أصبحت السلطات القضائية تتوفر على صلاحيات جديدة لمواجهة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، بعدما تم إدخال تعديلات على القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، وصدرت في العدد الأخير للجريدة الرسمية، وبالتالي دخلت حيز التنفيذ. وجاءت هذه التعديلات في القانون رقم 32.18 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، وتمنح السلطات القضائية حق اتخاذ إجراءات تحفظية لعقل العقارات، وبالتالي منع التصرف فيها حين تكون موضوع تزوير أو استيلاء. وكانت الحكومة اعتمدت هذا القانون التعديلي للمسطرة الجنائية بعد الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى وزير العدل سنة 2016 بشأن التصدي الفوري والحازم لأفعال الاستيلاء على عقارات الغير التي ارتفعت وتيرتها كثيراً. وبموجب هذا القانون سيكون للسلطات القضائية الحق في عقل العقار موضوع الاستيلاء والمنع من التصرف فيه، إلى حين البت في الدعوى العمومية المتعلقة بالتزوير أو الاستيلاء. ويجوز لوكيل الملك أن يتقدم بطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية لإصدار أمر بعقل العقار في إطار الأوامر المبنية على طلب، إذا تعلق الأمر بجريمة تمس حق الملكية العقارية. ويقبل هذا الأمر الطعن بالاستئناف داخل أجل ثمانية أيام من تبليغه. ولا يوقف الطعن وأجله التنفيذ. ولا يقبل القرار الصادر عن محكمة الاستئناف أي طعن. وتمنح التعديلات حق العقل أيضاً لقاضي التحقيق وللمحكمة تلقائياً أو بناءً على ملتمس من النيابة العامة أو طلب الأطراف. ويترتب عن العقل في جميع الحالات طيلة سريان مفعوله منع التصرف في العقار. وستُمكن هذه المقتضيات الجديدة ضحايا السطو على عقاراتهم من ضمان عقلها، وهو إجراء يدافع عن حقوقهم دون أي هواجس للمساس بعقاراتهم وتغيير معالمها، سواء بالهدم أو إعادة البناء؛ وهو ما يُصعب إمكانية استرجاع هذه العقارات بعد صدور القرارات القضائية النهائية لصالح المتضرر. وتأتي هذه التعديلات على المسطرة الجنائية بعدما أشار تشخيص أجرته لجنة وزارية إلى أن ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير وراءها أسباب عدة تساهم في تفشيها، أبرزها الاعتماد على الوكالات العرفية أثناء إبرام العقود الناقلة للملكية العقارية. ووقف التشخيص الحكومي أيضاً على وجود بعض أوجه القصور من الناحية التشريعية في ما يخص صلاحية السلطات القضائية المختصة لعقل العقارات محل الاعتداء، ومنع التصرف فيها إلى حين البت في القضية، وأشار إلى وجود اختلاف في العقوبات الزجرية بخصوص جرائم التزوير التي يرتكبها محررو العقود؛ فضلاً عن وجود قصور تشريعي واضح في تنظيم عقد الوكالة والتنظيم القانوني للشركات المدنية، خصوصاً تلك التي يكون محلها عقارها.