يترقب الأمريكيون بشغف كبير الانتخابات التمهيدية للرئاسيات المقبلة بالحزب الديمقراطي، التي من المنتظر تنظيمها الثلاثاء المقبل في ولاية نيوهامشر شمال البلاد. انتخابات نيوهامشر تأتي بعد أسبوع من تلك التي شهدتها ولاية أيوا وعرفت فوضى كبيرة بسبب عطل في تطبيق خاص بحساب الأصوات، ما تسبب في تأخير الإعلان عن النتائج، ودفع الكثيرين من أنصار المرشح "بورني ساندرز" إلى التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية برمتها. التشكيك في الانتخابات جاء بعد أن تمكن ساندرز من الحصول على أكبر عدد من الأصوات، لكنه احتل المركز الثاني بالنسبة لعدد المندوبين بفارق ضئيل بلغ 0.1 لصالح العمدة السابق لمدينة ساوث باند "بيت بودجج"، الذي يعد أصغر المرشحين بعمر لا يتجاوز 37 سنة. هذا التفاوت فسرته اللجنة المشرفة على الانتخابات في الحزب الديمقراطي بتفاوت عدد الناخبين في مقاطعات الولاية، لكن أنصار ساندرز اعتبروا أن قيادة الحزب ليست محايدة وتنحاز لمرشحين على حساب آخرين. ويتنافس في هذه الانتخابات 11 مرشحا، أبرزهم، حسب استطلاعات الرأي، كل من السيناتور بورني ساندرز، وبيت بودجج، وجو بايدن، نائب الرئيس السابق باراك أوباما، بالإضافة إلى السيناتورين إيزابيث وورن وإيمي كلوباتشار. وما يجعل محطة نيوهامشر ذات أهمية كبيرة في سباق الحصول على تذكرة المشاركة في انتخابات نوفمبر المقبل كونها كانت تاريخيا، إلى جانب ولاية أيوا، من أبرز الولايات التي تعطي للمرشحين دفعة قوية قبل الانتخابات التمهيدية من خلال الاستفادة من التبرعات، وكذا احتلال الصدارة في استطلاعات الرأي. ومن مفارقات المشهد الانتخابي في الولاياتالمتحدة أنه على الرغم من صغر حجم ولايتي أيوا ونيوهامشر من حيث المساحة وعدد الناخبين مقارنة بولايات أخرى، فإنهما ظلتا تحددان بشكل كبير هوية المرشح الديمقراطي في سباق البيت الأبيض؛ فتاريخيا من يفوز بالانتخابات التمهيدية في هاتين الولايتين، يحصل على ترشيح الحزب الديمقراطي. وفيما كان ساندرز قد اكتسح الانتخابات التمهيدية للانتخابات الرئاسية السابقة بفارق عشرين نقطة عن منافسته حينها هيلاري كلينتون، فإن المشهد يبدو خلال هذه السنة مختلفا بشكل كبير، خصوصا مع تعدد المرشحين وتنوع رؤيتهم ل"أمريكا ما بعد عهد ترامب". ويتمتع ساندرز بأفضلية على حساب باقي المرشحين، وذلك في آخر استطلاعات للرأي بنيوهامشر، حيث صرح 28 في المائة من المشاركين في استطلاع أجرته شبكة "سي إن إن" بأنهم سيصوتون لصالح ساندرز، في حين جاء بيت بودجج في المركز الثاني بنسبة 21 في المائة. لكن البارز خلال الأسابيع الأخيرة هو التراجع الملحوظ لجو بايدن، نائب الرئيس السابق باراك أوباما، فبعد أن كان يتبوأ الصدارة في عدد من استطلاعات الرأي منذ إطلاق حملته الانتخابية، احتل المركز الرابع في انتخابات أيوا، والمركز الثالث في استطلاع "سي إن إن" الأخير، بنسبة لم تتجاوز 11 في المائة. منعطف حاد خلال نهاية الأسبوع الجاري، اتخذ سباق الحزب الديمقراطي منعطفا حادا، حيث شن المرشحون هجمات ضد خصومهم، اتسم بعضها، بطابع شخصي، قبل يومين من انتخابات نيوهامشر. ولم يتوان جو بايدن في الهجوم على بيت بودجج، حيث اعتبر أن هذا الأخير لا يحظى بالتجربة الكافية لكي يكون في البيت الأبيض، واصفا إياه بأنه "ليس أوباما"، كما بثت حملته مقطع فيديو يستخف بتجربته كعمدة لمدينة صغيرة بولاية إنديانا، مقابل خبرة طويلة راكمها بايدن في دواليب السلطة بواشنطن.