خرج آلاف التشيليين، الثلاثاء، إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد في تظاهرات شهدت أعمال عنف، للتعبير عن احتجاجهم ضد الرئيس سيباستيان بينييرا الذي يواجه أزمة سياسية مستمرة، وللدعوة إلى تغيير اقتصادي وسياسي. وفي العاصمة سانتياغو وحدها، تجمع حوالي عشرة آلاف شخص في ساحة إيطاليا، حيث حاول البعض شق طريقهم إلى القصر الرئاسي الذي انتشرت قوات الأمن حوله بكثافة. وقد اشتبكوا مع شرطة مكافحة الشغب. وخلال الصدامات التي جاءت في اليوم ال11 للاحتجاجات، استخدمت الشرطة خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، فيما رشق المحتجون عناصر الأمن بالحجارة. والاثنين، اندلعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن في وسط سانتياغو بعد ساعات قليلة من إجراء الرئيس بينييرا تعديلا حكوميا. وتعرضت متاجر لأعمال سلب ونهب، فيما اشتعلت النيران في مبنى واحد على الأقل في حوادث أعادت إلى الأذهان مشاهد العنف التي وقعت في الأيام الأولى للاحتجاجات التي بدأت في 18 أكتوبر. وانفجر الغضب الاجتماعي الذي تجسَّد في تظاهرات عنيفة وعمليّات نهب، بعد إعلان زيادةٍ نسبتها 3,75 بالمئة على رسوم مترو سانتياغو، لكنّه لم يهدأ بعد تعليق هذا الإجراء. وقالت المتحدثة الجديدة باسم الحكومة، كارلا روبيلار، إنّ "الأمر لا يتعلق بالأشخاص الذين يريدون العدالة الاجتماعية ويريدون أن تكون الأمور أفضل، هناك أشخاص يريدون الدمار والفوضى". وأكدت التناقض بين أحداث الفوضى الأخيرة والاحتجاج السلمي الذي جرى الجمعة، والذي شارك فيه نحو 1,2 مليون شخص، حسب أرقام رسمية. والثلاثاء، أقر وزير العدل وحقوق الإنسان، لارين هرنان، بوقوع مواقف "تبدو كانتهاكات حقوق إنسان" أثناء إنفاذ القانون خلال الاحتجاجات التي أودت بحياة عشرين شخصا على الأقل. بدوره، قال المسؤول في منظمة العفو الدولية، سيزار مارين، إنّ المنظمة تحقق في أكثر من مئة شكوى ضد انتهاكات الشرطة. وأعرب عن قلقه حيال اتهامات ب"تعذيب جنسيّ" وتقارير عن إصابة محتجين في أعينهم ومواقف أدت خلالها أفعال الشرطة أو الجيش مباشرة إلى مقتل محتجين. ومن المقرر أن تصل بعثة تقودها المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، الرئيسة السابقة لتشيلي، في وقت لاحق من الأسبوع الجاري. وخرجت تظاهرات مناهضة للحكومة أيضا في مدينتي فالبارياسو وكونسيبسيون، الثلاثاء، حسب ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي. الأمر الأكثر إثارة للقلق جاءت الاحتجاجات الأخيرة فيما قال وزير المالية التشيلي الجديد، إيغناسيو بريونس، إن البلاد تواجه نهاية "سيئة للغاية" للسنة الاقتصادية في تشيلي بسبب الاحتجاجات. وعُين بريونس في هذا المنصب يوم الاثنين الماضي عندما قام بينييرا بتغيير منصبه للمرة الثالثة منذ وصوله للسلطة في مارس 2018. وأبلغ بريونس راديو كوبراتيفا أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الإشارات التي قدمناها (...) ستؤدي إلى انخفاض في الاستثمار". وقال إن "الواقع الجديد" يعني أن النمو المتوقع بنسبة 2,5 بالمئة ستتم مراجعته. ويطالب المتظاهرون باستقالة بينيرا على الرغم من تقديمه مجموعة من التنازلات، بما في ذلك الزيادة في الحد الأدنى للأجور والمعاشات. ولا تظهر الاحتجاجات أي إشارة على التراجع. وأضاف بريونس قائلا: "هناك شركات لن تكون قادرة على العمل في الأشهر المقبلة". وبصفته وزير المالية الجديد، تم تكليف بريونس بإيجاد موارد لتمويل حزمة المساعدات الاجتماعية التي أعلنها الرئيس بينيرا لتهدئة المحتجين. وأعلن الرئيس الملياردير، الأسبوع الماضي، تدابير لخفض كلفة الخدمات الصحية، بالإضافة إلى زيادة دعم الحد الأدنى للأجور والمعاشات.