موقف متناقض ذلك الذي عبّر عنه حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب لحظة التصويت على مشروع القانون الإطار للتعليم؛ ففي الوقت الذي ظل "البيجيدي" يترافع فيه لشهور دفاعا عن مكانة اللغة العربية صوّت لصالح تمرير هذا النص، الذي يقر اعتماد اللغة الفرنسية في تدريس بعض المواد العلمية والتقنية. وعلى الرغم من معارضة عضويين من فريق العدالة والتنمية، ضمن لجنة التعليم والثقافة والاتصال، للمادتين 02 و31 المتعلقتين ب"فرنسية التعليم"؛ فإن بقية أعضاء "البيجيدي" اختاروا التصويت بالامتناع، رفقة الفريق "الاستقلالي" وليس بالضد، حتى تمر المادتان المثيرتان للجدل. كما صوّت أعضاء فريق "المصباح" بلجنة التعليم، والبالغ عددهم 12 عضوا، على النص الكامل المتعلق بالقانون الإطار رقم 51.17، باستثناء معارضة النائبين أبي زيد المقرئ الإدريسي ومحمد العثماني، واللذين تمردا على قرار الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، التي دعت إلى التصويت فقط بالامتناع وليس بالضد تفاديا لإسقاط المشروع أو الدخول في أزمة جديدة مع أحزاب الأغلبية. وأثار تصويت "البيجيدي" لصالح القانون الإطار غليانا داخل الحزب والجناح الدعوي "حركة التوحيد والإصلاح"؛ لكن مصادر متعددة أكدت لهسبريس أن "الحزب يشرف على تسيير الائتلاف الحكومي ولا يمكن أن يسقط قانونا جاءت به الحكومة وصادق عليه المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس". وعجل التقريع الذي وجّهه عمر عزيمان، المستشار الملكي رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إلى بعض الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة بالتصويت بالأغلبية على القانون الإطار بالصيغة التي جاء بها، مع إدخال تعديلات برلمانية بسيطة لا تمس جوهر النص. وسجّل عزيمان، في افتتاح الدورة السابعة عشرة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الأسبوع الماضي، اعتزازه "ترسيخ الفكرة الأساسية المتمثلة في حتمية الإصلاح العميق للمنظومة التربوية، كما أراده جلالة الملك، وكما حمله مجلسنا، وكما اعتمدته الحكومة سنة 2015، وكما تجاوبت معه القوى السياسية في سياق الحملة الانتخابية لسنة 2016". ووجّه المستشار الملكي رسائل غير مباشرة إلى حزب العدالة والتنمية، وأكد أن القانون الإطار "هو إصلاح حاسم من الناحية السياسية، والسوسيو اقتصادية، والثقافية، والأخلاقية، والدينية، إلى جانب كونه يحظى بمباركة ودعم العموم، مما لا يتيح مجالا لأي تردد، ولا يقبل أي تأخير، على الرغم من أنه يصطدم، هنا وهناك، برياح معاكسة، وبمقاومات مناقضة، تارة معلنة وتارة أخرى مستترة". وبالتصويت على القانون الإطار للتعليم، بمباركة نواب حزب العدالة والتنمية، يكون عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للحزب، خسر رهان الإطاحة بهذا المشروع الذي يحظى برعاية ملكية. وكان بنكيران دعا برلمانيي ووزراء "البيجيدي" إلى "تحمل مسؤوليتهم التاريخية فيما يتعلق بالنقاش الجاري حول القانون الإطار المتعلق بالتعليم، حتى لو أدى الأمر إلى سقوط البرلمان وسقوط الحكومة".