بعد الملاحظات الكثيرة التي سجّلها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات حول وضعية سجون المملكة، خرجت الإدارة العامة للسجون وإعادة الإدماج بردّ انتقدت فيه تركيز التقرير على الإشكالات التي تعاني منها السجون، وتجاهل الجانب المتعلق بالإكراهات. المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قالت، في رسالة موجهة إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، إن ما ورد من توصيات في تقرير المجلس بخصوص تدبير المؤسسات السجنية "تتطابق مع التصور الإستراتيجي للمندوبية، ومع الأهداف المسطّرة في برنامج عملها"، لكنها اشتكت ضعف الإمكانيات المتوفرة لتحقيق هذا البرنامج. وأوضحت المؤسسة المشرفة على تدبير السجون أنها تواجه إكراهات في تنفيذ بعض أهداف مخططها الإستراتيجي، الذي ربطت تنفيذه بتوفير الإمكانات المادية والبشرية، والتحكم في نمو الساكنة السجنية، وبانخراط كافة القطاعات المعنية، بمؤازرة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. وكان المجلس الأعلى للحسابات سلّط الضوء على جملة من الاختلالات التي تعاني منها سجون المملكة، وفي مقدمتها الاكتظاظ، إذ لا تتعدى المساحة المخصصة لكل سجين حوالي 1.2 مربع، بينما معايير الدولة تشترط 3 أمتار مربعة. كما سجل التقرير قصورا على مستوى البنيات التحتية الخاصة بالأمن، وضعف تأطير الموظفين.. واختلالات أخرى. في المقابل قالت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في ردها على التقرير المذكور، إن العوامل التي نجمت عنها الاختلالات المسجلة "لا يمكن تحميل مسؤوليتها للمندوبية العامة، التي دعت غير ما مرة إلى تعزيز الإمكانيات المادية والبشرية، بل عمدت إلى التحسيس بذلك في مختلف تقاريرها وتدخلاتها لدى الجهات الحكومية المعنية". ويبدو أنّ التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات خلف امتعاضا كبيرا لدى المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، إذ لم يتقبل استعمال عبارات من قبيل "الاختلالات"، والكلمات "ذات الدلالة السلبية"، كما وصفها في الردّ الموقع باسمه، من قبيل "قصور" و"محدودية"، معتبرا أنها "خلقت خلطا لدى المتلقي واستُغلت من طرف بعض وسائل الإعلام لجلد المندوبية العامة ونهشها". وبخصوص النقطة المتعلقة بالنقص في التجهيزات الأمنية بسجون المملكة، قالت المندوبية إن ذلك راجع إلى محدودية الموارد المالية المرصودة لها، مشيرة إلى وجود إكراهات أخرى، كالبنية التحتية للسجون. المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ختمت ردّها بتوجيه انتقاد شديد لتقرير المجلس الأعلى للحسابات، إذا قالت إن الطريقة التي جاء بها، سواء في مضامينه أو في استعماله لبعض العبارات والمصطلحات، "تعطي للمتلقي انطباعا بتوجه عدمي يفهم من خلاله أن الفساد والتقصير مستشريان في مؤسسات الدولة، بشهادة من المجلس كمؤسسة دستورية".