اختيار فوزي لقجع نائبا أول لرئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم    مناظرة جهوية بأكادير لتشجيع رياضي حضاري    العثور على جثة بشاطئ العرائش يُرجح أنها للتلميذ المختفي    تتويج 9 صحفيين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    الجامعي: إننا أمام مفترق الطرق بل نسير إلى الوراء ومن الخطير أن يتضمن تغيير النصوص القانونية تراجعات    بواشنطن.. فتاح تبرز جاذبية المغرب كقطب يربط بين إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة    جديد نصر مكري يكشف عن مرحلة إبداعية جديدة في مسيرته الفنية    برهوم: الشعب المغربي أكد أنه لا يباع ولا يشترى وأن ضميره حي ومواقفه ثابتة من القضية الفلسطينية    بدء مراسم جنازة البابا في الفاتيكان    أخنوش يمثل أمير المؤمنين الملك محمد السادس في جنازة البابا فرنسيس    الملك محمد السادس يهنئ رئيسة تنزانيا    جيدو المغرب ينال ميداليات بأبيدجان    المغرب يرفع الرهان في "كان U20"    مؤتمر "البيجيدي" ببوزنيقة .. قياديان فلسطينيان يشكران المغرب على الدعم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    المغرب يرسّخ مكانته كمركز صناعي إفريقي ويستعد لبناء أكبر حوض لبناء السفن في القارة    إطلاق مشروعي المجزرة النموذجية وسوق الجملة الإقليمي بإقليم العرائش    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    هولندا تقرر تمديد مراقبة حدودها مع بلجيكا وألمانيا للتصدي للهجرة    مكناس.. تتويج أفضل منتجي زيت الزيتون بالمباراة الوطنية الخامسة عشر    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" ببني شيكر.. والدرك يفتح تحقيقات معمقة    من تندرارة إلى الناظور.. الجهة الشرقية في قلب خارطة طريق الغاز بالمغرب    هولندا.. تحقيقات حكومية تثير استياء المسلمين بسبب جمع بيانات سرية    شبكات إجرامية تستغل قاصرين مغاربة في بلجيكا عبر تطبيقات مشفرة    تتويج الفائزين في مباريات أحسن رؤوس الماشية ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2025    كرانس مونتانا: كونفدرالية دول الساحل تشيد بالدعم الثابت للمغرب تحت قيادة الملك محمد السادس    ماذا يحدث في بن أحمد؟ جريمة جديدة تثير الرعب وسط الساكنة    بدء مراسم تشييع البابا فرنسيس في الفاتيكان    اعتذار على ورق الزبدة .. أبيدار تمد يدها لبنكيران وسط عاصفة أزمة مالية    ولاية أمن الدار البيضاء توضح حقيقة فيديو أربعة تلاميذ مصحوب بتعليقات غير صحيحة    المعرض الدولي للنشر والكتاب يستعرض تجربة محمد بنطلحة الشعرية    لقاء يتأمل أشعار الراحل السكتاوي .. التشبث بالأمل يزين الالتزام الجمالي    الشافعي: الافتتان بالأسماء الكبرى إشكالٌ بحثيّ.. والعربية مفتاح التجديد    المرتبة 123 عالميا.. الرباط تتعثر في سباق المدن الذكية تحت وطأة أزمة السكن    فليك: الريال قادر على إيذائنا.. وثنائي برشلونة مطالب بالتأقلم    سيرخيو فرانسيسكو مدربا جديدا لريال سوسييداد    مؤتمر البيجيدي: مراجعات بطعم الانتكاسة    مصدر أمني ينفي اعتقال شرطيين بمراكش على خلفية تسريب فيديو تدخل أمني    شوكي: "التجمع" ينصت إلى المواطنين وأساسه الوفاء ببرنامجه الانتخابي    الصين تخصص 6,54 مليار دولار لدعم مشاريع الحفاظ على المياه    الهلال السعودي يبلغ نصف نهائي نخبة آسيا    فعاليات ترصد انتشار "البوفا" والمخدرات المذابة في مدن سوس (فيديو)    وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة النبي في الغار.. !
نشر في هسبريس يوم 11 - 07 - 2019


سارع سارع أنت البارع !
