يكشف محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ضمن برنامج "نقاش في السياسة"، أسباب مغادرة "الرفاق" حكومة "الإخوان"، كما يتحدث عن مستقبل حزب التقدم والاشتراكية في المعارضة، وكذا موقف "شيوعيي" المملكة من نقاش الحريات الفردية بالمغرب. حكومة تكنوقراطية الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية اعتبر سبب خروج حزبه من الحكومة كونها "تغيب عنها الحمولة السياسية"، معتبرا أن "هناك عملا تقنيا يقوم به تكنوقراط الحكومة"، وأن "المسؤولية لا يتحملها رئيس الحكومة وحده، لأن الأغلبية ليست أغلبية بالمعنى السياسي". وقال بنعبد الله: "التقدميون ساهموا في الحكومات المتعاقبة منذ 1998. ومشاركتنا في حكومة العدالة والتنمية كانت في ظروف خاصة جدا"، وزاد: "اقتنعنا بالمشاركة في حكومة العدالة والتنمية بسبب تعبير المغاربة عن رغبة في الديمقراطية. قلنا من الصعب أن نكون خارج هذا المركب، ودخلنا على أساس التأطير حتى لا يكون هناك مس بالحريات". ومباشرة بعد عملية "البلوكاج"، التي أخرجت رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران من منصبه، وتعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، سجل بنعبد الله: "اتضح أن الأمور لم تكن كما كنا نتمنى"، مستدلا على ذلك بكون "مكونات الأغلبية الحكومية تشتغل خمسة أيام في الأسبوع، وفي نهايته "كايتعاطو" في ما بينهم". "حاولنا تقريب وجهات النظر عندما كنا في الداخل، وكنا ننبه إلى أن الحكومة تتطلب غطاء سياسيا، وإلى أن هذا التراشق يسيء إلى العمل السياسي ككل في المغرب"، يقول أمين عام "حزب الكتاب"، الذي اعتبر أن حزبه "كان ضحية للمواقف التي قدمها، كما أنه لم يساير تجمع الأربعة الذي كان يحاصر العدالة والتنمية من الداخل"، مضيفا: "كان يراد منا السكوت عن العملية أو الانخراط فيها". وفي هذا الصدد أوضح بنعبد الله أن الحزب الذي يرأسه "كان مستقلا ورفض قيام أغلبية داخل الأغلبية"، مستغربا التصريحات الصادرة عن بعض مكونات الأغلبية التي "تقول كلاما مثل تجريم السطو على إنجازات الغير، وذلك لضرب مكون معها هو العدالة والتنمية". قوس العدالة والتنمية بنعبد الله، وهو يشير إلى أن "هناك نقائص من طرف الحزب الذي يقود الحكومة"، أوضح أن "هناك أمورا صادرة عن الأطراف الأخرى، مثل القول إنها عندما تسير قطاعا في 2021 ستقوم بإجراءات محددة"، وذلك في إشارة إلى العرض السياسي الذي قدمه حزب التجمع الوطني للأحرار، متسائلا: "لماذا لم تقم بذلك وأنت تسير قطاعات مهمة في المغرب؟". وفي هذا الصدد أكد بنعبد الله أن "الرسالة التي كانت هذه الأطراف تبعثها أن هناك قوسا يجب أن يغلق سنة 2021"، محذرا من "وجود تعبيرات غاضبة، مردها إلى انتظارات المغاربة، والتي تواجه بفراغ سياسي". من جهة ثانية عاد بنعبد الله، في حواره مع هسبريس، إلى إعفائه من حكومة العثماني بعد الاحتجاجات التي شهدها مدينة الحسيمة بالقول: "إعفائي أنا والحسين الوردي غير مشروع، ولم يكن في محله، لأننا قمنا بدورنا في ما يخص ملف الحسيمة"، وزاد: "هذا الأمر مرتبط بما نعبر عنه من مواقف. وبعد ذلك جاء إعفاء شرفات أفيلال، ثم تم إبلاغنا بأنه سيتم إعفاء الحزب من الصحة والسكنى مع التعديل الحكومي الأخير". "منذ إعفاء أفيلال من قطاع الماء في غشت 2018 كان هناك نقاش داخل الحزب حول