سلط أحمد شكري، أستاذ باحث بمعهد الدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، الضوء على الصعوبات التي واجهتها الثقافة العربية الإسلامية العربية في منطقة الساحل والصحراء خلال الألفية الثانية من التاريخ الميلادي. وقال شكري، خلال محاضرة بعنوان "الأدب العربي بإفريقيا جنوب الصحراء: مساهمة الشيخ موسى كمرا (1864-1945)" ألقاها مساء الأربعاء بأكاديمية المملكة المغربية بالرباط، إنه "على الرغم من مصاعب وتعثرات المسار نجحت النخبة المتنورة بالمنطقة في أن تؤلف تراثا عربيا غير هين لقي عناية من جانب بعض الباحثين". الباحث الحاصل على دكتوراه الآداب تخصص تاريخ إفريقيا تحدث عن هيمنة الثقافة الشفهية بمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء، قائلا إن "أي قراءة تحليلية أو نقدية من جانب المختصين تؤدي إلى منافسة شديدة بين المتن والهامش على الصفحات البيضاء". وأضاف المحاضر: "قد نعتقد أن إفريقيا جنوب الصحراء هي عبارة بريئة تأخذنا لنطل على موقع جغرافي معين؛ لكنها اصطلاح غير بريء تدل القبائل والمجتمعات الزنجية والسود"، معتبرا أن "الأدب الإفريقي مشحون بطاقة سلبية وعرقية". وأوضح الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية أنه لما كانت أقطار الشمال الإفريقي ناهيك عن مواضع مختلفة من الصحراء قد استولت شروط التعريب بين القرن العاشر هجري والسابع عشر ميلادي، مما سمح بظهور تصانيف عربية في مختلف الحقول المعرفية، فإن منطقة الساحل من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلنتي لم تعرف نفس المسار حيث لم تصلها أعداد كافية من العناصر العربية، فاستعصى على اللغة العربية أن ترتقي إلى مستوى لغة التخاطب الاجتماعي واقتصر انتشارها على دائرة ضيقة من النخبة المستغرب. وأوضح شكري أن عملية انتشار الإسلام في المجالات المعنية وغيرها لا تعني بالضرورة انتشار الثقافة العربية الاسلامية، إذ لهذه السيرورة شروط معلومة تهم مدى فعالية تجربة التعريب أو التعرب وهي العملية المرتبطة بحجم حضور العنصر العربي في المجال المقصود، إذ كلما كانت أعداده مهمة كلما تمكن اللسان العربي من الانتشار وترسيخ موقعه. واستحضر المتحدث تعرب بلاد شنقيط جراء هجرة القبائل العربية إليها انطلاقا من مصر ثم سيطرتهم السياسية على المجال نهاية القرن السابع عشر ميلادي؛ مما جعل المنطقة تلك ما عرف بالعصر الحساني أو عصر الإمارات الحسانية. وأوضح شكري أن مسألة العدد المدعومة بالعناصر الموضوعية والفاعلة في الحقل الثقافي، من قبيل إنشاء المدارس والجامعات، كفيلة بإحداث التحولات الثقافية على المدى الطويل، موردا مثال مصر التي استلزم تعريبها أربعة قرون من الزمن على الرغم من محاولتها لمعقل اللسان العربي. وأشار الباحث إلى أنه بالنظر إلى تعلق أهالي منطقة الساحل بالإسلام فقد وجدوا أنفسهم مدفوعين لاعتماد الترجمة من العربية إلى اللغات المحلية برسم تلبية حاجاتهم وتطلعاتهم الدينية. يذكر أن أحمد شكري يشتغل أستاذا باحثا بمعهد الدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، حاصل على دكتوراه الدولة في الأدب، تخصص "تاريخ إفريقيا"، وله عدة مشاركات في ندوات وطنية ودولية داخل المغرب وخارجه، صدرت له مجموعة من الدراسات تناولت قضايا مختلفة من تاريخ إفريقيا الغربية خلال العصر الوسيط والحديث.