أوضح تقرير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص السجون أن الزيارات الميدانية، التي قام بها المجلس إلى بعض المؤسسات السجنية، كشفت عن أوجه قصور مهمة على مستوى البنيات التحتية الأساسية الخاصة بالأمن، تهم أساسا ضعف تغطية السجون بأبراج المراقبة وعدم مطابقتها للمعايير الدولية، بالإضافة إلى غياب المناطق الآمنة حول محيط غالبية المؤسسات السجنية. كما لوحظ عدم احترام المؤسسات السجنية لنظام الاعتقال الانفرادي المنصوص عليه قانونيا في ظل ضعف نسبة الزنازين الانفرادية المرصودة داخل السجون المحلية والتي لا تمثل سوى 2.31 في المئة من مجموع الطاقة الاستيعابية المخصصة للإيواء.
كما سجل التقرير ضعفا في المراقبة الإلكترونية وأنظمة المراقبة بالفيديو، وتم الوقوف بهذا الخصوص على نقص حاد في تجهيزات المراقبة الالكترونية لمحاربة تسريب الممنوعات، حيث تبين عدم توفر 39 من المؤسسات السجنية على جهاز الكشف الإشعاعي، وكذا عدم استجابة أجهزة الكشف المتوفرة لمتطلبات مراقبة الزائرين والمستخدمين ومن جهة أخرى، لوحظ ضعف فعالية أنظمة المراقبة بالفيديو بسبب محدودية معدل تغطية السجون بأجهزة تصوير الفيديو، فضلا عن الأعطال المتكررة، وضعف صيانة هذه الأجهزة وغياب غرف المراقبة. ووفق التقرير، تعرف العديد من المؤسسات السجنية ارتفاعا في نسبة الاكتظاظ 44 %من المؤسسات السجنية، بالاضافة إلى عدم ملاءمتها مع متطلبات السجناء ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما يحول دون القدرة على الالتزام بالتصنيف الجنائي للمعتقلين، وفقا للقانون رقم 98.23 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية. ويبلغ متوسط الفضاء المخصص لكل سجين حوالي 8,1 متر مربع، بحيث يتراوح هذا المعدل ما بين 2,1 متر مربع في المؤسسات السجنية بالدار البيضاء-سطات، و8,2 متر مربع بالمؤسسات السجنية بمراكش-آسفي. كما يصل الخصاص لما يقرب 850.93 متر مربع من الفضاء المعيشي الفردي الضروري للسكن السجني من أجل احترام المعايير المعترف بها دوليا في هذا المجال، والتي تقدر بحوالي 3 متر مربع بالنسبة لكل سجين. لمعالجة مشكلة الاكتظاظ، خططت المندوبية العامة، منذ سنة 2012 ،لتنفيذ عدد من الإجراءات تهم، خصوصا، بناء مرافق جديدة مطابقة للشروط الدنيا لإلقامة، واستبدال المباني القديمة والمتهالكة وتلك الواقعة على مقربة من المناطق لسكنية، فضلا عن تعزيز الطاقة الاستيعابية عن طريق عملية توسيع بنايات بعض المؤسسات السجنية. وسجل التقرير عدم الوفاء بجميع الالتزامات المالية المتعلقة بتنفيذ برنامج نقل السجون تبلغ التكلفة الاجمالية التقديرية لتنفيذ الجزء الأول من برنامج نقل السجون، والذي يهم 14 مؤسسة سجنية، حوالي 872.1 مليون درهم، تم الوفاء ب 492.1 مليون درهم منها. في حين لم يتم بعد تسديد مبلغ 380 مليون درهم، وهو ما يتنافى مع مقتضيات الاتفاقية الإطار والاتفاقية التطبيقية رقم 1 الموقعة بين المندوبية العامة ومديرية أملاك الدولة والمتعلقتين باستبدال السجون المتواجدة داخل المدار الحضري واستخدام وعائها العقاري في مشاريع تنموية اقتصادية واجتماعية. في نفس السياق، تم إعداد مشروع اتفاقية تطبيقية ثانية من أجل إنجاز 36 مؤسسة سجنية، بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 6 مليارات درهم، خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2017 و2022 .غير أن هذا المشروع لم تتم بعد المصادقة عليه من طرف وزارة المالية. وجاء في التقرير ان بين 36 مؤسسة سجنية متواجدة بالوسط الحضاري يجب استبدالها، تتوفر المندوبية على 15 قطعة أرضية فقط تستجيب لمعايير اختيار الأوعية العقارية المناسبة المحددة 19 من قبلها انسجاما مع قواعد الأممالمتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والمسماة “قواعد نيلسون مانديلا”. وكشف التقرير، وجود اختلالات على مستوى حكامة تدبير المؤسسات السجنية، ومن ذلك أن لجنة يرأسها المندوب العام أحدثت منذ 2012 لكنها لم تعقد أي اجتماع إلا بعد مرور 10 سنوات، ما حال دون قيامها بواجبها. وأشار التقرير إلى أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تعاني من ضعف التأطيرية داخل المؤسسات السجنية، وشغور عدد من مناصب المسؤولية، وعدم تعيين عدد من المسؤولين داخل الإدارة المركزية. وبخصوص تأهيل المعتقلين، تطرق التقرير إلى اختلالات تتعلق بعدم استخدام الاعتمادات المالية المفتوحة للتأهيل، وتأخير في إحداث مراكز للتكوين، مع تسجيل انخفاض معدل تأطير السجناء، وقصور على مستوى تنفيذ برنامج التعليم والتكوين في المؤسسات السجنية، وما يرتبط بها من ضعف ولوج السجناء للأنشطة الرياضية والثقافية، وغيرها من الاختلالات البنيوية والتدبيرية.