لكن فقط حين يكون الاعتراض أو السؤال يسير الجواب والرّدّ !
هذا شعار "صاحبنا" الذي لا ينبس ببنت شفة جوابا على الإشكالات المنطقية والإلزامات العقلية والأجوبة البرهانية زاعما أن أصحابها أشربوا "عجل الرواية"، فلا يستحقون الجواب والحوار، متجاهلا أنهم لم يحتجوا عليه بأي رواية ولم يحتكموا إليها في ردودهم عليه !
عارضه بعض المبتدئين بقوله تعالى من سورة التوبة – الآية 40: (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا)، اعتقادا منهم أنه ما دام "قرآنيا" فإنه سيحترم دلالتها على الوجود التاريخي لأبي بكر الصديق (ض).
لم نستدلّ نحن بالآية لأنها ليست صريحة في الموضوع، ولأنه لا يعقل الاحتجاج على رجل بالروايات والأحاديث وهو ينكرها مطلقا بحجة أنها صناعة عباسية بعد 200 أو 400 سنة من وفاة رسول الله (ص).
اعترض معلّق بالآية على منشور لأيلال، فأجابته معلّقة بقولها حرفيا:
(لكن لم يذكر اسم الصاحب. وإذا كان أرينا أين هو في القرآن)، فعضّد الناشر كلامها بما صورته: (طبعا عزيزتي زهراء لا يوجد اسم أي صحابي في القرآن غير زيد لكنهم عطلوا عقولهم ورهنوها لدى الشيوخ فلا يرون إلا ما يراد لهم أن يروه).
عادت زهراء لتكتب: (السؤال الأكثر وجاهة: لماذا مؤرخو التراث الديني قالوا بأنه من كان في الغار مع الرسول هو أبوبكر؟).
فأجاب باحث الإنترنت بالحرف: (لا يعرفون أن قصة الغار هذه لا علاقة لها بالرسول، ولا بأحد من الصحابة؛ بل هي قصة يهودية موجودة في التوراة وأعادها القرآن من باب سرد القصص الديني للعبرة كقصة موسى ويوسف وعيسى وإبراهيم وداوود وغيرهم).
خلاصة القول عند أيلال :
قصة اختباء الرسول محمد (ص) مع أحد أصحابه في الغار حين هجرته غير صحيحة، وما ذكره القرآن لا علاقة له به؛ فالقصة التي ذكرها القرآن حكاية لواقعة يهودية موجودة في التوراة، وشيوخ المسلمين هم الذين سرقوها ليلصقوها بالرسول الكريم، وقد سرقوها على الرّغم من كونهم لا يعرفون أنها قصة يهودية موجودة في التوراة !!!
وهو الوحيد الذي استطاع معرفة أصل القصة التوراتي لأنه شغّل عقله ولم يرهنه لشيوخ المسلمين !!!
ونحن نتحدّى أيلال أن يثبت دعواه من التوراة، وننفي وجود القصّة فيها مع القسم المغلّظ، ثم نتحدّاه أن يأتينا بوثيقة توراتية مكتوبة قبل الإسلام !
فعلى قاعدته في نفي الشخصيات والوقائع التاريخية بحجة عدم وجود وثائق مادية ملموسة، فإننا نتحداه ومن على شاكلته أن يأتونا بتوراة كتب قبل ظهور الإسلام؛ بل نتحداهم أن يأتونا بنسخة من التوراة سابقة على أقدم نسخة من القرآن عندهم هم !
بمعنى أنهم ولو وجدوا قصة الغار في نسخة من التوراة، فهي مسروقة من القرآن لأنه سابق على أقدم نسخ التوراة المتوفّرة اليوم في العالم، وهو ما يتعمدون إخفاءه!
هذا، ونكرّر أن القصّة لا وجود لها في التوراة أبدا. فمن أين جاء أيلال بالأعجوبة؟
هناك شريط للمتنصّر رشيد الحمامي تحت عنوان: (هل قصة محمد في الغار مع أبي بكر أثناء هروبهما قصة حقيقية؟)، وآخر مشترك بين الصديق الملحد حامد عبد الصمد والصديق المتنصّر محمد لمسيَّح (برنامج صندوق الإسلام الحلقة 31 والحلقة 122).
