يُقبلُ التلاميذ الحاصلون على شهادة الباكلوريا بشكل متزايد ولافت على دروس الدعم الخاصة بالاستعداد والتحضير لمباريات الكليات والمدارس العليا، غير أن الكثير منهم يسجل إلى جانب الأساتذة امتعاضهم مما آلَ إليه وضع مراكز الدعم والمراجعة، إذ صارت فضاء لاستقطاب التلاميذ و"النصب" عليهم من خلال شرط التسجيل بأثمان خيالية من دون تقديم أي دعم ذي جودة عالية. ويستهجنُ الكثير من الأساتذة الحملات الإغرائية التي تقوم بها مراكز الدعم والمراجعة قبل إعلان نتائج الباكلوريا، إذ تجعل التلميذ مسلوب الحرية فيقرر بشكل مباشر الالتحاق بمركز الدعم الذي يغريه بضمانة النجاح في مباراة مؤسسة جامعية معينة. ومنذ مدة أصبح الانخراط في هذه المراكز بمثابة عادة وموعد سنوي لا يخلفه التلاميذ، ويُقلق الكثير من الآباء، خاصة منهم الذين لا تسمح لهم ظروفهم الاجتماعية والمادية بتسجيل أبنائهم للاستفادة من التحضير المكثف للمباريات الجامعية، وهو ما أكده بوشعيب، أب تلميذة حصلت على شهادة الباكلوريا السنة الجارية بميزة حسن جدا، بالقول: "حصص الدعم هاته تكلفنا كثيرا من الناحية المادية، لكننا نقترض المال لكي يستفيد أبناؤنا ويحضرون جيدا للمباريات". وفي تصريح لهسبريس، قال بوشعيب إن "بعض المراكز تعلن بدء عملية التحضير المكثف لمباريات الجامعات وتقدم أثمانا جد باهظة تصل إلى 1500 درهم للمادة فقط، خلال ما مجموعه أربع ساعات على الأكثر". وينتقدُ المتحدث ذاته هذه الأثمان "المسعورة" التي تحرم الكثير من التلاميذ من فرصة الدعم، وتدفع بآخرين إلى "خنق" آبائهم من أجل أن يقترضوا المال الذي قد يصل إلى 6000 درهم فقط خلال أسبوعين أو أسبوع، حتى يمكنوهم من الالتحاق بمراكز المراجعة. "هذه الأثمان غير متاحة للجميع، والمفروض أن تخصص ميزانية لدعم التلاميذ أو منح للتلاميذ المتفوقين ليستفيدوا مجانا من حصص المراجعة استعدادا لمباريات المعاهد العليا"، يقول المتحدث. وتشتد المنافسة بين الكثير من مراكز الدعم، التي تحاول استقطاب أكبر عدد من الحاصلين على الباكلوريا، وبينها التي تقدم "ضمانة النجاح في مباراة مدرسة أو معهد معين"، ما يغري التلميذ بالتسجيل، ويزعج أساتذة يشرفون على الدعم في مراكز أخرى. محمد، أستاذ بأحد مراكز الدعم بمدينة الجديدة، يقول في تصريح لجريدة هسبريس: "هناك استغلال بشع ينم عن جشع بعض المراكز التي تستنفد جيوب الآباء من دون تقديم تكوين جيد لأبنائهم"، ليضيف: "هذا ما لاحظناه، إذ ينسحب الكثير من التلاميذ من مراكز لا تقدم لهم دعما جيدا ويلتحقون بنا.. على الأقل يؤدون واجبا ماليا معقولا". وأكد المتحدث أنه كلما زاد الطلب زاد العرض وزاد معه شجع بعض المراكز، التي تستغل خوف التلاميذ وتوجسهم من صعوبة المباريات وتفرض عليهم أثمانا خيالية. واستغرب المتحدث ذاته تقديم الكثير من المراكز خدمتها قبل إعلان نتائج الباكلوريا، متسائلا: "كيف تُباشرُ هذه المراكز عملية الدعم والمراجعة والتلاميذ لم يحصلوا بعد على نتائجهم التي بناء عليها يمكنهم معرفة هل سيتم انتقاؤهم بشكل أولي على ضوء عتبة المدرسة الجامعية؟". وأوضح الأستاذ ذاته أن المنطق يفترض ألا يبدأ التلميذ استعداده للمباراة إلا بعد أن يحصل على معدله في الباكلوريا، وبناء عليه وعلى عتبة الكلية يتأكد من تمكنه من اجتياز المباراة أولا. ولم يعارض الأستاذ "موجة" التسجيل في مراكز الدعم بعد الباكلوريا، لكنه شرطها ب"تقديم الخدمة الجيدة انطلاقا من معطى أن مباريات المعاهد العليا تجرى في وقت جد وجيز لا يتجاوز على الأكثر 30 دقيقة، مثل مباراة كليات الطب وطب الأسنان ومدارس العلوم التطبيقية، وبالتالي يجب تحضير التلميذ نفسيا وذهنيا للتأقلم مع هذه المدة الزمنية الوجيزة ثم الاشتغال معه على نماذج مباريات سابقة".