سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التوجيه المدرسي .. ضعف الحكامة وقلة التجهيزات والموارد البشرية تلاميذ يستنجدون بالأنترنت لولوج المعاهد العليا وآخرون يصابون بالإحباط بعد حصولهم على الباكلوريا
ندد تلاميذ السنة الختامية من سلك الباكالوريا بما اعتبروه حيفا يطالهم من طرف مسؤولي الكليات والمعاهد والمدارس العليا، موضحين أنه يجب وضع حد لعمليات تزامن مواعيد إجراء المباريات، والتي تجعل الناجحين في الباكالوريا محرومين من ولوج بعضها. انطلقت حملة التوجيه المدرسي الموسمية منذ بداية شهر أبريل الماضي داخل المؤسسات الثانوية، الإعدادية والتأهيلية، وسط استياء كل الفاعلين والشركاء والمستفيدين، من مفتشي ومستشاري التوجيه ومساعديهم وإداريين وتلاميذ وأولياء أمورهم... من القصور والغموض الذي تعرفه المبادرة التربوية، في ظل ضعف الحكامة التربوية والخصاص المهول في الموارد البشرية والعتاد البيداغوجي اللازم وقلة أو انعدام القاعات الخاصة أو التجهيزات وصعوبة التواصل مع التلاميذ، بسب اختلاف جداول حصصهم الزمنية وفي ظل غياب مشاريع وبرامج سنوية لتتبع مستويات وميولات التلاميذ طيلة فترات دراستهم، أو على الأقل، خلال السنة الدراسية الختامية في الإعدادي أو التأهيلي. وتبذل أطر التوجيه والتخطيط مجهودات مكثفة من أجل التوصل والتحسيس، تصطدم بعراقيل لا علاقة لها بالتربية والتكوين، تحُدّ من عطائهم، كما يتم دعم مكثف من طرف الإداريين داخل تلك المؤسسات بهدف سد الخصاص، من خلال البحث في المواقع الإلكترونية التربوية وتوفير بعض المذكرات الخاصة بولوج المعاهد الوطنية أو الدولية ومساعدة التلاميذ على الاختيار الصحيح. معاناة المستشارين في التوجيه أشار العديد من المستشارين في التوجيه إلى معاناتهم، بسبب الخصاص والنقص في التجهيزات وكذا بسبب التنقل اليومي لمسافات طويلة على حسابهم الخاص من أجل أداء مهام التوجيه داخل بعض المؤسسات البعيدة. وأضافوا أن العديد من المراكز الإقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه تعرف خصاصا في الموارد البشرية، كما أن العديد من المؤسسات التعليمية في حاجة على مستشارين، إلا أن الوزارة الوصية لم تبادر إلى تعيينات جديدة، مشيرين إلى ان الحركة الانتقالية الأخيرة لم تفرز أي مناصب فارغة في عدد من الأماكن التي فيها خصاص، رغم الطلبات التي أرسلت إليها من طرف مسؤولي النيابات. وطالب سليمان بوبكري، مدير ثانوية الحسن الثاني في بنسليمان، بتعيين مستشار في التوجيه داخل كل ثانوية، لتمكين التلاميذ من متابعة دقيقة ودائمة تُمكّن من التعرف على ميولاتهم وتصنيفهم تصنيفا صحيحا، مشيرا إلى أن هناك طاقات واعدة داخل تلك المؤسسات التعليمية تحتاج إلى من يفرزها ويصقلها، عوض الاكتفاء بلقاءات موسمية ومعارض غالبا ما يطغى عليها حضور المعاهد الخاصة، التي تسعى إلى الربح المادي أكثر من سعيها إلى توجيه التلاميذ. وأضاف بوبكري أنه يجب وضع برنامج سنوي وتوفير التجهيزات والموارد البشرية اللازمة لتطبيقه داخل كل ثانوية، حتى يستفيد منه التلاميذ خارج أوقات دراستهم، موضحا أن معظم المؤسسات الثانوية في المغرب لا تعمل بمشاريع سنوية في التوجيه، ليس لعدم كفائة مستشاري التوجيه، ولكنْ بسبب قلتهم وانعدام وسائل العمل، من تجهيزات وقاعات خاصة للإعلام والتوجيه. وأضاف أن المدن الصغرى