يزعم الثلاثة أن قصة الغار الموجودة في القرآن لا علاقة لها بنبيّنا محمد (ص) وصاحبه، وأنها قصة مسيحية - لا يهودية ولا إسلامية - جرت للقسّ فيلكس النولي الذي عاش القرن الثالث بعد الميلاد، أي قبل الإسلام بثلاثة قرون !
ثم يفترضون زورا وبهتانا أن المفسّرين المسلمين ألصقوها بالنبي وصاحبه !
أيلال شخص مهووس بإنكار شخص أبي بكر وعمر لعلّة لا ندريها، إلى حدّ الساعة !
أخذ التزوير والتحريف من الحمامي ولمسيح وحامد ليؤكّد هوَسَه؛ لكنه الكسول لا يضبط، فحوّلها قصة يهودية وافتراها على التوراة التي أحد كتب الله !
فأيلال ليس باحثا عن الحقيقة، ولا أهلية له حتى يبحث ويحقّق بنفسه !
إنه مستعد للتصديق بأي قصة أو فكرة تروّجها جماعة المزوّرين لمسيح وحامد والحمامي ما دعمت هواجسه وهوَسه !
ظهر ذلك منه في مرّات كثيرة، وهذه أوضحها !
لم يسألهما عن الوثيقة المادّية المحسوسة التي تثبت الوجود التاريخي لشخصية فيلكس النولي؛ لكنه يسأل المسلمين فقط عن الوثائق المثبتة لشخصياتهم !
ونحن نسأله ونسألهم ونتحدّاهم ما داموا لا يصدّقون إلا ما تثبته الوثائق المادية المحسوسة الموثّقة بزمن القصة والواقعة.
ولم يحقّق معهم هل الوثيقة العلمية الأقدم، والتي ذكرت قصّة فيلكس النولي، كتبت قبل الإسلام والقرآن أم بعدهما بقرون؟
ونحن نسألهم جميعا ونتحدّاهم أن يخرجوا للعالم وثيقة سابقة على القرآن والإسلام سجّلت قصة فيلكس النولي، فتقوم دليلا على أن المسيحيين الشرقيين لم يسرقوها من التراث الإسلامي عامة والقرآن خاصّة .
إنهم مجرّد مزوّرين محرّفين !
ثم نتحداهم أن يقنعونا بالعقل والمنطق – على فرض صحة قصة فيلكس النولي وسبقها - بأن الاختباء في الغار من العدوّ لا يمكن أن يتكرّر في التاريخ !
بمعنى: نتحداهم أن يقيموا الحجة البرهانية على أن المفسرين "سرقوا" قصة يستحيل تكرّرها تاريخيا !
قصة فيلكس النولي تفضحهم جميعا :
بالعودة إلى موقع "الأنبا تكلا هيمانوت: تراث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية " تحت عنوان: سير القديسين والشهداء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
"انظروا إلى نهاية سيرتهم؛ فتمثلوا بإيمانهم" (عب7:13)
القديس فيلكس | فيليكوس
نقرأ الآتي:
(روى سيرته القديس بولينس من نولا St. Paulinus of Nola الذي عاش بعده بأكثر من قرن من الزمان.
كاهن بنولا: كان القديس فيلكس مواطنًا من نولا في إيطاليا، وهي مستعمرة رومانية في كومبانيا Compania التي تبعد 14 ميلًا من نابولي Naples ... اختار فيلكس أن يكرس حياته لخدمة الله ويتبع ملك الملوك يسوع المسيح، فوزّع معظم أملاكه التي ورثها عن أبيه على الفقراء...
في عام 250 م. بدأ الإمبراطور ديسيوس اضطهاد الكنيسة. صارع الأسقف مكسيموس بين حنينه للانطلاق إلى المسيح وبين شعوره بضرورة الاختفاء لمساندة النفوس الضعيفة والاهتمام برعاية الشعب... ثم استدعى الكاهن فيلكس واستودعه رعية المسيح وانطلق إلى الجبال واختفى هناك، ليس بسبب الخوف من الموت؛ ولكن لخدمة قطيعه. بدأ الكاهن فيلكس يسند الشعب ويثبتهم في الإيمان، فأرسل الحاكم الجنود للقبض عليه الذي كان غيورًا على رعاية الإيبارشية في غياب الأسقف. طالبه الشعب بكل لجاجة أن يهرب فرفض.
(بعد قصة خرافية) نقرأ: (اختفاؤه: أما فيلكس فظل مختبئًا يصلى من أجل الكنيسة بدون انقطاع حتى موت ديسيوس عام 251 م. ولم يظهر في المجتمع بسبب غيرته، فاغتاظ الوثنيون ومضوا بأسلحتهم ليلقوا القبض عليه في بيته، فلم يجدوه. وإذ رأوه في الطريق لم يعرفوه. سألوه إن كان يعرف فيليكوس فأجابهم بأنه لا يعرفه بالوجه، إذ لم يكن قد رأى وجهه قط. وعندما اكتشفوا خطأهم ورجعوا للبحث عنه، فكان القديس قد بَعُد بمسافة وزحف داخل فتحة في جدار متهدم، وكانت الفتحة مليئة بخيوط العنكبوت. وعندما لم يعثر عليه أعداؤه، حيث إنهم لم يتخيّلوا أن أحدًا من الممكن أن يكون قد دخل رجعوا بدونه. أما فيليكوس فقد عثر على بئر نصف جاف بين بيتين وسط الأنقاض، فاختبأ هناك لمدة 6 شهور وكانت تقوته امرأة مسيحية متعبدة. وعندما ساد السلام في الكنيسة خرج فيليكوس من البئر واستُقِبل بفرح في المدينة) . انتهى
إذن، فيلكس حسب هذه القصّة دخل فتحة في جدار متهدّم كانت العنكبوت قد نسجت فيه مسبقا، ولم يدخل غارا، وكان وحيدا ليس معه أحد .
فأين هذا كلّه من القصّة القرآنية التي تتحدّث عن شخصين اختفيا في الغار، وكان أحدهما يطمئن الثاني ويثبّته؟ ما وجه الشبه بينهما؟ بل، ما علاقة قصة فيلكس بالقصة الروائية التي ذكرت أن العنكبوت نسجت على الغار بعدما دخله النبي وصاحبه، وأن الحمامة باضت على مدخله؟
إن قصة العنكبوت والحمامة ليست في القرآن، وهي ضعيفة وفق قواعد السردية الإسلامية، والضعف لا يعني إلا أن القصّة لم تجد رواة ضابطين ينقلونها، فلا يستلزم الكذب .
فقولنا بضعفها لا يقتضي أنها مأخوذة من قصة فيلكس لعدم تطابقهما .
لقد زعم حامد ولمسيّح والحمامي أن قصة الغار مشابهة لقصة فيلكس بل مسروقة منها ! فادعوا أن فيلكس النولي هرب هو وصاحب له من جنود الرومان، فدخلوا غارا أو كهفا، ثم نسجت العنكبوت عليه !
في مصدر القصة نجدها مختلفة عن ذلك تماما .
ففليكس كان وحيدا، وقد اختبأ في جدار متهدم كان نسج العنكبوت موجودا فيه مسبقا .
أما أيلال، فزاد عليهما من افترائه على التوراة !
أين مصدر قصة فيلكس النولي؟
ذكر محمد لمسيّح في حواره مع حامد عبد الصمد أن قصة فيلكس النولي – والتي زعموا أنها شبيهة بقصة النبي وصاحبه في الغار تزويرا وتحريفا - ذكرها يعقوب السروجي السرياني الذي عاش خلال القرن السادس الميلادي حيث توفي حوالي 521 أو نحوها لاختلاف مؤرخي النصارى فيه .
ونحن نتحدى أيلال أن يثبت لنا شخصية يعقوب السروجي هذه بالوثائق المادية المحسوسة كالتي اشترطها لإثبات أبي بكر وعمر (ض)، ونتحداه مع شيوخه أن يثبتوا بالوثائق العلمية أن الكتاب الذي ذكر قصة فيلكس من تأليف يعقوب السروجي على فرض كونه شخصية حقيقية، ونتحداهم أن يأتونا بنسخة سريانية للكتاب نُسِخت زمن نبينا محمد أو قبله أو بعده بقليل !