ضرورة الانسحاب من الحكومة"، يقول أمين عام "حزب الكتاب"، الذي أوضح: "تريثت كأمين عام رغم أني كنت مقتنعا بأن الحل هو الانسحاب منذ ذلك الوقت"، مضيفا أن "مجموعة مهمة من الحزب لم تكن متفقة مع القرار، لذلك تم تأجيله إلى التعديل الحكومي الأخير"، وأشار إلى أن "وحدة الحزب كانت تقتضي الاستمرار إلى أن جاء التعديل الذي لم يحمل جديدا، رغم المطالبة بسياسة جديدة كما طالب بها الملك، وذلك للتواصل مع المغاربة"، موردا: "هذا الأمر شكل قناعة لنا بضرورة الانسحاب، لأنه لا شيء تغير". ويرى كبير الشيوعيين المغاربة أن "الدليل على منطق استمرار الحكومة في ما كانت عليه هو التراشق بين مكوناتها، رغم التوجيهات الملكية في هذا المجال في البرلمان، والتي دعت إلى وقف الخطابات السياسوية"، مشددا على أن المغرب "دخل منطق المنافسة حول 2021 من الآن"، وزاد: "وهذه التجربة الحكومية نضعها بين قوسين". أمجاد الشيوعيين أكد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن خروج حزبه من الحكومة "لا يعد انتهاء له، لأنه من أقدم الأحزاب في المغرب"، موردا أنه "عاش سنوات من السرية وخمسين سنة من المعارضة، وكان الكثيرون يقولون إنه لن يستمر، ورغم ذلك مازال يقوم بدوره". وفي هذا الصدد أوضح المتحدث نفسه أن "المعارضة ستكون بمثابة استرجاع لأمجاد الحزب وأنفاسه، إذ سيعيد تثبيت بعض المبادئ التي تزعزعت داخله، مع القضاء على الانتهازية والفردانية التي تجعل عددا من الناس يرتبطون به لمصالح شخصية". "التدبير الحكومي أدى إلى عدد من الأمور السلبية، إذ جعل الهياكل متفرجة على العمل الحكومي والبرلماني"، يقول بنعبد الله، الذي أوضح أن حزبه "عندما كان في الحكومة وكان يطالب بنفس ديمقراطي كان يسقط في التناقض، لأن الجميع كان يطلب أن يقوم بذلك داخل الحكومة". واعتبر بنعبد الله في هذا الصدد أن "الحزب اليوم يحس بنوع من التحرر"، وزاد: "ضاق بنا الحال وسط الحكومة بسبب غياب النفس السياسي"، منتقدا "استمرار الحلفاء في الخلافات وسط غياب أفق سياسي". عمليات قيصرية يرى بنعبد الله أن "الحكومة كانت تذكي الانحباس السياسي، وهو ما يتجسد اليوم في الشارع الذي يعرف العديد من التعبيرات"، مشيرا إلى أن "المطلوب لمواجهة الانحباس هو رفع اليد عن الأحزاب السياسية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية". وحول دليله على وجود مثل هذه التدخلات، تساءل بنعبد الله إن "كانت التغيرات التي وقعت في أحزاب مثل التجمع والاستقلال تمت بشكل طبيعي"، معتبرا "هذه الأمور لا تخدم السياسة في المغرب"، وأن "غياب الكفاءات في الأحزاب للتسيير والتدبير الحكومي نتيجة طبيعية للتدخل في الأحزاب". وأردف القيادي الحزبي: "إذا أردنا خلق انسجام بين العمل الحزبي والمواطنين فعلينا ترك الأحزاب تعوم مثلما تريد باستقلالية تامة"، داعيا إلى إعطاء التنظيمات الحرية لأن تتحالف مع من تريد، وعلى هذا الأساس سيتم خلق الثقة داخل المجتمع. وعلاقة بالصراع حول استحقاقات 2021، التي انطلقت مبكرا في المغرب، قال بنعبد الله إن "البعض كان يعتبر أنه في 2009 اكتسح الساحة السياسية المغربية، لكن الأساليب التي استعملت جاءت بنتائج عكسية"، مشيرا إلى أن "الأساليب التي يقوم بها البعض ويظن أنها ستجعله يفوز بانتخابات 2021 تتطلب منه التواضع، ومراجعة حقيقية لهذه المقاربات".