دون فائدة، انتهت نتائج الانتخابات التشريعية الماضية في الجارة الشمالية إسبانيا؛ فقد فشل بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الاشتراكي، في تشكيل أغلبيته، معلنا توجه البلاد نحو انتخابات جديدة في العاشر من نونبر المقبل، لتدخل إسبانيا بذلك متاهمة سياسية جعلت الملك فيليبي يبادر لمناقشة الأحزاب من أجل إنقاذ الحكومة، لكن دون جدوى. ومن المرتقب أن يعيش المغرب على وقع مخاوف عودة الحزب اليميني "فوكس" بقوة، خصوصا أن الاستحقاقات الماضية أدخلته البرلمان للمرة الأولى في تاريخه؛ فيما يمضي حزب "بوديموس" إلى الاضمحلال بعد أن فقد الإسبان ثقتهم في قياداته بشكل كبير، لكنه يبقى حديقة خلفية مريحة لتحرك جبهة البوليساريو داخل المؤسسات الرسمية الإسبانية. ويبدو أن تنفس المملكة الصعداء بصعود الاشتراكيين إلى سدة الحكم بالجارة ستطاله العديد من المطبات، في ظل مطالب واسعة لدى المتتبعين الإسبان بضرورة تشكيل حكومة في أسرع وقت، وعدم تقبلهم لفشل سانشيز في الوصول إلى التوافق، ليدخل البلاد في دوامة انتخابات هي الرابعة من نوعها منذ 2015. وفي السياق ذاته، يعمل المغرب على ضمان موقف محايد للإسبان من قضية الصحراء، بعد أن عاشوا على وقع حركات تحرر منطقة "كاتالونيا"، وإصدار المملكة لموقف رافض لانفصالها. كما يبقى ملف الهجرة مطروحا بقوة بين الطرفين، باعتبار إسبانيا أولى الدول الأوروبية المتضررة من تدفق المهاجرين غير الشرعيين على حدودها. عبد الواحد أكمير، خبير أكاديمي في العلاقات المغربية الإسبانية، قال إن "هناك إجماعا في الساحة الإسبانية على أن الحزب الاشتراكي سينال من جديد المرتبة الأولى في الانتخابات"، مشيرا إلى أن "طلبه إعادة الاستحقاقات مجددا يفيد إدراك أنه سيكون في وضعية أفضل من الحالية"، مسجلا أن "أحزاب بوديموس وسيودادانوس والحزب الشعبي ستكون خاسرة في العملية". وأضاف أكمير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "لا حزب سيتمكن من تشكيل الحكومة لوحده، حيث لا بد من التحالفات"، مؤكدا أن "حزب بوديموس لن ينال سوى حقائب وزارية ذات صبغة اجتماعية، فقد حرم من ملفات الخارجية والدفاع وغيرها، وبالتالي فهو لا يشكل أي خطر على المغرب"، وزاد: "سانشيز مصر كذلك على أن يكون تحالفه مع بوديموس مبنيا على البرنامج فقط دون منحه حقائب". وأوضح المتحدث أن "السيناريو الأقرب هو فوز الاشتراكيين، وتحالفهم مع بوديموس أو سيودادانوس"، مقللا من دور حزب "فوكس" اليميني، والذي سيتراجع بشكل كبير، يقول أكمير، مؤكدا أن "لا إمكانية له للتواجد بالحكومة، فجميع الأحزاب تدرك جيدا أن من يتحالف مع العنصرية سيحرق أوراقه". وأكمل أكمير: "احتمال وقوع المفاجأة قليل؛ لكنه وارد، وفي حالة صعود أحزاب اليمين، ومنها الشعبي وسيودادانوس، فالأمر لا يشكل خطرا على المغرب، على اعتبار أنهم مناصرون للوحدة الترابية".