تحسَّر الكاتب والشّاعر المغربي حسن نجمي من غيابِ المثقّف في تركيبة لجنة النّموذج التنموي التي عُهدَ إليها صياغة تصوّر جديد للمجتمع المغربي، مورداً أنّ "هذه التّركيبة تعبّر عن أنّ صنّاع القرار لا يحملون همّاً ثقافياً"، متوقّفاً عند "غلبة الطّابع الإحصائي التّقني على أشغال اللجنة المكلفة بصياغة النموذج التنموي". وخلال ندوة علمية نظّمها فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس النّواب حول "الثّقافة والتنمية.. رهان التطور والتحديث"، شدّد نجمي على أنّه "منذ بداية الاستقلال، لم نر أيّ نموذج تنموي حقيقي على شاكلة ما قدّمته حكومة عبد الله إبراهيم قبل إسقاطها، كانت هناك مخططات وزارية، ولم تكن هنالك تصورات إستراتيجية ضخمة بقيمة ما قدّمته الحكومة الوطنية". واعتبر الكاتب المغربي، في كلمته أمام عدد من الباحثين والسّياسيين والفاعلين اليساريين، أنّ "في المغرب، هناك سياسة ثقافية وليس إستراتيجية متكاملة؛ هناك أولويات يحدّدها الفاعل السّياسي بما يخدم مصالحه وتصوراته"، لافتاً الانتباه إلى أنّ "السياسة الثقافية ينبغي أن تكون ترجمة لإستراتيجية متوافق عليها". وأشار نجمي، في كلمته، إلى أنّ "الدولة تخلفت في تدبير المجتمع الثقافي"، عائداً بحديثه إلى عام 2000 حيث بدأت موضة "النموذج التنموي"، مشدّدا في هذا الصّدد على أنّ "المغرب عرفَ 66 مشروعاً تنموياً بحسب إحصائيات الباحث عبد الله ساعف، الذي أوضح أنّ هناك 24 إستراتيجية انتهت من حيث السّقف الزمني المخصص لها، و28 برنامج قارا. واسترسلَ نجمي: "الثقافة كامنة في كل نشاط مجتمعي، والتفريط في النسق الثقافي في مجتمعنا أدّى إلى كوارث بحيث ازدادت موجات الهجرة السّرية في صفوف الشّباب وأصبح التّهجم على المقدّسات والقيم والمس بالثوابت والهوية الوطنية مشاعاً". من جانبه، دعا الباحث المغربي إدريس بنسعيد، في محاضرة حول "الصّناعات الثّقافية رافعة أساسية للتّنمية"، إلى "عودة رجل السّياسة إلى الثّقافة، على اعتبار أنّ تلك العودة أمر طبيعي وليس ثانوياً". وتابع: "في ثقافتنا تعوّدنا على آليات عديدة؛ منها آلية الإجماع والتّوافق، أي أن نكون على موقف واحد حيال قضايا الوطن والمقدّسات. كما أنّ تنشئتنا كانت مبنية على ثقافة الرّفض والقطيعة، وقد كان لهذه الآليات انعكاسات، بحيث أصبحنا نناقش عدداً من القضايا لا نعرفُ معناها بالضّبط". وقال بنسعيد إنّ "مفهوم التنمية مر عبر مراحل تاريخية بحيث كان مرتبطاً خلال فترة الستينيات بالتّكاثر والدّخل القومي للدّولة، قبل أن ينتقل هذا المفهوم إلى مجال السّياسة ويصبحَ مرتبطاً بتقدّم البلدان"، مبرزاً أنّ "هناك من يربط الثقافة وقيمها بالأصل وهو ما يؤدّي إلى الأصولية، وهناك من يربطها بأساليب التّحديث والديمقراطية". من جهتها، قالت النائبة السعدية بنسهلي، عضو الفريق الاشتراكي بالغرفة الأولى، إنّه "لا يمكن أن تكون هناك تنمية في أيّ مجتمع بدون حداثة مجتمعية، على اعتبار أنّها قابعة في كلّ بنية وأمام اكتساح العولمة وهيمنة الليبرالية وحرية السّوق تولد ثقافة أخرى مقابلة لثقافة المجتمعات"، وفق تعبير البرلمانية عضو لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب.