الدولي المغربي السابق محسن بوهلال في ذمة الله    خريبكة .. الأمن يواصل الحرب ضد المخدرات والمؤثرات العقلية    إقليم شفشاون.. أربعيني يُنهي حياته في ظروف غامضة    العثور على جثة اربعيني تطفو فوق مياه بحيرة مارتشيكا بالناظور    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الأحمر    "لارام" والموريتانية للطيران تبرمان شراكة استراتيجية لتحسين تجربة السفر    ترامب لا يمنح الهدايا.. لماذا لا يمكن للمغرب أن يعوّل على حرب تجارية غير متكافئة؟    مبرمجة مغربية تصنع الحدث خلال حفل مايكروسوفت وتوجه لها اتهامات بالمشاركة في "الإبادة"    دعوات للمشاركة المكثفة في مسيرة "الرباط الوطنية" للتنديد بالمحرقة المرتكبة في غزة    كلميم.. القضاء يدين عدة مسؤولين بينهم رئيس الجماعة بالسجن النافذ في قضية تبديد واختلاس أموال عمومية    المنتخب الوطني للسيدات لأقل من 17 سنة يتعادل مع نظيره الكيني    سفير جمهورية السلفادور: المملكة المغربية تعد "أفضل" بوابة للولوج إلى إفريقيا    عرض مناخ الأعمال وفرص الاستثمار في المغرب خلال ملتقى بباريس    أجواء غير مستقرة وأمطار مرتقبة في عدد من مناطق المملكة خلال الأيام المقبلة    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع انتشار الوسطاء والشناقة داخل الأسواق    اوكرانيا في حداد على 18 شخصا قتلوا بضربة صاروخية روسية    لجنة دعم المهرجانات والتظاهرات السينمائية تدعم 29 مهرجانا وتظاهرة بمبلغ 6 ملايين و770 ألف درهم    الركاني: من يدعم فلسطين توجه له تهم جاهزة وعواقب وخيمة ستلاحق كل من تواطئ لجعل غزة مسرحا للجريمة    تحت الرئاسة المغربية: مجلس السلم والأمن الإفريقي يعتمد بالاجماع الموقف المشترك بشأن هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام    ماذا بعد استقبال مجلس الشيوخ الفرنسي لحكومة جمهورية القبائل؟    شركة "رايان إير" تُسلّط الضوء على جوهرة الصحراء المغربية: الداخلة تتألق في خريطة السياحة العالمية    وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية: النظام التجاري العالمي يدخل مرحلة حرجة مع فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية جديدة    'مجموعة أكديطال': أداء قوي خلال سنة 2024 وآفاق طموحة    حصيلة الزلزال في بورما تتجاوز 3300 قتيل    اتحاد طنجة يحذر جماهير فارس البوغاز من "الأخبار الزائفة"    في قلب باريس.. ساحة سان ميشيل الشهيرة تعيش على إيقاع فعاليات "الأيام الثقافية المغربية"    "نفس الله" عمل روائي لعبد السلام بوطيب، رحلة عميقة في متاهات الذاكرة والنسيان    بيل غيتس: 3 مهن ستصمد في وجه الذكاء الاصطناعي    المغرب يعزز جاهزيته الأمنية لتنظيم كأس العالم 2030 وكأس إفريقيا 2025    مغاربة يطالبون بإلغاء الساعة الإضافية (فيديو)    إسبانيا.. العلاقات مع المغرب من بين "الأقوى عالميا" ولا تقارن إلا بالعلاقات الأمريكية البريطانية    عاملة نظافة ضحية "استغلال بشع" بأجر 250 درهم شهريا    بحضور عائلتها.. دنيا بطمة تعانق جمهورها في سهرة "العودة" بالدار البيضاء    كأس العرش.. ثلاثة أندية من البطولة الاحترافية مهددة بالخروج مبكرا    بوابة إعلامية بريطانية: أشرف حكيمي.. أيقونة كرة القدم والثقافة    الرباط تحتضن إقصائيات العصبة الإفريقية لكرة السلة "البال"    مولر يعلن