خضعت تشيلي لحظر تجول لليلة الثالثة تواليا الاثنين مع تزايد التظاهرات العنيفة وأعمال النهب التي أوقعت 12 قتيلا في مختلف أنحاء البلاد، فيما يجمع الرئيس سيباستيان بينيرا الأحزاب السياسية في محاولة لإيجاد حل للازمة الاجتماعية. واندلعت الاحتجاجات أساسا على رفع أسعار رسوم المترو قبل أن تتحول إلى غضب ضد الجيش والرئيس بينيرا الذي اقترح مساء الإثنين "عقدا اجتماعيا" يلبي مطالب المتظاهرين. وقال الجنرال خافيير اتورياغا، المكلف بأمن العاصمة، إنّ حظر التجول الساري من الساعة الثامنة مساء حتى الساعة السادسة صباحا "ضروري" مع اشتعال العنف مجددا في سانتياغو وعدد من مدن البلاد. لكنّ المتظاهرين تجاهلوا الأمر واشتبكوا مع قوات الأمن في عدد من أحياء العاصمة. وقتل شاب بعدما صدمته شاحنة عسكرية أثناء نهب شركة صيد في مدينة تالشوانو جنوب البلاد، على ما أفاد مكتب النائب العام الإثنين. واعتبر الرئيس، الأحد، بعد التحركات الاجتماعية، وهي الأسوأ منذ عقود، أن البلاد في "حالة حرب"، مع مقتل خمسة أشخاص في مصنع أحرقه متظاهرون في ضاحية العاصمة، وامرأتين في متجر تم إحراقه أثناء عمليات نهب. ومنذ بدء الاحتجاجات الجمعة تم اعتقال نحو 1500 شخص. والإثنين، استخدمت قوات الأمن التي نشرت نحو 9500 عنصر، الغاز المسيّل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين. وتجمع آلاف المتظاهرين في شكل سلميّ مساء الإثنين في ميدان إيطاليا الرئيسي في العاصمة مرددين هتافات "ارحل بينيرا"، وأخرى مناهضة للجيش. وقالت المدرسة كاميليا روخاس (29 عاما) إنّ المحتجين لديهم الكثير من المطالب لكنّ "استقالة بينيرا أولها". وفيما قام بعض المتظاهرين بإلقاء الحجارة وتحطيم محطات انتظار الحافلات ونهبوا متاجر وأقاموا متاريس وأشعلوا النيران، كانت غالبية التظاهرات في العاصمة سلّمية واحتفالية وتتضمن غناء ورقصا وقرع طبول. "عدو لا يرحم" وقال الرئيس التشيلي مساء الأحد بغضب للصحافيين: "نحن في حالة حرب ضد عدو قوي لا يرحم، لا يحترم أحدا ولا شيئا وهو مستعد لاستخدام القوة بدون أي حدود". وحالة الطوارئ المطبقة أيضا منذ مساء الجمعة في العاصمة تطال 9 مناطق أخرى من ال16 في البلاد. ونشر 10 آلاف شرطي وجندي، وهي المرة الأولى التي ينزل فيها العسكريون إلى الشارع منذ سقوط ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوشيه (1973-1990). لكنّ الرئيس أعلن الإثنين أنه سيجتمع مع الأحزاب السياسية المنافسة الثلاثاء "للعمل على عقد اجتماعي يتيح أن نصل سوياً بسرعة وكفاءة ومسؤولية إلى حلول أفضل للمشكلات التي يعاني منها التشيليون". ومنذ الجمعة تشهد تشيلي أسوأ أزمة اجتماعية منذ عقود. وبدأت التظاهرات الجمعة احتجاجاً على زيادة رسوم مترو سانتياغو -- من 800 إلى 830 بيزوس (1,04 يورو) -- التي تملك أوسع وأحدث شبكة لقطارات الأنفاق في أميركا اللاتينية يبلغ طولها 140 كيلومتراً وتنقل يوميا ثلاثة ملايين راكب. ومع أنّ الرئيس تراجع مساء السبت عن قرار زيادة أسعار المواصلات، إلا أن شرارة الاحتجاجات لم تنطفئ، بل إنّ المتظاهرين رفعوا سقف مطالبهم لتشمل قضايا أخرى مثل التفاوت الاجتماعي والاحتجاج على النموذج الاقتصادي المطبق والحصول على التعليم والخدمات الصحية المرتبطين خصوصا بالقطاع الخاص. الحياة مشلولة واستهدفت محطات المترو والحافلات في التظاهرات العنيفة، إضافة إلى عشرات السوبرماركت والسيارات ومحطات البنزين التي خربت أو أحرقت. وبدأ مترو سانتياغو، الذي تم تعليق عمله الجمعة، العودة للعمل تدريجيا الإثنين مع عودة بعض الموظفين للعمل. وفي العاصمة، ألغى عدد من الموظفين أعمالهم، فيما لازالت الدراسة معلقة في معظم المدارس والجامعات. وفي أحياء عديدة من سانتياغو حرص السكان على عدم وقوع أعمال تخريب جديدة؛ وبموافقة قوى الأمن باتوا يحرسون المتاجر ليلا مسلحين بقضبان ومرتدين سترات صفراء. ورغم تحقيق معدل نمو متوقع أن يصل إلى 2.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، تظهر عدة مؤشرات اجتماعية في قطاعات الصحة والتعليم والمعاشات تفاوتا كبيرا بين المواطنين. وقال بائع المأكولات المتجول كارلوس ليسيرو إنّ الحكومة بحاجة لاتخاذ إجراءات ملموسة "لتحسين الرواتب والصحة والمعاشات". *أ.ف.ب