مزيد من الخناق يضيق على عنق "القناة الثانية"، فإلى اليوم لم تجد إدارة المؤسسة شبه العمومية حلا للأزمة المادية القوية التي تكبل عملها، بعد أن انضافت معضلة إفراغ المقرات إلى أزمة تأخر صرف أجور "الصحافيين المتعاقدين"، الذين لا يتوصلون بمستحقاتهم إلى غاية منتصف الشهر. ولم تستطع "القناة الثانية" تأدية واجب كراء مقري طنجة والحسيمة؛ وهو ما جعل القضاء يصدر أحكاما بالإفراغ بكلا المدينتين، فيما يعيش المقر الرئيسي بعين السبع على وقع تراكم مشاكل متعددة، وصلت حد تهديد شركة كراء وسائل مكتبية بسحب كافة التجهيزات التي سلمتها للقناة "المفلسة"، في حالة عدم تسديد المستحقات المتراكمة. ويعاني مكتب الرباط بدوره من مشاكل متعددة، يتقدمها سحب شركة "ريضال" لربطه بالماء، عقب عدم تسديد فواتير شهور كثيرة؛ فيما تظل شكايات "الصحافيين المتعاقدين" متواصلة على امتداد السنوات، بالنظر إلى وضعيتهم "الهشة"، على المستويات الاجتماعية؛ وهو ما لم تستطع القناة التفاعل معه، محتفظة بسياسة التعاقد منذ أعوام خلت. واضطرت "القناة الثانية" إلى تصريف أزمتها المالية، عبر الجالية المقيمة بالخارج؛ فقد تفاجأ العديد من مغاربة العالم، بداية الشهر الجاري، بتخلي "دوزيم" على مبدأ المجانية، وطالبت مشاهديها بالخارج بالأداء عبر الاشتراك مقابل الحصول على خدماتها. وقد حددت قيمة 4.99 يورو شهريا مبلغا للولوج إلى ترددات القناة. وربط فيصل العرايشي، مدير قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، أزمة "القناة الثانية" ب"غياب دعم الدولة للقناة الذي انخفض بشكل كبير، إذ تقلص بحوالي 3 أرباع"، مشيرا إلى أن "نسبة الأرباح الضائعة بالنسبة للقناة وصلت سنة 2018 إلى 359 مليون درهم". وسبق للحكومة أن رفعت الدعم الموجه إلى القناة الثانية من 45 مليون درهم إلى 65 مليون درهم برسم سنتي 2017 و2018، كما جرى تحويل مبلغ 15 مليون درهم إلى شركة "صورياد دوزيم" من أجل ضمان وفائها بالتزاماتها الاجتماعية. وتداول عدد من البرلمانيين بمجلس النواب إمكانية تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول وضعية الشركة، بعد الحديث عن مواجهتها لضائقة مالية خانقة باتت تهدد القناة الثانية العمومية بالمغرب، خصوصا بعد انقطاع بثها على القمر الصناعي "نايل سات" بسبب عدم تسديد إدارتها المستحقات السنوية لاستغلال نطاق البث الفضائي.