انتخاب عمدة طنجة، منير ليموري، رئيسا لمجلس مجموعة الجماعات الترابية "طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع"    "الكونفدرالية" تقرر تسطير برنامج احتجاجي تصعيدي ضد التراجعات التشريعية للحكومة وإخلافها لالتزاماتها    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    نظام الجزائر يرفع منسوب العداء ضد المغرب بعد الفشل في ملف الصحراء    نقابة تنبه إلى تفشي العنف الاقتصادي ضد النساء العاملات وتطالب بسياسات عمومية تضمن الحماية لهن    البنك الدولي: المغرب يتصدر مغاربيا في مؤشرات الحكامة مع استمرار تحديات الاستقرار السياسي    الاتحاد الإفريقي يعتمد الوساطة المغربية مرجعًا لحل الأزمة الليبية    وسط صمت رسمي.. أحزاب مغربية تواصل الترحيب بقرار المحكمة الجنائية وتجدد المطالبة بإسقاط التطبيع    برنامج الجولة الخامسة من دوري أبطال أوروبا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الشرطة توقف مسؤولة مزورة بوزارة العدل نصبت على ضحايا بالناظور    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر        الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    تيزنيت: شبان يتحدون قساوة الطبيعة وسط جبال « تالوست» و الطريق غير المعبدة تخلق المعاناة للمشروع ( فيديو )        إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام        مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العياسي: ليكون القضاء سلطة لا بد من ضمان استقلاليته عن وزارة العدل
رئيس الودادية الحسنية للمساء : قضاة «الفايسبوك» أبناؤنا ولا علاقة للودادية بقرار منعهم من عقد مؤتمر ناديهم
نشر في المساء يوم 29 - 09 - 2011

قال عبد الحق العياسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، إن القضاة الذين أسسوا نادي القضاة تابعون للودادية، مشيرا إلى أن هي أجهزة الودادية
انتخبت من لدن جميع قضاة المملكة. وأوضح العياسي في هذا الحوار مع "المساء" أن القوانين التنظيمية التي لم تصدر بعد هي الكفيلة بشرح معنى الجمعية المهنية التي نص عليها الدستور، مشيرا إلى أن هناك فسادا في القضاء تقتضي محاربته عبر توعية المواطن بفضح كل من طلب منه مالا مقابل الحصول على حقه.
وبخصوص ملف اعتقال رشيد نيني، قال رئيس الودادية إنه يؤجل الحديث عنه إلى حين صدور الحكم النهائي، لكنه يرى بالمقابل أن القانون الخاص يطبق على القانون الخاص.


- عند تقلدك منصب المسؤولية التزمت بالانفتاح على المجتمع المدني وعلى وسائل الإعلام والمنظمات الوطنية بهدف تقريب القضاء من المواطنين. ما الذي تحقق من ذلك؟
لقد قمنا بعدة مبادرات من أجل محو النظرة التي تقول إن القضاء متقوقع على نفسه، ومنها ندوة حول الإعلام والقضاء، التي انعقدت بالرباط وحضرها إعلاميون وقضاة وأساتذة جامعيون ورجال فكر، وخلصت إلى توصيات، منها ضرورة أن تكون العلاقة بين الإعلام والقضاء متينة، وأن يتعين على كل من رجال القضاء والإعلام أن يكونوا متمكنين من قانون الصحافة حتى يرفع التشنج الذي يوجد بين هاتين السلطتين، إضافة إلى عقد لقاءات على المستوى الجهوي تشارك فيها فعاليات من المجتمع المدني، والغاية من كل ذلك هو الانفتاح على العالم الآخر، سواء تعلق الأمر بفاعلين جمعويين أو برجال السياسة وغيرهم من مكونات المجتمع المغربي.