إن أقدم مخطوطات الكتب السريانية تعود إلى ما بعد الإسلام والقرآن، وبالضبط إلى القرن العاشر الميلادي وما بعده، أي أنها ظهرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بحوالي 300 سنة. فمن السارق إذن على فرض تطابق القصتين؟ ومن المحرّف المزوّر ؟
جاء في مقال للباحث بحق في الأديان الدكتور المغربي مصطفى بوهندي الذي نعتز بصداقته: (أتحدى محاربي القرآن بما سموه الأصل السرياني أو الأرامي، بالإتيان بوثيقة عبرية أو أرامية أو سريانية ترجع إلى ما قبل القرن العاشر الميلادي... أود أن أؤكد معهم أن النسخ القديمة لهذا الكتاب العربي ترجع إلى القرن الأول الهجري، وقريبة من العهد النبوي. وسؤالي لهم ما داموا يدعون أن اللغات المذكورة، السريانية والأرامية وكذلك العبرية، هي أساس النص القرآني، هو أن يأتوا لنا بنص واحد (codex) يرجع إلى ما قبل القرن العاشر الميلادي. مع أن المفروض أن أسفار العهد القديم كتبت بالعبراني حسب ادعائهم، وأسفار العهد الجديد كتبت بالسرياني والأرامي. والمطلوب الآن أن يأتونا بنسخة لا ترجع إلى تاريخ كتابة الكتب المقدسة، قبل 3000 أو 2000 سنة. وإنما ترجع إلى ما بعد كتابة القرآن بقرون، أي 1000 سنة فقط. بل إن عليكم أن تثبتوا وجود وثائق مكتوبة قبل القرآن بهذه اللغات المدعاة، وبعده تبينون لنا تأثيرها على القرآن أو اقتباسه منها. إنه تحدّ لكم ولشيوخكم الذين لو حاسبنا كتبهم بما تحاسبون كتاب الله عز وجل لما قامت لهم ولكتبهم قائمة. لن ندخل في التفاصيل، نريد فقط أرقاما لمخطوطات للكتب المقدسة السابقة باللغات التي اقتبس منها القرآن كما تدعون، في أي المتاحف أو المكتبات أو الجامعات أو الفاتيكان أو ما تشاءون. ودون ذلك، فإن حربكم على القرآن الكريم خاسرة؛ لأن هذه اللغات المدعاة تختلف عن اللغات التي وردت تسميتها في الكتب المقدسة، عبرانية وسريانية وأرامية، إذ إن الأولى ضاعت، والثانية التي تتشدقون بها اليوم إنما هي نتاج من بطن العربية، وفي ظل الثقافة الإسلامية، وقد قام المسيحيون عبر كنائسهم لتسمية الدرجات العربية التي يتكلمون بها باسم لغة الكتاب المقدس السرياني ثم الأرامي، وكانت في أول عهدها تكتب بالحرف الكرشوني وتنطق بالحرف العربي، إلى أن طورت الكنائس هذه الدارجات المحلية وجعلتها لغات. والأمر نفسه بدأه اليهود السفارديم من القرن العاشر مع الماسوراتيين، لترجمة كتاب مقدس خاص بلغة خاصة تتبنى العربية؛ ولكنها تخالفها في النطق وفي بضع كلمات. وللاستدلال على ذلك، فإن العالم اليهودي الكبير موسى بن ميمون، المتوفى في القرن الثالث عشر، لا يعرف هذا الخط، وقد كتب كتبه باللغة العربية، ثم تحولت بعد وفاته إلى نصوص عربية مكتوبة بخط سموه حينئذ الأشوري المربع، ثم الأرامي ثم العبري. ولم يبدأ الإحياء الفعلي لهذه اللغة إلا بعد الخروج من الأندلس، ثم اكتملت مع حركة الأدب العبري، التي كان معجمها ونحوها عربيا، ولكن نطقها كان أوروبيا. ولكي أضيف بعض الزيت إلى هذه النار، فإن الترجمات اليونانية السبعينية والفولجاتا اللاتينية هي أقدم بكثير من هذه اللغات. وبالتالي، فهي لم تكن أبدا لغة الكتاب المقدس، إلا بدءا من الحروب الصليبية وانتهاء بالاستعمار. أرجو أن يكون هذا الطلب دافعا لمحاربي الله ورسوله وقرآنه والعلم والعقل والإنسان، إلى مواصلة البحث وإعادة النظر، وإنا في انتظار الجواب). ه.
