قرر قادة الأحزاب الإيطالية، الاثنين، استدعاء مجلس الشيوخ من عطلته للتصويت على جدول زمني يمكن أن يشمل تصويتا على حجب الثقة عن الحكومة وينهي التحالف الشعبوي. والأسبوع الماضي دعا وزير الداخلية اليميني وزعيم حزب "الرابطة" اليميني المتطرف، ماتيو سالفيني، إلى إجراء انتخابات عاجلة بعد خروجه من تحالفه مع شريكه في الائتلاف الحاكم. ورغم أن الحكومة لا تزال قائمة، فيجب أن يقرر مجلس الشيوخ ما إذا كان سيصوت على حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي التي عمرها 14 شهرا. وفشل رؤساء الكتل السياسية في مجلس الشيوخ، الاثنين، في التوصل إلى اتفاق بالإجماع، واستدعوا أعضاء المجلس من عطلتهم لمناقشة وضع جدول زمني لجلسة التصويت بحجب الثقة، وهي عملية دستورية معقدة. ويتوقع أن يصوت المجلس، الذي سيجتمع الثلاثاء على الساعة 16,00 حسب توقيت غرينتش، على ما إذا كان يتعين على كونتي إلقاء كلمة، يوم 20 غشت، أمام المجلس حول الأزمة. وتمتلك حركة "خمس نجوم" و"الحزب الديموقراطي" المعارض ما يكفي من الأصوات للموافقة على هذه الخطوة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إفشال محاولة سالفيني الإطاحة بالحكومة. وينص الدستور الإيطالي على أن جلسة التصويت على حجب الثقة عن حكومة كونتي يجب أن تجرى في مجلس الشيوخ لأنه المجلس الذي نال فيه الثقة بعد تشكيل التحالف بين حزب "الرابطة" وحركة "خمس نجوم" قبل 14 شهرا. ويسعى سالفيني إلى تشديد الضغوط، وصولا إلى التصويت على مذكرة بحجب الثقة عن حكومة كونتي في مهلة أقصاها 20 غشت، وفرض انتخابات مبكرة في الخريف، مراهنا على استطلاعات للرأي تمنحه 36 إلى 38 بالمائة من نوايا التصويت، التي انعكست عمّا كانت عليه في ربيع عام 2018 حين كانت تتوقع نيل حركة "خمس نجوم" 32 بالمائة من الأصوات مقابل 18 بالمائة ل"الرابطة". وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "جورنالي" اليمينية أكد سالفيني أنه في حال ما تقررت انتخابات مبكرة فلن يخوضها منفردا، معلنا أنه سيلتقي "في الساعات المقبلة (رئيس الوزراء السابق سيلفيو) برلوسكوني و(زعيمة حزب "فراتيلي ديتاليا" جورجيا) ميلوني" لكي "أقترح عليهما اتفاقا" انتخابيا. ومن شأن تحالف سالفيني مع برلوسكوني وميلوني أن يؤمن له غالبية وازنة. وواصل سالفيني خلال نهاية الأسبوع الماضي "جولة على الشواطئ" لقيت أصداء إعلامية واسعة سعيا لكسب تأييد ناخبي الجنوب المناصرين حتى الآن لحركة "خمس نجوم". واختلط زعيم السياديين الإيطاليين خلال جولته بالحشود، والتقط الكثير من صور السيلفي، وتناول الغداء عاري الصدر على الرمل، محاولا تصوير نفسه على أنه مواطن عادي كسائر المواطنين. غير أن سالفيني واجه اعتراضات في بازيليكاتا وصقلية، حيث ذكره البعض بانتقاداته السابقة ل"الجنوب الذي يعيش على المساعدات". أما بالنسبة إلى الدوافع خلف دعوته لإجراء انتخابات مبكرة الآن، فأوضح أنه لم يعد يريد سلطة تنفيذية تشهد شجارات متواصلة، مضيفا "إننا بحاجة إلى حكومة مستقرة لخمس سنوات". خطر على البلد وفي روما بدأ المعسكر المعارض لسالفيني يحشد صفوفه بعدما تخطى صدمة فك التحالف بين سالفيني ودي مايو. ودعا زعيم حركة "خمس نجوم" لويجي دي مايو القوى السياسية الإيطالية إلى التصويت على التخفيض المقرر لعدد البرلمانيين قبل العودة إلى صناديق الاقتراع. وقال: "دعونا نلغي 345 مقعدا (من أصل 950 مقعدا حاليا تعتبر عددا قياسيا) ورواتبها" من أجل إعادة الاستثمار في "المدارس والطرقات والمستشفيات". وخرج مؤسس الحركة الممثل الهزلي بيبي غريلو عن صمته ليساند دي مايو، مقترحا تشكيل "جبهة جمهورية" قادرة على منع "الهمجيين" من السيطرة على السلطة. وأعرب رئيس الوزراء الأسبق إنريكو ليتا (بين أبريل 2013 وفبراير 2014) عن "قلقه الكبير" حيال صعود سالفيني، محذرا، في مقابلة أجرتها معه وكالة "فرانس برس"، من أن زعيم حزب "الرابطة" قد يحصل على "الغالبية المطلقة" في البرلمان. وقال ليتا، الذي ينتمي إلى "الحزب الديموقراطي" (يسار وسط): "سيشكل ذلك خطرا كبيرا على البلاد"، مشيرا إلى أن "سالفيني بأفكاره السيادية يمكن أن يدفع نحو إخراج إيطاليا من أوروبا". من جهته، قال وزير الاقتصاد السابق بيار كارلو بادوان إن انفراد سالفيني بالسلطة قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في الاقتصاد الإيطالي الضعيف، والذي يتوقّع أن تكون نسبة نموّه هذا العدم شبه معدومة، إضافة إلى زيادة الدين العام الهائل الذي يتخطى 130 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي. وقدّم رئيس الوزراء الأسبق ماتيو رينزي، الذي تولى رئاسة الحكومة من فبراير 2014 إلى ديسمبر 2016، والذي لا يزال من قادة "الحزب الديموقراطي"، "اقتراحا عمليا" لتفادي "تسليم مستقبل أطفالنا إلى اليمين المتطرف". ودعا رينزي جميع النواب، بمن فيهم نواب "الرابطة"، إلى دعم حكومة تكون مهمّتها وضع موازنة العام 2020، والحؤول دون زيادة الضريبة على القيمة المضافة المقررة العام المقبل، والتي ستثقل كاهل الإيطاليين. ورد سالفيني على هذا الاقتراح، منددا ب"مؤامرات" و"مناورات بلاط"، وقال: "ينعتونني بالديكتاتور، لكن الديكتاتور لا يطلب التصويت"، معتبرا أن "من لا يريدون التصويت هم الذين لا يحبون الديموقراطية". وسعيا منه لتسريع سقوط حكومة كونتي، أكد سالفيني، مساء الأحد، استعداده لتقديم استقالة وزراء "الرابطة" السبعة، مما سيقوض موقف المعارضين لانتخابات مبكرة، ويمكنه من تفادي فشل مذكرة حجب الثقة التي طرحتها "الرابطة"، في حين لا تملك سوى 58 مقعدا من أصل 319 مقعدا في مجلس الشيوخ.