وما هي طبيعة التواصل مع جمعيات المجتمع المدني؟

يكمن التواصل في تلبية دعوة كل جمعية استدعتنا للقاء يدخل ضمن اهتماماتنا، ومن بين الأمثلة مشاركتنا في ندوات عديدة مثل ندوة نظمت حول مناهضة التعذيب، وأخرى حول محاربة العنف ضد النساء، إلى جانب مشاركتنا في الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، التي ساهمنا في إعدادها بفعالية، وكلما استدعينا من طرف أي جمعية، نكون حاضرين، سواء بصفة شخصية أو إيفاد من يمثل الودادية.

ما هو تقييمكم لمدى تطبيق مدونة القيم القضائية من لدن القضاة؟

لقد وضعت الودادية الحسنية للقضاة منذ تأسيسها شعارا لها يتمثل في وجود قضاء قوي ونزيه وكفء ومستقل، وقمنا بعدد من الدراسات وعقدنا العديد من اللقاءات بحضور متخصصين، وخلصنا إلى ضرورة وضع مدونة للقيم القضائية تكون بمثابة خارطة الطريق للقاضي، في إطار المساهمة في ورش الإصلاح الكبير للعدالة، فنظمت عشرات الندوات في مختلف جهات المملكة، وشارك القضاة بمواضيع مهمة في إطار التحضير لتدوين مدونة القيم القضائية، واختتمنا هذه الأنشطة بندوة وطنية في الرباط حضرها مختلف الفاعلين، وكذا وزير العدل الذي أعلن عن هذه المدونة، التي خرجت إلى حيز التنفيذ، وفي إطار تفعليها تدرس حاليا في المعهد الوطني للدراسات القضائية كمادة أساسية، كما تدرس أيضا في الجامعات مثل المحمدية، وقد قلنا بضرورة أن تكون موضوع حلقات للتكوين المستمر للقضاة، إضافة إلى انخراطنا مع جمعية القضاة والمحامين الأمريكيين في الموضوع.

على ذكر التزام القضاة بهذه المدونة، ألا تعتقد أن عدم توقيعهم عليها لا يلزمهم بشيء؟

إن مدونة القيم القضائية ليست بمثابة سيف مسلط على القاضي، بل التزم بها فعليا لما حضر الندوات التي عقدت من أجل التعريف بها وساهم بعروض أثناء إعدادها، فهذا انخراط فعلي. كما أن مساهمته في تفعيل النقاش حول المدونة تؤكد مدى الالتزام الأدبي للقاضي بمضمونها. إذ لا أحد وقع عليها، ولكن الكل انخرط فيها، إضافة إلى أن هذه المدونة ساهم في إعدادها القضاة. وإن لم تكن هذه المدونة فهناك مبادئ ينبغي أن يتحلى بها القاضي مثل الوقار والحياد والتكوين. إنها صفات القاضي الكفء والنزيه، التي نعتبرها بمثابة تحصيل حاصل.

-تقولون إن من أهداف الودادية نشر كل القيم والمثل العليا من عدل ونزاهة ونكران ذات. ما هي حصيلتها في مجال تخليق ومحاربة بعض المفسدين في الجهاز القضائي؟



-حتى نكون صرحاء أكثر، الفساد موجود ولكن ليس في القضاء وحده. كما أنه ليس كل القضاء فاسد. وأقول البعض لا الكل.

-هناك فساد، لكن من المسؤول عنه؟

-إن منظومة العدالة متكاملة، فالحكم يمر من الخبير والطبيب وكتابة الضبط والضابطة القضائية والمحامي ليصل إلى القاضي، الذي هو آخر وأضعف طرف في المعادلة، فالقاضي تصله وثائق قد يكون بها تلاعب وينطق بما هو موجود بين يديه، فحتى الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر. فمثلا عندما أتوصل بخبرة من خبير فأنا لست تقنيا حتى أعرف مدى صحتها، إذ لو كنت كذلك لما احتجت إليه، وتكون النتيجة أن آخذ بها وأحكم بناء على المعطيات التي أتوفر عليها، فالشخص الذي حكمت لصالحه يقول إن القضاء صالح، والذي لم يكن الحكم لفائدته سيقول إن القضاء فاسد. الفساد موجود ولكن علينا أن نعرف مكامنه، وهذا يقتضي إصلاح المنظومة القضائية برمتها، فإذا أصلح مساعدو القضاء سيكون القضاء مجبرا على أن يكون صالحا، ولكن إذا بقي الفساد هناك فإن المعطيات التي تصل إلى القاضي ستكون فاسدة، وفي الأخير هو من ستلصق به تهمة الفساد.

