بحضور نجوم "أب الفنون"، حظيت رائدة المسرح المغربي ووزيرة الثقافة السابقة ثريا جبران بتكريم خاص ضمن فعاليات مهرجان أيام قرطاج المسرحية في دورته الواحدة والعشرين، الذي احتضنته تونس العاصمة طيلة الأسبوع الماضي. وانحنت "ثريا المسرح المغربي" أمام تصفيقات الجمهور التونسي والعربي، الذي غصت به قاعة دار الأوبرا التونسية، تقديرا لمكانتها الفنية كممثلة كبيرة راكمت العديد من التجارب في مجالات التشخيص المسرحي والسينمائي والتلفزيوني، والصدى الطيب الذي خلفه مرورها على رأس وزارة الثقافة. وظلت ثريا جبران، على مدى أزيد من خمسين عاما، تمشي على خشبة المسرح المغربي في كبرياء، يوم لم يكن المسرح مفروشا بالأزهار. ففي سبعينيات القرن الماضي كانت ثريا قد تعرضت للاختطاف على أيدي مجهولين، بينما كانت تستعد للمشاركة في برنامج تلفزيوني، وقد قامت تلك الجهات بحلق شعرها، تنكيلا بامرأة ليس لها من ذنب غير حب الجمال. ارتقت هذه النجمة المغربية خشبة المسرح المغربي سنة 1964، وتألقت خلال مشوار حافل مع فرق عديدة: "الأخوة العربية"، "مسرح اليوم"، "الشهاب"، "المعمورة" و"القناع الصغير". كما عملت في "مسرح الطيب الصديقي"، قبل تألقها في السينما المغربية. السعدية قريطيف، أو كما يعرفها الجمهور المغربي والعربي بثريا جبران، من مواليد 1952، انتقلت من خشبة المسرح إلى كرسي وزارة الثقافة سنة 2007، حيث صارت أول وزيرة فنانة في تاريخ المغرب السياسي. تكريم ثريا جبران في قرطاج هو تكريم لمسار فنانة اختزل اسمها تاريخ المسرح المغربي على مدى أكثر من نصف قرن، مجسدة صورة المرأة المغربية ذات الحضور القوي والعاصف، بكل افتتان وعنفوان. كما مثلت صورة المرأة المغربية في انتصاراتها وانكساراتها، يقول مدير أيام قرطاج للمسرح حاتم دربال. السعدية أو ثريا عاشت طفولتها بين أحضان دار الأطفال بحي عين الشق، نظرا إلى كون والدتها كانت تشتغل في هذا الفضاء بعد وفاة والدها، قبل أن تصير في رعاية محمد جبران، زوج شقيقتها، الذي صار في فترة من الفترات مسؤولا عن مصحة دار الأطفال. بدأت ثريا جبران عالمها الفني وهي طفلة صغيرة، إذ اعتلت خشبة المسرح البلدي وعمرها لا يتعدى العشر سنوات وسط تصفيقات الجمهور. وفي أواخر ستينيات القرن الماضي التحقت بمعهد المسرح الوطني بالرباط، واختارت أدوار المهمشين لتعبر عن حياتهم على ركح المسرح، قبل أن تنتقل من دائرة الهواية إلى بحر الاحتراف. ومن الأعمال المهمة، التي لاقت احتفاء شعبيا كبيرا في الأوساط الثقافية والفنية والإعلامية مسرحية "حكايات بلا حدود" المستمدة من نصوص نثرية للشاعر محمد الماغوط، ومسرحية "نركبو الهبال"، ومسرحية "بوغابة"، التي تقمصت فيها ثريا جبران دور رجل، هو السيد "بونتيلا"، وهي مستمدة من نص "السيد بونتيلا وتابعه ماتي" للكاتب المسرحي الألماني برتولد بريخت، ومسرحية "النمرود في هوليوود"، التي حصلت عنها على جائزة أحسن دور نسائي بمهرجان قرطاج 1991، ومسرحية "إمتا نبداو إمتا؟"، و"الشمس تحتضر"، التي حصلت عبرها على جائزة السلام، ووسام الفنون والآداب الفرنسيين.