في إطار تغطيتها للانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الديمقراطي الأمريكي، تقدم جريدة هسبريس الإلكترونية سلسلة تقارير عن أبرز المرشحين الديمقراطيين، وحظوظهم في نيل بطاقة الترشح في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها خلال نونبر المقبل لمنافسة المرشح الجمهوري دونالد ترامب. ويتنافس على نيل ترشيح الحزب الديمقراطي ثمانية مرشحين، يبقى أبرزهم، حسب استطلاعات الرأي، ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ: بورني ساندرز، وإليزابيث وورن، وإيملي كلوباتشار. بالإضافة إلى جو بايدن، نائب الرئيس السابق باراك أوباما، والعمدة السابق لمدينة ساوث باند، بيت بودجج، وكذا الملياردير مايك بلومبرغ. في هذا التقرير نسلط الضوء على بلومبورغ، الذي يمثل حالة نادرة في تاريخ الحملات الانتخابية الأمريكية، بالنظر إلى صرفه مئات ملايين الدولارات، بعد إعلانه المتأخر النزول إلى حلبة المنافسة. نزول متأخر في الوقت الذي أعلن أغلب منافسي بلومبورغ ترشحهم للانتخابات قبل سنة، كان هو آخر النازلين إلى حلبة المنافسة، حيث أعلن ترشحه في 21 نونبر الماضي، وأطلق حملته الانتخابية بعد ثلاثة أيام من ذلك، واضعا بذلك حدا لعدد كبير من التكهنات التي كانت تذهب إلى كونه يخطط للترشح. قرار بلومبورغ جاء مخالفا لتصريحات سابقة كان قد صرح بها في مارس الماضي، حينما أعلن أنه لا ينوي الترشح في الانتخابات، مؤكدا دعمه للمرشح الذي سيقدمه الحزب الديمقراطي، قبل أن يبدي عدم رضاه عن المرشحين الحاليين. ويعد بلومبورغ، الذي تصل ثروته، حسب مجلة "فوربس"، إلى 60 مليار دولار، من أكثر المرشحين الذين تربطهم علاقات متينة مع طبقة رجال الأعمال بالولاياتالمتحدة، لدرجة جعلت مؤسس موقع "أمازون" وأغنى رجل في العالم، جيف بيزوس، يطلب منه الترشح في الانتخابات المقبلة، استنادا إلى ما نشره موقع "فوكس" الأمريكي. هذا النزول المتأخر أثار جدلا واسعا في الساحة السياسية الأمريكية، حيث أبدى عدة مرشحين انزعاجهم من الطريقة التي يحاول بها بلومبورغ كسب الأًصوات في مختلف الولايات، لدرجة تصريح السيناتور بورني ساندرز بأن خصمه "يريد شراء الانتخابات الأمريكية". إغراق مالي يعد بلومبورغ أول مرشح في تاريخ الانتخابات التمهيدية الأمريكية يطلق حملته بدون استقبال أي تبرعات، سواء من المواطنين الأمريكيين أو الشركات الكبيرة، إذ عبر عن فخره في عدة مناسبات بكونه "المرشح المستقل الوحيد"، وأنه لم يأخذ أي تبرعات. وحسب موقع "تراكر"، الذي يتتبع ما ينفقه المرشحون في انتخابات 2020، فإن بلومبورغ صرف إلى حد الساعة ما يناهز 300 مليون دولار في الإعلانات فقط، دون احتساب الأموال الخاصة بالتنقلات وأجور العاملين في حملته. هذا الإنفاق الهائل ترجم إلى عدد كبير من الإعلانات التي بثت في مختلف وسائل الإعلام، وكذا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أنفق بلومبروغ، في ولاية كاليفورنيا وحدها، ما يناهز 36 مليون دولار لبث تسعة إعلانات لحملته في مختلف المنصات الإعلامية، حسب "تراكر". وفي السياق ذاته، فإن العمدة السابق لمدينة نيويورك يعتبر أول مرشح ديمقراطي في تاريخ الانتخابات يقوم ببث إعلانين تلفزيين خاصين بمباراة "سوبر بول" في كرة القدم الأمريكية، بتكلفة مالية بلغت 5 ملايين دولار، أي أنه صرف 10 ملايين دولار من أجل بث إشهارين لا تتجاوز مدتهما دقيقة واحدة. أما على مستوى أجور العاملين في حملته، فإنها تضاعف أجور العاملين في الحملات الانتخابية الأخرى، إذ تصفحت "هسبريس" عددا من المناصب الشاغرة في حملة بلومبورغ، وكانت الملاحظة الأبرز أن عروضها المالية تفوق بكثير العروض التي يقدمها بقية المرشحين. فعلى سبيل المثال، يدفع بلومبورغ ستة آلاف دولار في الشهر للعاملين في حملته ك"عاملين محليين"، يقومون بتنظيم اللقاءات المحلية، والتنسيق بين المتطوعين، وهذا ضعف ما تقدمه حملات أخرى كحملتي السيناتورين إليزابيث وورن وبورني ساندرز. تقدم ملحوظ هذا الإغراق المالي كانت له نتائج إيجابية على تموقع بلومبورغ في نتائج استطلاعات الرأي حول آراء الناخبين الديمقراطيين في السباق الرئاسي الحالي. وحجز بلومبورغ مركزه ضمن المرشحين الخمسة الأكثر حظا للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي، فحسب استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "إس تي بيت" للاستطلاعات وصدر الجمعة، فقد أضحى بلومبورغ يحتل المركز الأول في ولاية فلوريدا، بفضل الحملة الإعلانية واسعة النطاق التي قام بها، حيث صرح 27 بالمائة من المشاركين في هذا الاستطلاع بأنهم سيصوتون له خلال الانتخابات المقبلة، مما يعطيه الأفضلية في واحدة من أبرز الولايات الحاسمة في هذا السباق. كما حصل بلومبورغ على مراكز متقدمة في عدد من الاستطلاعات بولايات تكساس وجورجيا وألاباما، في انتظار يوم "الثلاثاء الكبير"، الذي سيعرف إجراء الانتخابات التمهيدية في 16 ولاية أمريكية، مما سيحدد هوية الفائز بترشيح الحزب الديمقراطي قبل المؤتمر الوطني للحزب المقرر إجراؤه ما بين 13 و16 يوليوز المقبل.