-هل معنى هذا أنه لا يوجد هناك فساد في جهاز القضاء؟

-سيكون من العبث أن أقول إن القضاة كلهم صالحون، ولكن هناك قلة قلية، والنادر لا حكم له، فهناك قضاة غير صالحين يساهم في إفسادهم الآخرون، من مواطنين ومحيطين به، فعلى المواطن أن يكون واعيا ويتشبع بثقافة الحصول على حقه بدون أداء أي ثمن، ويصر على ذلك عوض البحث عمن يقدم له مالا من أجل نيل حقه. عليه أن يناضل لأجل ذلك، وإذ اتصل به شخص ما وطلب منه مالا لمنحه للقاضي، عليه أن يفضحه بكل الوسائل المتاحة من قبيل اللجوء إلى النيابة العامة، وبهذا سيساهم المواطن في الإصلاح، وإذا قام شخص بهذا سيتبعه آخرون لا محالة.

إلى أي حد ساهمت الودادية في فضح بعض القضاة الذين راكموا ثروات في ظروف غامضة؟

إن همنا الأساسي هو تخليق القضاء وإعادة ثقة المواطنين إليه، وقد أصبح من الموضة القول بأن "القضاء فاسد"، والذي لم يقل هذه العبارة لم يقل أي شيء، حتى أضحى كل من هب ودب يقول ذلك.

لكن وزير العدل نفسه قال إن هناك فسادا في القضاء؟

لم يقل السيد وزير العدل إن القضاء فاسد، ولكن قال هناك فساد، وأنا أيضا قلتها، ولكن ليس بشكل كبير، وما هو موجود يمكن إصلاحه، وكلنا نعرف مكامن الخلل ونعرف ما يجب إصلاحه. لقد ساهمت الودادية في التخليق، وكلما أتيحت لها الفرصة تذكر القضاة بضرورة التقيد بمدونة القيم القضائية، وبأنه ينبغي إعادة الثقة في القضاء إلى المواطنين واستعادة هيبته، وأن يكون هذا الجهاز في مستوى القضاء الدولي، وموضوع الإصلاح ليس موكولا إلى فرد أو جهاز، بل إلى كل المنظومة القضائية.

-جعل الدستور الجديد القضاء سلطة. ماهي الأولويات التي تراها ضرورية للوصول إلى هذا المبتغى؟

نسجل بافتخار أن الدستور الحالي دستر مبدأ مسألة فصل السلطات، فقال إن القضاء سلطة مستقلة وجعل لها رئيسا كباقي السلطات الأخرى. لقد جاء الدستور بآليات مهمة جدا تكرس لاستقلال القضاء بالمعنى الحقيقي، فأعطى منصب الرئيس المنتدب، الذي ينوب عن جلالة الملك في رئاسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، لرئيس محكمة النقض، وهذا شيء يكرس الاستقلال. كما منح القاضي حق التعبير وحق تأسيس الجمعيات وحق إشعار السلطة القضائية بما يمس استقلاليته، وما زال هناك جانب آخر هو النيابة العامة، ونحن ما زلنا نترقب القوانين التنظيمية لتنزيل ما جاء به الدستور، ونحن طالما نادينا باستقلال هذا الجهاز عن السلطة التنفيذية، أي وزارة العدل، لأن النيابة العامة هي التي تتابع، ودورها مهم في جدا القضايا، ويجب أن ترسى استقلاليتها وتكون تابعة للوكيل العام للمجلس الأعلى أو للوكيل العام لمحكمة النقض. ورغم أن الدستور أقر بأن التعليمات تعطى كتابة وفي إطار القانون، وهذا تأكيد على الاستقلالية، ينبغي أن تكون النيابة العامة مستقلة عن الجهاز التنفيذي حتى تمارس اختصاصاتها بكل شفافية وبكل استقلالية.