والمجالات القروية تعرف خصاصا أكثر في مجال التوجيه وإلى أن الإدارة تحاول جاهدة تغطية هذا الخصاص، موضحا أنه سبق للوزارة أن عمدت إلى تكوين مجموعة من المدرّسين لدعم قطاع التوجيه، لكن العملية تعثرت، بحكم أن القطاع يحتاج إلى التخصص والتفرغ. أثر الخريطة المدرسية على التوجيه المدرسي كثيرا ما يجد المستشار في التوجيه، ومعه كل المشاركين في مجالس انتقال وتوجيه التلاميذ، صعوبات في تدبير ملفات بعض التلاميذ، وخصوصا أصحاب المستويات التعليمية الضعيفة أو المتوسطة، حيث يفاجأ الكل ب»فيتو» الخريطة المدرسية، الذي يمكن بعض التلاميذ الراسبين في السنة السادسة ابتدائي أو الثالثة إعدادي من النجاح، رغم توفرهم على معدلات دون 10 من 20، وهي فئة لا يمكن أن تساير برامج تعليمية أعلى ولا يمكن توجيهها إلى أي مسلك تربوي. ويتم توجيههم بطرق عشوائية إلى شُعب لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن يسايروا برامجها. وتساءل أحد المدرسين «ماذا سيحدث لمصباح طاقته الكهربائية 110 فولت، تم ربطه بتيار كهربائي طاقته 220 فولت»؟... وشرح قائلا إن «النتيجة هي أنه سينفجر».. مضيفا أن مثل هذه التوجيهات العشوائية هي التي تزيد من استفحال ظاهرة الهدر المدرسي، وهي التي تجعل قسما يضمّ 40 أو 50 تلميذا ضمنهم عشرة فقط مستعدون لاستيعاب برامج ذلك المستوى. وأوضح المدرس باستياء: «حاول أن تصب سطلا من الماء داخل قنينة فارغة حجمها لتر أو نصف لتر... إن معظم ما تصبه يجري خارج القنينة». وأضاف أن التعليم في حاجة إلى تنظيم نظام قطرة بقطرة (كوت أ كوت)، والذي ظهرت نجاعته في مجال الفلاحة والسقي. وأكد مدرسون وإداريون في الثانوي -التأهيلي ل«المساء» أن الشّعَب العلمية والأدبية، بجميع فروعها، يسلكها تلاميذ في معظمهم غير مؤهلين لها.. وأنه باستثناء فئة قليلة من التلاميذ الموجهين توجيها صحيحا، فإن معظم التوجيهات تكون عشوائية وإنه توجهت إلى الشّعَب الأدبية شريحة كبيرة من التلاميذ الذين لا ميول تربوية لهم، وهو ما يجعل تلك المستويات، وخصوصا الأولى والثانية باكلوريا، غير قابلة لاستيعاب البرامج المقررة لها. تائهون بين المواقع الإكترونية لم يجد تلاميذ الباكلوريا من سبيل للبحث عن مسار لمستقبلهم التعليمي سوى بحر المواقع الإلكترونية، حيث المعلومة حاضرة بقوة وكثافة، لكنها قد تكون خاطئة أو ناقصة، في بعض الأحيان. كما أن العديد منهم يصابون بخيبة أمل قبل اجتيازهم امتحانات الباكلوريا الأخيرة، بعد أن يتبيّن لهم أن عدة معاهد أغلقت أبواب التسجيل من أجل الانتقاء الأولي. فرغم مجهودات المستشارين في التوجيه الذين يعانون من نقص في العتاد اللازم (وثائق، نسخ، وسائل النقل)، ورغم المَعارض والإعلام وأيام التوجيه التي تنظم في بعض المدن وداخل بعض المؤسسات التعليمية، فإن تلك المعارض تعرف هيمنة المعاهد والمدارس الخاصة، مقابل ندرة المؤسسات العمومية، باستثناء المذكرات الخاصة بولوجهم. ولعل المعاناة التي استقتها «المساء» من تصريحات الطلبة الحاصلين على شهادة الباكلوريا في الموسم الدراسي الماضي تؤكد مدى التخوف الذي بلغ عند البعض حد الإحباط، من عدم التمكن من الظفر بمقعد داخل إحدى المدارس أو المعاهد العمومية. فقد علمت «المساء» أن الربيع العربي امتد إلى معدلات الطلبة في الموسم الماضي وأن المعدلات الوطنية للحاصلين على شهادة الباكلوريا