"ليس أشق على نفسي في الكتابة، من بين كل الموضوعات التي كتبت عنها في هذا الكتاب قدر أن أكتب عن حرب أكتوبر 1973، حرب يوم كيبور". هكذا استهلت رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير حديثها عن حرب أكتوبر في كتابها "حياتي" وفيه خصصت فصلا عن حرب يحتفل المصريون والسوريون بانتصارهم فيها في هذا الشهر من كل سنة. ثم تردف " لكنها حدثت ومن هنا فلا بد أن أكتب عنها ليس من الناحية العسكرية، إنما ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل باقيا معي على الدوام". خطأ في التقدير وأضافت "أؤكد لكل العالم ولأعداء إسرائيل بأن الظروف التي أودت بحياة 2500 إسرائيلي قتلوا في حرب يوم كيبور لن تتكرر ثانية". ورغم توصل القيادة الإسرائيلية عن طريق مخابراتها منذ شهر شتنبر بتحركات عسكرية مصرية في سيناء إلا أنها تفسيرها بحسب نفس الكتاب هو "مناورات تجري في مثل هذا الوقت من كل عام". بينما تم تفسير الحشود العسكرية السورية في الجولان ب"خوف سوريا من أن نقوم نحن بالهجوم" تورد مائير بأنه هكذا فسرت المخابرات الإسرائيلية هذه التحركات، مما أدى إلى الاستهانة بها. في حين تم تفسير "نقل الوحدات السورية من الحدود مع الأردن على أن نوع من الوفاق بين الدولتين وإظهار من سوريا لحسن نياتها تجاه الأردن". عدم استدعاء الاحتياطي ڭولدا التي ولدت بكييڤ بأكرانيا عام 1898 زادت في الكتاب نفسه الذي صدر سنة 1973 فإن إلى حدود 5 أكتوبر 1973 لم يكن أحد يتنبأ بإمكانية حدوث الحرب، رغم توصلها بمعلومة "مزعجة" وهي "أن عائلات المستشارين الروس في سوريا تحزم أمتعتها وترحل على عجل". لكن كل ذلك لم يفسر بأن الحرب قادمة لا محالة، ولم يتم استدعاء الجنود الإحتياطيين. هذه السياسية التي بدأت حياتها كمعلمة في ميلواكي الأمريكية التي انتقلت لها رفقة عائلتها من أوكرانيا استطردت "سألت وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس المخابرات عما إذا كانت هذه المعلومة مهمة، فوجدت أنها لم تغير من تقديرهم للموقف". وتلوم ڭولدا نفسها عندما لم تصدر القرار بتعبئة الإحتياطي إذ كتبت "لكنني أعلم أنه كان علي أن أفعل ذلك، وسوف أحيا بهذا الحلم المفزع بقية حياتي، ولن أعود مرة أخرى نفس الشخص الذي كنته قبل حرب يوم كيبور". تفوق سوري مصري مائير التي تقلدت الحكم في إسرائيل خلفا لرئيس الوزراء ليفي أشكول في فبراير 1969 المتوفي كتبت عن اللحظة التي توصلت فيها بأن القصف المصري والسوري قد بدأ بقولها ""وبينما نحن في اجتماع حكومي، دفع سكرتيري العسكري باب غرفة الاجتماع حاملا الأنباء بأن القصف قد بدأ، وسمعنا في نفس اللحظة تقريبا نعيق صفارات الإنذار في تل أبيب وبدأت الحرب". ثم زادت ڭولدا التي سبق لها أن تحملت حقيقبة الخارجية بين 56 و 1966 "لم يقتصر الأمر على أننا لم نتلق إنذارا في الوقت المناسب بل إننا كنا نحارب في نفس الوقت على جبهتين ونقاتل أعداء كانوا يعدون أنفسهم للهجوم علينا منذ سنين". وقارنت الجيش العربي بالجيش الإسرائيلي بقولها "كان هناك تفوق ساحق علينا من الناحية العددية، سواء في الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال، وكنا نقاسي من انهيار نفسي سحيق". أسطورة الجيش الذي لايهزم ورغم أنها أشارت في بداية الفصل الذي خصصته لحرب أكتوبر إلى أنها لن تكتب عن الجانب العسكري في هذه الحرب التي أرغمتها نتائجها على تقديم استقالتها