-ما هو الوضع الحالي للنيابة العامة؟

-لقد أوضح الدستور أن النيابة العامة تابعة للسلطة التي تنتمي إليها. وكما هو معلوم بالنسبة إلى الدستور القديم، فإن النيابة العامة تابعة لوزير العدل، ونحن ننتظر ما ستسفر عنه القوانين التنظيمية لنعرف السلطة التي تنتمي إليها، هل ستبقى تابعة لوزارة العدل أم ستتبع الوكيل العام لمحكمة النقض؟.

-وما هو تصور الودادية للموضوع؟

-نحن اقترحنا أن تكون النيابة العامة تابعة للوكيل العام لمحكمة النقض، وهذا تصورنا، كودادية، ونحن ننتظر القوانين التنظيمية.

-ظلت الودادية تؤكد على عدم دخول أي شخصية غير قضائية إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبعد الإعلان عن هيكلته وتبين أن بعض مكوناته لا علاقة لها بالقضاء، التزمت الصمت. ما سبب ذلك؟

-لم نلتزم الصمت أبدا، وبقينا نناضل إلى حين صدور الدستور الجديد. وكان يروج، سابقا، في الكواليس أن الذي سيكون نائبا للملك في المجلس الأعلى للسلطة القضائية شخصية غير قضائية، وهذا ضرب للاستقلال، إذ كانت التركيبة تعطي الأغلبية لغير القضاة، وهذا ما ناضلنا من أجله حتى لا يكون استقلال القضاء مهددا، وقلنا إن الأشخاص الموجودين ضمن تركيبة المجلس الأعلى يجب ألا يكون لهم أي تأثير سياسي ولا ارتباط بالممارسة المهنية، فإذا كان رجل سياسة قد تكون له ملفات رائجة، وإذا كان شخصا ينتمي إلى المنظومة القضائية ستكون لديه ملفات، إذن كيف يمكن له أن يتعامل باستقلال ونزاهة؟ لا شك سيكون لذلك تأثير معنوي. وقد استشرنا بعد ذلك وطلب منا البديل فقلنا لا بأس من انضمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكذلك الوسيط والمجلس العلمي الأعلى، وقد جاء ذلك وفق مطلبنا، إضافة إلى أربعة أشخاص سيختارهم الملك ووضعت لهم شروط بما يضمن الحياد وضمان الاستقلال للقضاء، إضافة إلى أن التركيبة تضم ثلاثة عشر قاضيا مقابل سبعة غير قضاة، منهم ثلاثة جاؤوا وفق طلبنا، ويبقى أربعة لن يكون لهم تأثير على مسار القاضي.

ولابد أن أوضح أن هناك من يقول إن القضاء هو شأن عام فلا ضير في وجود أشخاص غير قضائيين، ولكن نجد ضمن اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية تأديب القاضي وترقيته أو إسناد المسؤولية له، فهذا ليس شأنا عاما، بل شأن مهني صرف، إذ أن العضو غير القاضي لا يعرف مسار القاضي ولم يتعامل معه، فكيف إذن يمكن أن يرقيه أو يؤدبه؟، ولهذا السبب كنا نقول إن المجلس شأن خاص بالقضاة، أما السياسة القضائية فمن حق الجميع مناقشتها، فنحن مثلا نناقش تمديد الملفات والاكتظاظ في المحاكم، ونناقش أيضا الفساد ومكامنه، فأي شخص كان داخل المجلس يمكنه مناقشة ذلك، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمهنة، يكون القضاة وحدهم أدرى بذلك، فمثلا القضاة الفرنسيون لا يناقشون الشأن القضائي وإن كان ضمن مجلسهم أشخاص غير قضائيين.

