بالرغم من إطلاق وزارة التربية الوطنية للبرنامج الوطني للتربية الدامجة، الذي يهدف إلى إدماج جميع الأطفال ذوي الإعاقة في المنظومة التربوية على المدى المتوسط، سجّل تقرير أنجزته مجموعة من الجمعيات أنّ الدخول المدرسي لهذه الفئة من التلاميذ خلال الموسم الدراسي الجاري شابته جُملة من التعثرات "وكان غارقا في الارتجالية". التقرير المنجز خلال الفترة ما بين فاتح شتنبر المنصرم و10 أكتوبر الجاري، في إطار عملية "حقي" لملاحظة إعمال حقوق الأطفال ذوي الإعاقة في التربية والتعليم، نبّه إلى وجود "نقص كبير" في الرغبة في إنجاح البرنامج الوطني للتربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة، جعله، يضيف التقرير، منفصما عن مسار التزامات المغرب، وطنيا ودوليا، في ما يخص إعمال حق الأطفال ذوي الإعاقة في التعليم والتكوين. وفي الوقت الذي اختارت فيه وزارة التربية الوطنية شعار "لن نترك أي طفل خلفنا" للبرنامج الوطني للتربية الدامجة، فإنّ تقرير مبادرة "حقي" وقف على استمرار حالات لرفض تسجيل الأطفال ذوي الإعاقة تمت معاينتها في 15 مدينة مغربية، علاوة على ضعف في إلمام مكونات المنظومة التربوية بالبرنامج الوطني للتربية الدامجة. وبحسب المعطيات الواردة في التقرير سالف الذكر، فإنّ بعض المدراء والإداريين بمؤسسات تعليمية عمومية قالوا إنهم ليسوا على علم بوجود المقرر الوزاري 19-047، الصادر في 24 يونيو 2019، بشأن التربية الدامجة للتلميذات والتلاميذ في وضعية إعاقة، التي أشرف رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية على انطلاقها يوم 26 يونيو الماضي في حفل كبير نظم بالعاصمة الرباط. الضعف الشديد في إلمام مكونات المنظومة التربوية بالبرنامج الوطني للتربية الدامجة، دفع بالفعاليات المشرفة على عملية "حقي" إلى التدخل لدى وزير التربية الوطنية، الذي وجه مذكرة في شأن استقبال التلميذات والتلاميذ في وضعية إعاقة إلى مدراء المؤسسات التعليمية، يوم 17 شتنبر الماضي، وتواصُل المسؤولين المركزيين بالوزارة مع منظمي عملية "حقي" لمعالجة الحالات التي رصدتها العملية. وبحسب المصدر ذاته، فإنّ عددا من التلاميذ من ذوي الإعاقة ما زالوا يواجهون صعوبات في نيْل حقهم الدستوري في التعليم، "بسبب بروز مواقفَ مناهضة لتواجد هذه الشريحة من التلاميذ بالمؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية من قِبَل بعض المسؤولين التربويين". ورصَد التقرير سالف الذكر لجوء بعض المسؤولين التربويين إلى ارتجال إجراءات معرقِلة غير منصوص عليها، من قبيل طلب بعض مدراء المؤسسات من الأسر الإتيان بترخيص من المديرية الإقليمية، وربطهم تسجيل التلاميذ في وضعية إعاقة بموافقة مجلس تدبير المؤسسة، أو اشتراط قبول الأساتذة بالمدرسة ولوج الطفل إليها، وهو ما اعتبره معدّو التقرير منافيا لمقتضيات دستور المملكة الذي حظر بشكل قاطع التمييز على أساس الإعاقة، وكذا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. وعبّرت الفعاليات التي أشرفت على عملية "حقي" عن قلقها من استمرار التمييز ضدّ التلميذات والتلاميذ ذوي الإعاقة، رغم إطلاق البرنامج الوطني للتربية الدامجة، حيث سجّل التقرير، الذي أعدّ بناء على مقابلات مع العائلات، تعرض تلاميذَ "لمواقف سلبية من قبل بعض مكونات المنظومة التربوية، تغذّي القلق السائد لديهم بوجود تمييز على أساس الإعاقة"، وهو ما يتناقض، يضيف المصدر ذاته، مع شعار "لن نترك أي طفل خلفنا"، الذي اختير للبرنامج الوطني للتربية الدامجة. التقرير رصد أيضا رفض دمج تلاميذ درسوا من قبل في الأقسام المدمجة الخاصة بالتلاميذ ذوي الإعاقة في الأقسام العادية، رغم توفرهم على تقارير طبية وتربوية تثبت قدرتهم على مواكبة الدراسة بهذه الأقسام، سواء في التعليم العمومي أو الخصوصي، حيث رُصدت حالات من هذا القبيل في مدرسة عمومية بسلا، وفي مدرسة خصوصية بمدينة أكادير. ورفعت الفعاليات الجمعوية المشرفة على عملية "حقي" لملاحظة إعمال حقوق الأطفال ذوي الإعاقة في التربية والتعليم مجموعةً التوصيات إلى الوزارة الوصية على القطاع، منها ضرورة تحديد ووضع تدابير إجرائية عاجلة واضحة للجميع "لجعل المنظومة التربوية الوطنية منظومة دامجة تستوعب كل طفولة الوطن باختلاف أوضاعها وخصائصها". كما طالبت ب"القطع مع التعامل بمزاجية وارتجالية، والامتثال لمقتضيات الدستور، وإعمال مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة".