لم تشارك البنوك التشاركية بالمغرب في برنامج "انطلاقة" المندمج لدعم وتمويل المقاولات الذي أطلقه الملك محمد السادس قبل أسابيع لمواجهة بطالة الشباب، بتقديم قروض تصل إلى 120 مليون سنتيم. وانطلق العمل بالأبناك التشاركية بالمغرب منذ سنتين ونصف، لكنها لم تشارك في توقيع الاتفاقية الخاصة بهذا البرنامج خلال حفل نظم قبل أيام بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بين صندوق الضمان المركزي والأبناك التقليدية. وقدم القطاع البنكي 3 مليارات درهم لتمويل هذا البرنامج، و3 مليارات درهم من الميزانية العامة للدولة، إضافة إلى 2 مليارات قدمها صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية كمساهمة تكميلية للبرنامج المندمج، ليصبح المجموع 8 مليارات درهم. وإلى حد الساعة لم تُستكمل منظومة المالية التشاركية في المملكة، فهي تقدم حالياً منتوج المرابحة لاقتناء العقارات والسيارات، إضافة إلى منتوج وديعة الاستثمار، أما آلية التأمين التكافلي الضرورية لكل المنتجات فلم تدخل بعد حيز التنفيذ. ويرى خبراء أن عدم مشاركة الأبناك التشاركية في برنامج دعم المقاولات سيكون له أثر على تصور المواطنين تجاه هذه الأبناك، التي من المفروض أن تضع ضمن صلب اهتماماتها المقاولات الصغرى والمتوسطة. واعتبر مهتمون بالمالية التشاركية أن إشراك الأبناك الإسلامية في هذا البرنامج سيكون فرصة لرفع الإقبال عليها، في وقت مازالت حصيلتها ضعيفة على مستوى التمويلات التي قدمتها بحوالي 9 ملايير و100 مليون درهم؛ بينما بلغ إجمالي الودائع الاستثمارية 353 مليون درهم، فيما ناهزت ودائع الحسابات مليارين و500 مليون درهم في 87.272 حساباً مفتوحاً لديها. وقال عُمر الكتاني، الخبير الاقتصادي في المالية التشاركية، إن "البنوك التشاركية فتحت حسابات استثمارية، وكان من الممكن أن تساهم بجزء من هذه الودائع لتمويل البرنامج"، مؤكداً أن هذه الأبناك أقرب لتمويل المقاولات الصغرى والصغيرة جداً من البنوك التقليدية. وأضاف الكتاني، في حديث لهسبريس، تعليقاً على الموضوع: "البنوك التشاركية هي أقرب لدعم المقاولات لأنها إسلامية، والإسلامية معناها أن تنفع وليس فقط الربح، والأمر نفسه بالنسبة للأوقاف التي غابت عن تمويل هذا البرنامج علماً أن لديها فائض". ويرى الكتاني أن نسبة الفائدة المطبقة على قروض هذا البرنامج منخفضة جداً، وهو ما يفتح المجال ل"اعتبارها غير ربوية، لأن ليس لديها هدف ربحي وإنما اجتماعي، وهذه القراءة يجب أن يقوم بها خبراء شرعيون". ويخضع عمل الأبناك التشاركية لإشراف المجلس الأعلى العلمي الذي يعمل على تدقيق كل المنتجات التي تقدمها لكي لا تكون مخالفة للشريعة الإسلامية، وقد يكون استبعادها من برنامج "انطلاقة" مرتبطاً باستحالة الجمع بين أموال الأبناك التقليدية الربوية والأبناك الإسلامية. جدير بالذكر أن البرنامج المندمج لدعم تمويل المقاولات "انطلاقة" يهدف إلى تقديم مجموعة جديدة من منتجات التمويل لفائدة كل من المقاولات الصغيرة جداً والشباب حاملي المشاريع، والعالم القروي، والقطاع غير المهيكل، بالإضافة إلى المقاولات المصدرة. وتبلغ التمويلات الممكنة للمشاريع في إطار هذا البرنامج الجديد حوالي 1.2 مليون درهم (120 مليون سنتيم)، بنسب فائدة مخفضة وغير مسبوقة محددة في 2 في المائة للمستفيدين في الوسط الحضري و1.75 في الوسط القروي. ويرمي هذا البرنامج إلى إطلاق دينامية جديدة كفيلة بتشجيع روح المبادرة وإحداث المقاولات وتعزيز الإدماج السوسيو-اقتصادي للشباب، لاسيما في العالم القروي، بهدف محاربة بطالة الشباب التي تسجل نسباً مرتفعة.