-لقد أعطى الفصل 111 من الدستور الحق للقضاة في تأسيس جمعيات مهنية، ولذلك أسس نادي القضاة. ما هي العلاقة التي تجمع الودادية بالنادي؟

-لا زلت أعتبر أعضاء نادي القضاة تابعين للودادية، لأنه لما جرت انتخابات الودادية ساهم فيها جميع قضاة المملكة، وهي من أعقد الانتخابات وأنزهها وأكثرها شفافية لأنها تمر بمراحل، حيث يتم أولا انتخاب رؤساء المكاتب الجهوية ونوابهم ثم أعضاء الجمع العام، وعددهم 213 عضوا. وتستغرق هذه العملية حوالي شهر، ينتخب بعدها أعضاء الجمع العام رئيس الودادية ونائبه وأعضاء المكتب المركزي، وقد ساهم القضاة كلهم في انتخاب الودادية، بمن فيهم قضاة نادي القضاة الذين أعتبرهم ما زالوا قضاة للودادية. وقد جاء تأسيس القضاة للنادي في سياق حقهم الدستوري الذي لا نقاش حوله، غير أن القوانين التنظيمية لم تصدر حتى نعرف معنى الجمعية المهنية. وسبق لي أن قلت إن هيئة الأطباء هيئة واحدة في المغرب، ولكن هناك جمعيات مثل جمعية طب العيون وجمعية طب القلب وغيرهما من الجمعيات المهنية المتعددة، التي تعمل تحت هيئة الأطباء. هذا هو تصوري، فالودادية لها تمثيلية وطنية ومكتسبات وطنية ودولية، وهذا لن يتأتى للجميع لأن القانون صريح في هذا الباب، ولهذا فالودادية هي ودادية الجميع، أما الجمعيات المهنية، حسب مفهومي الشخصي لأننا ما زلنا ننتظر القوانين التنظيمية، من جمعية القضاة الشباب وجمعية قضاة التحقيق وجمعية قضاء الأسرة، فتكون جمعيات مهنية على أن تعمل تحت لواء الودادية التي هي جمعية وطنية.

-لكن وزير العدل أقر بحقهم في تأسيس جمعية..

-هذا حق دستوري، ولهم الحق في تأسيس جمعية، لكننا ننتظر ما ستسفر عنه القوانين التنظيمية، وحسب علمي هناك أكثر من سبع جمعيات تتأسس وتستعد لذلك، لذلك ينبغي أن لا نقع في تشتيت الصف القضائي، إذ يجب أن يبقى القضاة موحدين حتى يسمعوا كلمتهم للأغيار، أما إذا تفرقنا سيطبق علينا منطق "فرق تسد"، فإذا هناك عدد من الجمعيات، من سيتحدث باسم القضاة؟ ولمن سيسمع المسؤولون؟ هل لهذه الجمعية أم إلى تلك؟ لذلك ينبغي أن يظل الصف القضائي متراصا حتى يسمع الجميع كلمته، ويصل إلى هدفه المنشود. لا أريد القول إن هناك من يريد إسكات صوت القاضي والدفع في اتجاه تشتيت صفه عبر الدفع بتأسيس جمعيات متعددة بسبب تصعيد الودادية لنضالها أثناء نقاش تركيبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

-راج أن الودادية كانت وراء عدم الترخيص لنادي القضاة بعقد مؤتمره التأسيسي. ما صحة ذلك؟

-الذي يقول هذا الكلام يجهل القانون، ويريد أن يشعل الفتيل بين القضاة، لأنه في جميع الحالات نعتبر مؤسسي نادي القضاة أبناءنا، منا وإلينا، وسيأتي الوقت لتوحيد الصفوف بيننا، فإن اختلفنا، فإن هذا الخلاف لن يدوم، وكل ما يهم القاضي يهمنا جميعا، ثم ما هي السلطة التي نملكها حتى نمنعهم؟! لم نكن نعلم بأنهم سيجتمعون في الشارع، بل كل ما بلغنا هو أنهم سيجتمعون بمدرسة الصناعات المعدنية، ولو استدعيت للقاء لحضرت، وقد علمت بعد ذلك أنه تم منعهم. نحن لا علاقة لنا بالمنع ولا مصلحة لنا في ذلك.