كانت جد مرتفعة إلى درجة أن بعض الحاصلين على معدلات فاقت 16 من 20، ورغم ذلك لم يتمكنوا من ولوج المعاهد المغربية، التي تُخضِع المترشحين لعملية انتقاء أولية، وأن بعض المعاهد والمدارس العليا اضطرت إلى الإعلان عن أكثر من ستة لوائح انتظار.. وأكد الطلبة أن كل التلاميذ المتفوقين في المغرب ترشحوا لولوج كل المعاهد والمدارس العليا، وهو ما جعل هذه المجموعة الكثيرة تتربع على قمة اللوائح الأولية للمنتقين، فيما ظل الباقي ينتظرون الاختيارات النهائية لهذه الفئة وإفراغ مقاعدها بباقي المؤسسات العليا العمومية. ويعلق معظم التلاميذ التحصيل الدراسي وينشغلون بالبحث عن خيوط التوجيه، التي تتبخر بمجرد ما أن يسحبها التلاميذ، بحكم أنهم لا يتوفرون على المعلومات الكافية التي تمكّنهم من الاختيار الصحيح بسبب ضبابيتها.. تصريحات مختلفة للعديد من ضحايا التوجيه تذهب كلها إلى أن فشلهم في متابعة دراستهم الثانوية التأهيلية أو الجامعية كانت بسبب سوء التوجيه، مؤكدين أنهم إما ضلوا الطريق واختاروا شُعباً لا تناسب مستواهم الدراسي ولا ميولاتهم التربوية أو أنهم أرغموا على بعض الاختيارات، لتفادي شبح البطالة.. وتوضع مسالك وشعب جديدة في فترة وجيزة، ودون توضيح أو إرشاد للتلاميذ وأولياء أمورهم، ففي منتصف كل موسم دراسي، يدخل تلاميذ وتلميذات مستويات الثالثة إعدادي والجذوع المشتركة والثانية باكلوريا، وهي الفئة المعنية بالتوجيه التربوي، في دوامة البحث عن مسالك تلائم مسارهم الدراسي وقدراتهم التعليمية. ويجد قليلون منهم من يحتضنهم ويمهد لهم طريق الانتقاء الصحيح باعتماد آبائهم وذويهم على سياسة «باك صاحبي».. وجرأة بعض الآباء في طرْق الأبواب الموصدة والتمكن من الوصول إلى معلومات عن بعض الشّعَب والمسالك ومتطلباتها التربوية والسيكولوجية والجسمانية وعن طبيعة بعض المعاهد والجامعات ومدى ملاءمتها مع مستوى تكوين ونوعية الشّعَب التي يسلكها أبناؤهم وبناتهم.
مراجعة التوقيت والطريقة ندد تلاميذ السنة الختامية من سلك الباكلوريا بما اعتبروه «حيفا» يطالهم من مسؤولي الكليات والمعاهد والمدارس العليا، موضحين أنه يجب وضع حد لمعضلة تزامن مواعيد إجراء المباريات، والتي تجعل الناجحين في الباكلوريا محرومين من ولوج بعضها، مما يقلل من حظوظهم في الظفر بورقة ولوج أحد المعاهد العمومية. كما طالبوا بفسح المجال واسعا لكل الراغبين في اجتياز مباريات تلك المعاهد عن طريق عمليات انتقاء نزيهة تلائم متطلبات جسور تلك المعاهد، مشيرين إلى أن بعض المعاهد تسلك طرقا «غامضة» في عملية الانتقاء الأولية. وتساءل بعض الطلبة الحاصلين على شهادة الباكلوريا كيف لا يتم توحيد سقف نقط الانتقاء لولوج مدارس أو معاهد تتواجد في مدن مختلفة، حيث أكدوا أن نفس المدرسة أو المعهد يفرض سقف معدلات الانتقاء مخالفا لمثيلاتها يف مدن أخرى، وطالبوا بتوحيد سقف معدلات الانتقاء على الصعيد الوطني. كما طالب بعضهم بتقنين الامتحانات الشفوية، التي ما زالت، حسب رأيهم، تحمل شعار «الشفوي الله يداوي».. في إشارة إلى تلاعب بعض المُدرّسين بمصير التلاميذ المرشحين لولوج المعاهد والطلبة الجامعيين.. وتكفي الإشارة إلى ما ردده بعض الطلبة الجامعيين من أن بعض الأساتذة يعمدون إلى إرغام طلبتهم على اقتناء كتب لهم دون أخرى، مُلمّحين لهم إلى أن معظم أجوبة أسئلة الشفوي توجد بين سطورها..