أما آن لكم أن تتخلصوا من ثقافة الحزب الوحيد؟ منذ أن تأسست "حركة اليقظة المواطنة" خلال شهر غشت 2011، تكفل السيد عبد الله البقالي في "حديث يومه" بمهاجمة بعض أعضائها، أو بمهاجمة هذا الإطار المدني بشكل صريح كما حصل في كلمته الصادرة بجريدة العلم يوم السبت 31 دجنبر 2011 (عدد 22170). والواقع، أنه ترددنا كثيرا في الرد على ما يكتبه السيد البقالي تفاديا للدخول في نقاشات فارغة، أو بوليميك سياسوي عقيم. غير أن ما تضمنه "حديث يومه" من اتهامات صريحة في حق الجمعية دفعني للرد على مضمون ما جاء فيها مع وعيي التام بأن المعني بالأمر لن يسقطنا في فخاخ السجال الفج الذي لن ينفع المغاربة في شيء. 1. بداية، يتهمنا السيد البقالي بأننا "تنظيم مجهري يتستر وراء اليقظة"!. ولكي يطمئن السيد رئيس تحرير جريدة العلم، فإننا نقول له بأننا لسنا ألوية ثورية انقلابية، ولا خلية إرهابية، ولا تنظيما سريا، ولا ملحقة حزبية لأي تنظيم سياسي حتى نتستر وراء إطار جمعوي، بل إننا حركة مدنية مواطنة أعلنّا اليقظة ضد كل العقليات المحافظة. وهدفنا –كما هو مسطر في أرضيتنا التأسيسية (ولا أدري هل اطلع عليها الصحفي البقالي؟)- هو الإسهام الجاد في النقاشات الوطنية المرتبطة بالشأن العام، وتتبع مجريات الحياة السياسية بما يقتضيه ذلك من إعمال لآليات الرصد، والتقييم، واقتراح البدائل. ولا أعتقد إن كان هذا الطموح المشروع هو الذي أزعج السيد البقالي؟. وبالمناسبة، فإننا نفتخر بالاشتغال في جمعية تضم فعاليات سياسية، ومدنية وإعلامية نزيهة تنتمي لمشارب فكرية مختلفة تشكل رأسمالا نوعيا في هذه التجربة، وتعلن انحيازها الصريح لخيار الحداثة، والاختلاف والتعدد بعيدا عن منطق الإقصاء، وثقافة الحزب الوحيد التي ينهل منها صاحب "حديث اليوم"، والذي ينصب نفسه –مع الأسف- وصيا على الحريات العامة، وموزعا لصكوك الشرعية والمصداقية... 2. كنا نتمنى أن يناقشنا السيد البقالي في مضمون ملاحظاتنا بخصوص "ميثاق الأغلبية الحكومية"، وأن نقارع الفكرة بالفكرة، والحجة بالحجة، غير أنه فضل التهجم على الجمعية، وإن اعتبرها "من حيث الشكل مبادرة سليمة –ونشكر له بالمناسبة هذه الأريحية التي لا تترجم في الواقع قناعته الحقيقية التي انكشفت في تفاصيل اللغة التي كتب بها حديثه. 3. يدعونا السيد البقالي "للإفصاح عن مرجعيتنا السياسية وخلفيتنا الإيديولوجية" كشرط ليقبل بنا إطارا مدنيا يشارك في مناقشة معطيات الحياة السياسية. وفي هذا الصدد، نود تذكيره بأن قسم الشؤون العامة لم يطلب منا ذلك، ولم يشترط قبول ملفنا التأسيسي بهذا التصريح الذي يذكرنا بمخلفات "ثقافة كل ما من شأنه" السيئة الذكر. ثم، نلفت انتباه السيد البقالي بأننا لسنا حزبا سياسيا حتى يطلب منا ذلك، بل نحن جمعية مدنية من المفروض من رئيس تحرير جريدة أن يكون قد اطلع على أرضيتها التأسيسية. أما الحكم على مصداقية الجمعية فهو أمر غير موكول للمدعي العام بل هو مرتبط بعمل الجمعية وبإنجازاتها الميدانية. 4. يتهمنا السيد البقالي بمحاولة "استغفال الرأي العام واستبلاده". وهنا، نسجل بأن حكمه هذا ينم عن حكم قيمة سلبي إزاء المغاربة، إذ يضع الرأي العام في حالة بلادة جاهزة، وينطلق من رؤية استعلائية تعتبر المواطنات والمواطنين قاصرين. ولعمري، هذا هو منتهى الاستغفال الحقيقي. 5. يتهمنا السيد البقالي، مرة أخرى، بأننا "ننصب أنفسنا أوصياء على المغاربة بواسطة التسلط"(!) (هكذا). ولا أدري حقيقة من الذي يصر على تنصيب نفسه وصيا على الشعب باسم الشرعية الوطنية المفترى عليها، ومن الذي يمارس التسلط أو على الأصح مارسه منذ فجر الاستقلال إلى اليوم؟ ومن الذي ساهم في حكم البلاد سنوات القبضة الحديدية، ومن الذي ترعرع في مسالك السلطة والنفوذ أيام كانت القوى الحية تموت وتتصارع من أجل الديمقراطية والكرامة؟. وما زلنا اليوم نعيش فصولا ساقطة من الجري وراء الغنائم الحكومية. أما أن تنعت جمعية مدنية لا سلطة لها إلا رأسمالها المعنوي والبشري بالتسلط، فهذا ضرب من الهلوسات الصحفية. *رئيس حركة اليقظة المواطنة