يُعتبر بارك "كازانيرشور" أول قطب "نيرشور" بالمغرب، والأهم في شمال إفريقيا، ويُعد مفخرة بالنسبة لشركة "ميدز" التابعة لصندوق الإيداع والتدبير. ويقع هذا "البارك" وسط العاصمة الاقتصادية، وهو مُخصص لأنشطة الشركات المتخصصة في "نيرشورينغ"، التي تقدم خدماتها لشركات زبونة خارج البلاد. ويُوفر الموقع لوحده 30 ألف منصب شغل مباشر، وهو بمثابة مدينة صغيرة داخل الدارالبيضاء، تتوفر على جميع الخدمات اللازمة، من شباك وحيد والتأمين والأبناك والتطبيب وروض وصيدلية وفندق ثلاث نجوم ومطاعم، إضافة إلى مراكز للرياضة ومسجد وإنترنت بالألياف البصرية. ويضم قطب "كازانيرشور" 250 ألف متر مربع كمساحة مهيأة تحتضن أكثر من 120 شركة وطنية ودولية تقدم خدمات موجهة إلى عشرين بلداً بثماني لغات، منها IBM وأورانج للخدمات وألتران وبومباردييه و"بي إس إي" وسفران، وديل وبوش وأنتلسيا. ولمواكبة الطلب المتزايد، تستعد شركة MedZ لضخ استثمار إضافي قدره 1 مليار درهم خلال السنوات القليلة المقبلة، لتهيئة حوالي مائة ألف متر مربع لاحتضان أنشطة شركات أخرى ليصبح القطب أكبر بكثير. وإلى جانب كازانيرشور، أنشأت شركة MedZ ثلاث مناطق أُخرى مخصصة للأفشوريغ: "تكنوبوليس" سلا الذي يوفر أكثر من 8000 منصب شغل، إضافة إلى "فاس نيرشور" الذي يوفر 2000 منصب شغل، و"وجدة نيرشور" ب200 منصب شغل. وتطلبت المناطق الأربع سالفة الذكر استثمارات مالية ضخمة منذ سنوات، وصلت إلى أربع مليارات درهم، وتضمن في مُجملها 40 ألف منصب شغل، من أصل أكثر من مائة ألف منصب شغل في قطاع الأوفشورينغ في المغرب. ويُعتبر قطاع الأوفشورينغ من القطاعات القليلة في المغرب التي تُحقق نسب نمو من رقمين في رقم المعاملات، فخلال سنة 2018 حقق نمواً ب25 في المائة، وفي الفصل الأول من السنة الماضية حقق زيادة ب28 في المائة. ووصل رقم معاملات القطاع 11 مليار درهم سنة 2018، منها 40 في المائة في مناطق MedZ، مقابل 7.1 مليار درهم سنة 2013، ويتوقع منه أن يتجاوز 13 مليار درهم السنة الجارية. ويمثل الأوفشورينغ 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام و90 في المائة من القيمة المضافة، ويُدر إيرادات ضريبية مهمة للدولة؛ ناهيك عن توفيره مناصب يتوقع أن تصل نهاية السنة الماضية حوالي 110 آلاف منصب و13 مليار درهم كرقم معاملات في التصدير. لكن رغم هذا النجاح الذي يحققه قطاع الأوفشورينغ بالمغرب فإن تحديات عدة تواجهه، من بينها التكوين وتعدد اللغات والبنيات التحتية والجهوية والابتكار، بهدف مواكبة التطورات التي يعرفها القطاع على المستوى الدولي واغتنام الفرص أمام دول منافسة. والتوجهات العالمية اليوم في أنشطة الأوفشورينغ تتمحور أساساً حول الحوسبة والبيانات الضخمة والأمن السيبراني والتحول الرقمي والذكاء الاقتصادي، وهو قطاع يسير في مسار نمو قوي رغم التباطؤ الذي يطبع الاقتصاد العالمي. وتشير الأرقام إلى أن سوق الأوفشورينغ في العالم تضاعف رقم معاملاته أربع مرات في ظرف عشر سنوات فقط، ويهم ذلك المهن الثلاث التقليدية المرتبط به، وهي إدارة العلاقات مع الزبناء (Client Relation Management) وتكنولوجيا المعلومات (IT Outsourcing) والعمليات التجارية (Business Process Outsourcing). ولا تلجأ الشركات الدولية عادةً إلى الاستعانة بمصادر خارجية فقط من أجل خفض التكلفة وعقلنة المصاريف، بقدر أن الأمر مرتبط بعامل آخر يتجلى في الرغبة في التركيز على المهنة الأساسية والمرونة للاستفادة من التكنولوجيات الجديدة المتوفرة لدى شركات متخصصة، وهو ما يتوجب على المغرب مواكبته.