لم تمنعهما حياتهما الصعبة، بسبب الحساسية المفرطة من الأشعة ما فوق البنفسجية، والتي تحتم عليهما المكوث في الظلام، وعدم التعرض لأشعة الشمس، علاوة على كونهما يعانيان من ضعف البصر، من مواصلة مشوارهما الدراسي بنجاح مسترسل، توجّاه بحصولهما على معدل مرتفع في امتحانات الباكالوريا للموسم الدراسي المنقضي. لم يبدأ حمزة تيزمرت دراسته في سن العاشرة، حيث أكمل تعليمه الابتدائي، في القرية التي ولد وترعرع فيها نواحي مدينة تارودانت، ومنها انتقل إلى معهد تعليم المكفوفين بتارودانت، ثم إلى المعهد نفسه في مدينة تمارة، الذي نال منه شهادة الباكالوريا هذه السنة، بمعدل 12.45 على عشرين. المسار نفسه سلكه شقيقه حمزة تيزمرت، الذي يؤكد أن مرحلة الدراسة في التعليم الابتدائي بقريتهما النائية في جنوب المملكة لم تكن سهلة بالنسبة إليهما؛ لكنّ وطأة الشقاء خفّت بعد انتقالهما إلى معهد تعليم المكفوفين بتارودانت، حيث نالا شهادة التعليم الإعدادي، قبل أن يشدّا الرحال إلى مدينة تمارة لاستكمال مشوارهما الدراسي. ينتمي حمزة ومحمد تيزمرت إلى أسرة من الطبقة الاجتماعية المتواضعة، ولم تمنعهما الظروف الاجتماعية الصعبة لأسرتهما، ولا مرضهما الذي يمنعهما منعا كليا من التعرض لأشعة الشمس، وكذا ضعف بصرهما من الجد والاجتهاد طيلة مشوارهما الدراسي، ليشكلا نموذجا فريدا بين أقرانهما الذين غالبا ما يركنون، إلى بيوتهم ولا يبرحونها إلا عندما يغيب آخر شعاع من أشعة الشمس ويرخي الليل سدوله. لم يكرر حمزة ومحمد تيزمرت أي سنة من السنوات الثلاث من الباكالوريا، إذ اجتازاها جميعها بنجاح، وختما مشوار النجاح بنقطة مرتفعة نالا بها شهادة الباكالوريا. يضم معهد محمد السادس لرعاية المكفوفين بتمارة، التابع للمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين، 147 تلميذا من المكفوفين وضعاف البصر، 17 منهم ترشحوا لاجتياز امتحانات الباكالوريا هذه السنة، ونجحوا جميعهم في الامتحان الوطني، حسب إفادة إبراهيم بنشرقي، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بعمالة الصخيرات-تمارة. وأوضح بنشرقي أن معهد محمد السادس لرعاية المكفوفين يتم تدبيره من حيث توفير الأطر التربوية وكذلك من ناحية الإدارة التربوية من طرف وزارة التربية الوطنية، مبرزا أن المعهد يتوفر على جميع التجهيزات التي تمكن التلاميذ الذين يعانون من الإعاقة البصرية من متابعة دراستهم كباقي زملائهم في المؤسسات التعليمية العادية. يتذكر محمد تيزمرت الظروف التي درس فيها خلال مرحلة التعليم الابتدائي، حيث كان يقضي ساعة من الزمن ويزيد للوصول إلى المدرسة، على الرغم من كونه من "أطفال القمر" الممنوعين من التعرض لأشعة الشمس؛ وهو ما يجعله غير قادر على التركيز حين يصل إلى الفصل، لكن شغفه بالتعلم جعله يغامر ويتخطى الصعاب، ويطمح الآن، بعد اجتياز عتبة الباكالوريا، إلى الولوج إلى كلية الحقوق بالرباط، "ونْعطيو فيها كيما عْطينا من قبل"، كما يقول.