الرحيل عن بايرن ميونيخ    الرئيس الإيراني يقيل نائبا له بسبب "رحلة ترفيهية في القطب الجنوبي"    الوزيرة السغروشني تسلط الضوء على أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز مكانة إفريقيا في العالم الرقمي (صور)    فشل محاولة ''حريك'' 3 لاعبين من المنتخب الأوغندي للفتيان خلال إقامتهم بكأس إفريقيا بالجديدة    مشاركة مغربية بصالون الفرانكفونية    شراكة ترتقي بتعليم سجناء المحمدية    الوديع يقدم "ميموزا سيرة ناج من القرن العشرين".. الوطن ليس فندقا    المغرب فرنسا.. 3    على عتبة التسعين.. رحلة مع الشيخ عبد الرحمن الملحوني في دروب الحياة والثقافة والفن 28 شيخ أشياخ مراكش    أمين الراضي يقدم عرضه الكوميدي بالدار البيضاء    النيابة العامة تقرر متابعة صاحب أغنية "نضرب الطاسة"    تكريم المغرب في المؤتمر الأوروبي لطب الأشعة.. فخر لأفريقيا والعالم العربي    دراسة: الفن الجماعي يعالج الاكتئاب والقلق لدى كبار السن    دراسة: استخدام المضادات الحيوية في تربية المواشي قد يزيد بنسبة 3% خلال 20 عاما (دراسة)    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    









"الفَرْزِيّاتْ" الأبوية بين الأبناء عند المغاربة
نشر في هسبريس يوم 23 - 02 - 2020

أسمع دائمًا المغربي يشكو من أن والده أو والدته تفضل ابنًا آخر أو ابنة أخرى، ويضيف دائما: "أنا مَكَنْخْلّي ما نْدِرْلْها وْ هاكْدْكْ كَتْفْضّْلْ خويا لّي كاعْ مَكَيْدِّها فيها". ويكون المدعي (أو المدعية) غالبا متأثرًا جدًا، ويبكي ويعبر عن غضبه من ظلم الوالدين، وبالتالي يطرح السؤال الذي لا يوجد لديه إجابة: "كِفاشْ واحْدْ الأم تْفْضّْلْ واحْدْ مْن وْلادْها على لْخْرينْ؟". وغالبًا ما يتم التعبير عن نسبة المال/ التفضيل كسبب رئيسي، ولذلك يؤكد الضحية على حديثه: "اِوا المْسْكينْ مَعْنْدو زْهْرْ فْهادْ الدّْنْيا وْ كُلْشي كَيْتّْشْرا بْلْفْلوسْ فْهادْ زّْمانْ".
فكيف نحلل هذه المعاناة؟ هل، بالفعل، يحب الآباء ابناً أكثر من ابن آخر؟ هل المال سبب لتفضيل الوالدين؟
1- الخلط بين التفضيل والحب
الآباء ذوو التكوين النفسي المتوازن يحبون أطفالهم بنفس الحب بدون فَرْزِيّات؛ ولكن من ناحية أخرى يختلف الأطفال تمامًا عن بعضهم البعض، ويمكن لطفل أن يكون لطيفًا ومحبًا ويعبر بسهولة عن مشاعره، كما يمكن لطفل آخر أن يكون منطويا ولا يعبر بطلاقة عن مشاعره، وأيضا يمكننا أن نجد طفلا متمردا ومعارضا إلى حد ما. ولهذا، فالآباء هم بشر وقلوبهم تميل بشكل طبيعي نحو الابن الأكثر لطفًا وتعبيرًا؛ ولكن لا يمكن اعتبار ذلك بأي حال من الأحوال دليلاً على الحب، أي أن الآباء يحبونه أكثر من الآخرين بل إنه تفضيل عاطفي طبيعي.
والدليل على أن الآباء يحبون جميع أبنائهم بدون تمييز هو أنه في بعض الأحيان، على الرغم من وجود ابن مجرم في السجن، فإنهم يقومون بزيارته ويقدمون له كل ما يحتاجه ويدافعون عنه.
2- الآباء أو الأبناء المصابون بأمراض نفسية خطيرة
أحيانًا يكون أحد الوالدين (الأم أو الأب) مضطرباً نفسيًا، ومن الواضح أنه من الممكن أن يحب أو يفضل طفلًا على طفل آخر. وبالمثل يمكن أن يحدث أن يكون الطفل مصابًا بمرض عقلي ويُؤوِّل كل شيء، ويستنتج أنه غير محبوب وأن والديه يفضلان أخاه أو أخته لسبب أو لآخر، ويشعر بالاضطهاد من طرفهم (نوع من الهلوسة).