ويخلفها بعد ذلك إسحاق رابين فإنها كتبت في إحدى الفقرات بأنه "في عصر 7 أكتوبر عاد ديان من إحدى جولاته على الجبهة وطلب مقابلتي على الفور، وعندما قابلته أبلغني أن الموقف في الجنوب وصل درجة من السوء إلى درجة أننا يجب أن نقوم بانسحاب جذري، فاستمعت إليه في فزع". وزادت دفينة القدس التي توفيت سنة 1978 في موضع آخر "كان المصريون قد عبروا القناة، وكانت قواتنا في سيناء قد تحطمت، وكان السوريون قد تغلغلوا في عمق مرتفعات الجولان". العرب واسرائيل وواصلت نفس المسؤولة حديثها عن الحرب قائلة" :إن الشك لم يخالجني ولو للحظة أن هدف الدول العربية كان ومازال هو تدمير دولة إسرائل، وأننا حتى لو كنا تراجعنا إلى ما وراء خطوط 1967 إلى بقعة صغيرة لما توقفوا عن محاولة اجتثاثنا". وأردفت في هذا الكتاب التي كتبت فيه عن طفولتها وتنقلها إلى القدس سنة 1924 ومختلف المناصب التي تقلدتها في حياتها " لكنني رأيت من واجبي في 16 أكتوبر أن أذكر الدول الأعضاء في الأممالمتحدة والعرب بأن سبب تمسكنا بعناد بالأراضي التي تم ضمها في 67 هو انتظار محادثات السلام". وعن مقدار تسلح الجيش العربي تقول ڭولدا "شنت علينا هذه الحرب بأسلحة مفزعة مثل الصواريخ المضادة للدبابات التي زودت بها روسيا مصر وسوريا، والتي كانت تحول الدبابات إلى لهيب مشتعل وتعجن أطقمها بداخلها لدرجة يستحيل معها التعرف على هوياتهم". وتزيد في موضع آخر من نفس الفصل "قضيت عدة أيام والعذاب يمزقني خوفا من أن تنفتح علينا جبهة ثالثة وتنضم الأردن إلى الهجوم علينا، لكن بدا واضحا أن الملك حسين تعلم من درس حرب الأيام الستة عندما أرسل فيلقا أردنيا مدرعا لمساعدة السوريين، لكننا كنا عندئذ نهاجمه أهداف استراتيجية في داخل عمق سوريا، وكانت مدفعيتنا قد وصلت إلى ضواحي دمشق؛ لذلك فدبابات حسين لم تكن ذات فائدة". روسيا وأمريكا والحرب نوهت جولدا بالدور الأمريكي في دعم إسرائيل بقولها "أردت أن أعلن على الملإ مدى امتننانا للرئيس والشعب الأمريكي ومدى غضبنا من تلك الحكومات خاصة الفرنسية والبريطانية التي اختارت حظر شحنات الأسلحة أثناء القتال دفاعا عن أرواحنا". مقابل تذمرها من الإتحاد السوفياتي وقتها إذ أكدت "أردت أن أسجل اللوم للإتحاد السوفييتي والدور الشرير الذي يلعبه في المنطقة، فالأثر السوفياتي واضح سواء في المعدات أو العقائد العسكرية التي تتبناها الجيوش العربية، بالإضافة إلى شحنات الأسلحة جو وبحرا إلى مصر وسوريا والعراق". مشكلة الأسرى الإسرائيليين وأثناء حديثها عن "حرب أكتوبر" خصصت ڭولدا مائير في مذكراتها فقرات كثيرة لأسرى الحرب الذين احتفظت بهم كل من مصر وسوريا. إذ قالت : "استبد القلق بمئات الآباء الذين بدأوا يتساءلون عن مصير أبنائهم". ثم زادت" ولم يكن في استطاعتي أن أقول لا للآباء والزوجات الذين كانوا يظنون أنهم ما أن يقابلوني حتى يجدوا عندي بطريقة سحرية جوابا على تساؤلاتهم ولم أكن أقول لهم سوى أننا لن نوافق على أية ترتيبات ما لم تضمن عودة الأسرى". رغم أنها لا تعرف عددهم ولا هوياتهم، فقد كتبت ڭولدا في فقرة أخرى " لا أعتقد أنني أردت شيئا في حياتي بإلحاح قدر ما أردت قائم الأسرى هذه" ثم زادت " وأنا شخصيا لن أغفر للمصريين والسوريين أشياء كثيرة، لكنني فوق كل شيء لن أغفر لهم منع هذه المعلومات أياما عنا لمجرد سوء القصد ومحاولة استخدام غضب الأهالي الإسرائيليين ضدنا كورقة سياسية".