-هل ما زلتم على تواصل معهم؟

فيما يخص التواصل، نحن، كمكتب مركزي، كانت لنا عدة لقاءات، وعلى هامش هذه اللقاءات كنت ألتقي بما كان يسمى آنذاك ب"قضاة الفايسبوك"، وأنا شخصيا التقيت بعدد منهم وفتحنا الحوار، وطرحوا عدم تمثيليتهم في المكتب المركزي فقلنا لهم مرحبا، وطرحوا تغيير القانون فقلنا لا نرى مانعا في ذلك مادامت فيه مصلحة للجميع. إذ أن المسؤولية ليست حكرا على أحد، فاليوم فلان وغدا شخص آخر، إذ لو دام هذا الكرسي لغيرك لما وصل إليك، فمشعل الودادية حمله قضاة حتى صحح وضعها وأصبحت لديها مكتسبات وطنية ودولية، كما أصبحت تستشار أثناء وضع القوانين، ويؤخذ برأيها، وأصبحت لها مكانة كبيرة جدا، وهؤلاء الأشخاص لن يدوموا، فالمشعل للشباب، وفي جميع الحالات نحن قضاة المملكة وهمنا واحد، وقد وعدوني وقتها بأن نتناقش مرة أخرى، ونحن، كمكتب مركزي، يدنا ممدودة للجميع ومنفتحون على العمل، لكنهم مع الأسف اختاروا طريقا غير هذا.

-هناك آراء تقول إن الدستور الحالي وضع قيودا على القضاة بعدم السماح لهم بتأسيس جمعيات أخرى سوى الجمعيات المهنية، في حين سكت الدستور السابق عن الموضوع. ما رأيك في ذلك؟

الدستور السابق لم يكن يمنح للقاضي حق تأسيس جمعية أو الانخراط فيها، عكس الدستور الحالي، الذي أعطى الحق للقاضي بأن يؤسس أو ينخرط في أي جمعية كانت، باستثناء الجمعيات ذات الطابع السياسي أو النقابي لأن في هذا مس بكرامة القاضي والسلطة القضائية، أما الدستور الحالي فقد منح القاضي حق الانخراط في أي جمعية كانت، سواء ذات طابع اجتماعي أو ثقافي، وهذا لا إشكال فيه، فهذا مفهوم النص، ولكن القوانين التنظيمية هي التي ستفصل في الموضوع.

-وجهتم يوم 25 من شهر غشت ملتمسا إلى الملك محمد السادس من أجل التدخل لإصلاح الأوضاع المادية للقضاة. هل تلقيتم ردا؟

أود في البداية أن أصحح بعض الادعاءات، فهناك من قال إننا أقدمنا على هذه الخطوة بعد تأسيس نادي القضاة. هذا غير صحيح، فالفكرة انبثقت عن الجمع العام للودادية الأخير الذي انعقد بالرباط، وكانت الآراء تذهب في طلب تحكيم جلالة الملك في قضية رواتب القضاة، ورفع هذا الملتمس يقتضي عدة إجراءات ومساطر، وبعدما عقدنا لقاءات مع وزارة العدل أخبرنا وزير العدل بأنه سيلبس بذلة الدفاع عن القضاة، كما لبسها دفاعا عن كتاب الضبط، فالتمسنا منه أن يأخذ لنا موعدا مع الديوان الملكي، ثم قدمنا ملتمسا نستعطف فيه الملك فيما يتعلق بالرواتب، التي لم تعرف زيادة منذ سنة 1994، وذكرنا بصفة خاصة قضاة الدرجة الثانية، فالقاضي من الدرجة الثالثة يتقاضى مبلغ 7800 درهم، وفوق هذا نطلب منه أن يكون أنيقا وفي المستوى وألا يأتي إلى العمل في الحافلة.