3- لماذا إذن يشعر الابن بأنه غير محبوب من قبل والديه وأن هناك فَرْزِيّاتْ؟
أ- التراث الديني "الإله غير عادل"
للأسف، في جميع الأديان، نجد أن الله خالق البشر (أب للجميع) يفضل قوماً على آخرين. وينتهي الطفل إلى الاعتقاد بأنه من الطبيعي أن يفضل الوالدين كذلك ابنا على الآخرين. كما لا يجب أن ننسى قصة يوسف كيف تُرسَّخ في ذهن الطفل بطريقة خطيرة لتهديده وتحذيره من إخوته من خلال تأويلها الخاطئ لصالح الآباء، حيث يسعى كل طفل إلى أن يكون "يوسف" وينظر إلى إخوته كأعداء له. لهذا، نرى المنافسة بكثرة بين الإخوة.
ب- غياب تعبير الوالدين عن حبهم وعطفهم
للأسف، في التربية المغربية لا يعبر الآباء عن حبهم لأطفالهم أو عن عواطفهم. وعلاوة على ذلك، في اللغة المغربية أو الدارجة لا يوجد مقابل كلمة "أحبك" مع غياب عناق ومداعبة الأطفال. وكم مرة سمعت شكاوى من هذا القبيل "مَعْمّْري وْ لا عْقْلْتْ عْلى بابا عْنّْقْني شي نْهار وْ جْلّْسْني عْلى رْجْليهْ". والأسوأ من ذلك هو أن الآباء أنفسهم لا يعبرون عن حبهم أمام أطفالهم، وكثيراً ما أسمع عبارة "مَعْمّْري وْ لا شْفْتْ بابا عْنّْقْ ماما وْلا باسْها".
ولهذه الأسباب، يخلط الطفل بين الحب والتفضيل "لْفْرْزْ" ولديه انطباع بأن الآباء يحبون طفلًا أكثر من طفل آخر.
ت- المقارنة، خطأ تربوي قاتل من طرف الوالدين
لسوء الحظ، تعتمد التربية المغربية على المقارنة وغالباً ما نسمع مثلا هذا التعبير "شوفْ خوكْ (أو أختك) كَيْقْرا مْزْيانْ حْسْنْ مْنّْكْ وْ غَدي يْكونْ شي حاجة وْ نْتْ غَدي تْشْطّْبْ طّْرْقانْ". هذه المقارنة تحفز على المنافسة والتنافس والكراهية بين الإخوة، ويستنتج الطفل أن الوالدين يفضلان شقيقه لأنه هو الأول في قسمه الدراسي على سبيل المثال.
د- علاقة النجاح في الحياة بالمال
كل الأطفال سمعوا آباءهم يتبادلون مثل هذه العبارات عن ابن الأخ أو ابن العم أو جار على سبيل المثال: "تْبارْكْ الله عْليهْ نْجْحْ في حْياتو، شْرى دارو وْ خْرّْجْ طوموبيلا دوبْلفي وْ رْجْعْ لَباسْ عْليه وْ مَكَيْخْلِّي مَكَيْشْري لْوَلِديهْ وْ شْرالْهُمْ بْرْطْما وْ صَفْطْهومْ لْلْحْجّْ وْ 3 دْلْمْرّات لْعُمْرَة وْ هُما غَدي يْحْماقو عْليه، مَشي بْحَلْنا مَعْنْدْنا زْهْرْ مَخْرْجْنّا خيرْ فْلْوْلادْ". إذاً، يستخلص الطفل أنه كلما كان ثريا كلما كان مفضلا ومحبوبا من طرف والديه. وتأتي هذه النتيجة من خطأ الآباء الذين لا يقدرون القيم الأخلاقية في نجاح الحياة بل الثروة فقط.
ج- الغيرة وعدم الثقة بالنفس
الغيرة هي مشاعر طبيعية لدى البشر، فقط يجب الاعتراف بوجودها وأن يتم توجيهها من خلال التربية وترسيخ القيم الأخلاقية؛ ولكن للأسف، فإن التربية المنزلية والتعليم المدرسي والتربية الدينية وزرع التنافس والمنافسة تجعل من الطفل المتفوق الأكثر تفضيلا. وهكذا، يشعر الطفل بالغيرة من أخيه أو أخته وعدم الثقة في نفسه ويشعر بالتهديد من حرمانه من حب والديه.. ولهذا، لا يستطيع من السيطرة على هذه المشاعر الضارة، ويضع نفسه ضحية وغير محبوب من قبل والديه آملا أن يكرهان الأخ الأكثر نجاحا. ولكن في الواقع، فإن الشعور بالفَرْزِيّاتْ هو الرغبة اللاواعية في خراب أو موت الأخ المفترض أنه المفضل للوالدين لأنه نجح في الحياة!
*طبيب نفساني، باحث وخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.