تحمل آثار جزارة، مرفوقة بالعديد من بقايا أخرى لثديّيات ومستحثّ بشري وأدوات حجرية". ووجدت هذه المستحاثّات بموقع أشولي مؤرّخ بسبعمائة ألف سنة في مدينة الدارالبيضاء، وتوفر أولى العناصر، وفق دراسة علمية نشرت الاثنين بمجلة التقارير العلمية، بخصوص المعطيات المتعلقة بسلوكيات عيش هؤلاء البشر بإفريقيا الشمالية عند بداية فترة البلايستوسين الأوسط. وعثر في المستويات الأشولية لمغارة وحيدي القرن، وفق البلاغ الذي عمّمه المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، على سبعة وثلاثين من البقايا العظمية التي تشهد على أنشطة الجزارة، وتمّ تحديد خطوط وتأثيرات الطرق، وآثارِ أسنان بشرية فوق عدّة عظام طويلة لحيوانات عاشبة، تدل على أنشطة سلخ الجلود وتفكيك العظام وتقطيع واستهلاك اللحوم واستخلاص النخاع. وذكر المصدر نفسه أنّه رغم أنّ أغلبية المجموعة العظميّة المتحجّرة تجمّعت بالمغارة بفعل تدخّل العديد من الحيوانات اللاحمة الموجودة بالموقع، ضبع ونمر وابن آوى، فإنّ "تمركز هذه العلامات على سطح الهيكل العظمي يؤكّد استباق الإنسان إلى الحصول على بعض الفرائس عن طريق الافتراس أو الكسح مع نقل بعض الأجزاء إلى الموقع". وأورد البلاغ أنّه "خلال مستهلّ البلايستوسين الأوسط بأفريقيا، يظلّ التنافس قويّا بين الحيوانات المفترسة والإنسان، سواء فيما يخصّ الموارد أو المساكن". وأضاف أنّ "مغارة البقايا البشرية" الموجودة في موقع مجاور ل"مغارة وحيدي القرن"، وتؤرّخ بالفترة ذاتها تقريبا، قد اكتشفت فيها عدّة بقايا بشرية في مستوى هو بمثابة عرين حيوانات لاحمة، ضمنها جزء من عظم فخذ إنسان تظهر عليه آثار الاستهلاك من طرف حيوان لاحم كبير يرجّح أنّه ضبع. تجدر الإشارة إلى أنّ برنامج البحث المغربي الفرنسي "ما قبل التاريخ بالدارالبيضاء" يندرج في إطار تعاون ثنائي بين المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة والشباب والرياضة، ووزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية، وجامعة بول فاليري بمونبوليي، وهو برنامج يموّل أيضا من طرف قسم التطوّر البشري بمعهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية بلايبزيغ في ألمانيا، ومشروع لابيكس أرشيميد، وجهة أكيتان، ومساهمات كوليج فرنسا، ومتحف التاريخ الطبيعي بباريس، وجامعة بوردو. ووقّع البحث المنشور حول "اكتشاف أقدم آثار الجزارة داخل مغارة بإفريقيا حوالي 700.000 سنة بمغارة وحيدي القرن بالدارالبيضاء في المغرب" كل من كامي دوجار، كريستوف فالكير، كينغفينغشاوو، دوني جيرادتز، جون جاك إيبلان، دافيد لوفيفر، محسين الجراوي، ماتيو ريي، روزاليا كالوتي، فانسول ديلفين، ألان كيفيليك، إسليم بن عروس، ألفيي طومبير، عبد الرحيم محب، وجون بول راينال.