-كان هناك حديث عن أن هناك تعويضات خاصة بالقضاة تتراوح ما بين 3000 درهم و12000 درهم شهريا، حسب الدرجة، إلى جانب تعويضات سنوية تصل إلى أزيد من 50000 درهم سنويا بالنسبة إلى القضاة من الدرجة الاستثنائية. ما مصير هذه التعويضات؟

لم تعرف رواتب وتعويضات القضاة على اختلاف درجاتهم أي زيادة منذ سنة 1994. وقد كانت المبالغ المذكورة اقتراحا في عهد وزير العدل السابق الراحل محمد بوزوبع، لكنها لم تلق أي استجابة، وقد وردت في بعض الصحف وتدُووِلت هذه المبالغ على لسان القضاة، لكنها لم تكن حقيقة على أرض الواقع، وحسب ما بلغ إلى علمنا فقد كان هناك مقترح للزيادة من لدن وزارة المالية في عهد وزير العدل السابق عبد الواحد الراضي، غير أنها كانت طفيفة وتم رفضها.

-من خلال تتبعي لمناقشة أوضاع القضاة داخل لجنة العدل والتشريع في البرلمان بغرفتيه منذ عهد الراحل محمد بوزوبع، وجدت أن وزراء العدل المتعاقبين يقرون بأن الأوضاع المادية لهذه الفئة يجب أن تصحح، ورغم ذلك لم يكن هناك أي تغيير. لمن تحملون المسؤولية في ذلك؟

هذا هو الإشكال المطروح. الكل ينادي بإصلاح وضعية القاضي، والكل يقول إن وضعيته مزرية، لكن عمليا نجد أن ذلك مجرد شعارات ليس إلا. ربما يعود الأمر إلى وزارة المالية وإكراهاتها، ولكن هذه الإكراهات ينبغي أن تطبق على الجميع وليس على القضاة فقط، لأن بعض الموظفين استفادوا من الزيادة مرة أو مرتين، والقضاة لم يتحرك وضعهم منذ 17 سنة. هذا إجحاف، وأنا لا أعرف من المسؤول عن هذه الوضعية. ينبغي حل هذا الملف.

-هل تلقيتم ردا من الديوان الملكي؟

لحد الآن ما زلنا ننتظر، وينبغي أن نتحلى بالصبر.الأمر مأخوذ بجدية، والوزير قال لنا إنه سيلبس قميص الدفاع. يجب إذن أن نصبر، والمستقبل يبشر بالخير إن شاء الله، حسب الوعود التي تلقيناها.

-بالنسبة إلى الشق الاجتماعي للقضاة، هل لديكم مشاريع اجتماعية خاصة بمجال السكن؟

قمنا بعدة أنشطة في المجال، من بينها إبرام عدة شراكات مع عدة مؤسسات فندقية من أجل استفادة السادة القضاة من أثمنة تفضيلية ومن مؤسسات النقل ومؤسسات طبية، وقد بلغنا ذلك لسائر قضاة المملكة.