هيا يا أيلال ويا محمد لمسيّح ورشيد الحمامي أبطلوا التحدّي إن كنتم قادرين !
أيلال القرآني يحرّف سياق القرآن:
يرفض أيلال تفسير القرآن بالروايات لأنها شائعات وأكاذيب؛ لكنه هنا يبحث في روايات اليهود لينفي كون القصة إسلامية لها علاقة بالرسول محمد وأحد أصحابه !
وبعدما نفينا وجودها في التوراة، وعرضنا قصة فيلكس النولي التي لم يثبت أنها كانت معروفة مكتوبة أو متداولة قبل الإسلام، فلنتأمل قصة الغار في سياقها القرآني الذي تحاشاه أيلال وأهمله، فقط ليفرّ من كون الصاحب هو أبو بكر الصديق.
قال الله جلّ جلاله في سورة التوبة: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُواطِؤُا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (37) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (43) لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45).
قرر القرآن أن الرسول محمدا جاء بالهدى والدين الحق ليظهر وينتصر، ثم حذر المؤمنين بالرسول محمد من الاغترار ببعض الأحبار والرهبان، ودعا إلى إبطال العمل بالنسيء الذي اعتاده المشركون العرب. بعدها، مباشرة يقرّع المؤمنين ويلومهم على تثاقلهم عن الجهاد ويتوعّدهم العذاب الأليم واستبدالهم قوما غيرهم، ثم يقول لهم بصراحة ووضوح: إن لم تنصروا رسولكم عسكريا، وإن خذلتموه، فهو منتصر لا محالة بالله وحده الذي نصره بجنود أخفياء لما كان في الغار مع صاحبه الخائف الذي لم يكن يملك قوة على مواجهة الكافرين فحزن حزنا شديدا، ثم استأنفت الآيات مباشرة بإصدار أمر عسكري للمؤمنين - بعد سماعهم التقريع واللوم والوعيد - بالجهاد والنفير. وانتهت الآيات للكلام المباشر مع صاحب القصة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهل يحق لقرآني – فضلا عن محترِم لأبسط أساليب العربية - أن يجعل القصة لغير الرسول محمد وأحد أصحابه؟ وأين هي القرينة المتصلة (من داخل السياق)، أو المنفصلة (في موضع آخر من القرآن)، والتي تجعل القصة يهودية توراتية أو نصرانية حتى؟ ولماذا الإمعان في بتر الآية من سياقها وصرفها عن حقيقتها؟ هل يتحتم ذلك لتنجح زوبعة النفي التاريخي لشخصية أبي بكر؟
المهم هو أن القرآن أثبت وجود صحابي مع الرسول مختبئين من الذين كفروا في غار، وأنهما نجيا وانتصرا.
وقد اتفق المسلمون، سنة وشيعة وخوارج وإباضية ومعتزلة، على أن الذي كان مع النبي في الغار شخص سمّوه أبا بكر الصديق؛ بل إن بعض غلاة الشيعة جعلوا القصة دليلا على ضعف إيمان أبي بكر لأنه حزِن وخاف في الغار، دون أن يذكروا مما خاف ولماذا خاف إذ يحتمل أنه خاف على نفسه أو على الرسول، فيكون في الحال الأولى خوفا فطريا، وفي الثانية محمَدة تُحسب له في الآخرة؟
إن الآية تثبت بطريق غير قطعي الوجود التاريخي لشخص اسمه أبو بكر الصديق، إذ لا بديل معقول عنه يقاوم الرواية الشفهية المتداولة في الذاكرة الجماعية للأمة.
وهذا الإثبات القرآني – على الرغم من كونه ملزما للمؤمنين بالرواية الشفهية – يزعج الباحث الإنترنتي ويقلقه ويفسد عليه طرحه، وهو القرآني، فلا جرَم يبتر الآية من سياقها ويفتري على التوراة وينف عن الرسول قصّة نسبها القرآن إليه !
*خريج دار الحديث الحسنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.