وفيما يتعلق بالسكن فهذا هو الهاجس الذي يؤرق السادة القضاة، وقد نقبنا على بعض القطع السكنية للقضاة، حسب الإمكانيات المتاحة، فوجدنا قطعة في مراكش، وأخرى في طنجة، تمت الموافقة على الإجراءات الخاصة بها، والمهندس المكلف يحضر لاقتنائها، وسيستفيد منها السادة القضاة بجهة الشمال، وهناك بقعتان بأكادير تقدمنا بطلب بشأنهما وتمت الموافقة عليه، ويوجد هناك خلاف بسيط، غير أن المكتب الجهوي للودادية بأكادير يعمل على حله. كما أن المكتب الجهوي بالرباط جاد في العثور على بقعة، وهناك وعود بمدينة القنيطرة. أما بالنسبة إلى جهة الدار البيضاء فتقدمنا بمشروع مهم ببوسكورة سيمكن من استفادة القضاة على مستوى الجهة، ومازالت بالملف إشكالية تتعلق بالأراضي السلالية وتقتضي إجراءات دقيقة جدا، وقد لجأنا إلى البديل، فتحدثنا مع عامل إقليم برشيد، الذي أبدى الموافقة على تفويت 100 هكتار بمنطقة سيدي رحال، يمكن أن تستوعب عددا كبيرا من القضاة، ونحن بصدد التفاوض في الملف مع الأملاك المخزنية، ولدينا وعود بالحصول على بقعة أرضية بالمنصورية لنشيد عليها ناديا للقضاة ومركزا للاصطياف ومقرا للاجتماعات، ونحن في إطار التحضير لذلك، ونحث دائما رؤساء المكاتب الجهوية على الاهتمام بملف السكن لأنه فعلا ملف يؤرق القضاة. نحن نستعجل الأمور، لكن هناك مساطر من الناحية الدراسية، فعلى سبيل المثال استغرق ملف مراكش وطنجة وأكادير أكثر من سنتين.
-ربما العجلة تأتي من أن الودادية مرت بمرحلة جمود..

لا ينبغي أن نؤاخذ على عمل الرابطة، التي حلت مكانها الودادية، التي كانت تعمل وفق المتاح لها من قبيل إصدار مجلة حول الاجتهاد القضائي. لقد كان هناك فعلا جمود بالشق الثقافي والاجتماعي، لكن لما قدمت الودادية الفعلية سنة 2004 قامت بعدد من الأنشطة واللقاءات، إذ لم يسبق أن أسمع صوت القاضي إلا حين مجيء الودادية، فبفضلها جاءت عدد من المكتسبات الدستورية الحالية، التي تضمن استقلال القضاء وحق تأسيس الجمعيات المهنية والانتماء إلى جمعيات وغيرها من المكتسبات.

وما فعلت الودادية في ملف القاضس جعفر حسون؟

أولا، نحن جمعية اجتماعية وثقافية تخضع لظهير الحريات العامة، فنحن لسنا نقابة ولسنا هيئة سياسية، ولكننا نعمل في إطار جمعوي بغلاف سياسي، نتقدم بالمطالب مثلنا مثل النقابات، ولاحق لنا في التدخل في قرارات المجلس الأعلى، الذي هو مؤسسة دستورية. لقد تقدمنا باستعطاف إلى السيد وزير العدل وكذا الرئيس الأول لمجلس السلطة القضائية والوكيل العام للمجلس، لكن لا حق لنا في النقاش، ونحن نأسف حقيقة لما حصل للسيد جعفر حسون ولبعض القضاة.

-وما رأيكم في متابعة الصحفي رشيد نيني بالقانون الجنائي؟

احتراما للقضاء، أقول إن هذا الملف معروض على المحكمة، ولأنني رئيس الودادية الحسنية للقضاة، فإنني أؤجل الحديث في هذا الملف إلى أن يصبح الحكم نهائيا، والقانون الجنائي قانون عام ينطبق على الجميع، سواء كان قاضيا أو صحافيا.

-لكن في الأمور التي تتعلق بالقضايا العامة وليست قضايا النشر..

إن النيابة العامة هي سلطة اتهام، حسب القانون، لها حق تكييف الفعل كيفما تراه، سواء كان جنائيا أو مهنيا، والذي يصحح هذا المسار هو القضاء الذي يقول إن هذا الفعل يكتسي صبغة جرمية أو مهنية، ولكن عندما يكون القانون الخاص والقانون العام، يطبق القانون الخاص بطبيعة الحال على القانون العام، ولكن هل الفعل جرمي أم غير ذلك؟ يبقى هذا من صلاحية النيابة العامة، والقضاء لا بد أن يقول كلمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.