على الرغم من كونه لم يبصر النور منذ ولادته، تمكن الشاب الكفيف عزيز بارا ذو 26 عاما، من مواصلة دراسته الجامعية في تخصص قانوني صعب، متحديا بإرادته القوية كل الصعاب التي واجهته في مساره الشاق للارتواء من منبع العلم، الذي بنوره تشع البصائر وإن فقدت نعمة البصر. بعد دراسته في معهد الأمير مولاي الحسن لرعاية المكفوفين بتارودانت وحصوله على الباكالوريا سنة 2009، اختار هذا الشاب الكفيف، المنحدر من اشتوكة آيت باها، التوجه لدراسة القانون العام بكلية الحقوق بأكادير رغم الصعوبات العديدة التي واجهته وفي مقدمتها افتقار الكليات للتجهيزات البيداغوجية المخصصة لهذه الفئة من الطلبة المكفوفين، وضعف الولوجيات، ليتمكن في الأخير، بفضل تصميمه على التعلم، من إحراز شهادة الإجازة في القانون العام في 2012 . إصرار هذا الشاب الكفيف على التحصيل العلمي، لم يتوقف بعد حصوله على الإجازة في القانون، حيث سيواصل شق مساره الجامعي، منتقلا هذه المرة إلى شمال المملكة، ليحط الرحال بكلية الحقوق بطنجة، من أجل مواصلة دراسته العليا في القانون العام في ماستر الشأن المحلي برسم الموسم الجامعي 2014/2015. وبالرغم من صعوبة التخصص في الدراسات القانونية، إلا أن ميل عزيز بارا لهذا الحقل المعرفي وشغفه بالمجال القانوني لعب دورا كبيرا في نجاحه في هذه الشعبة الصعبة. وحول المنهجية التي يعتمدها في دراسته أوضح هذا الشباب الكفيف في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه يعتمد على المطالعة والقراءة الجماعية أي في إطار مجموعة تضم عددا من الطلبة من غير المكفوفين. "أعتمد أيضا على تسجيل أشرطة خاصة بالدروس القانونية بأصوات بعض زملائي الطلبة قصد المراجعة والدراسة، إلى جانب المشاركة في مجموعة من الندوات قصد إغناء رصيدي الثقافي"، يقول عزيز بارا، بصوته الجهوري القوي ونظاراته السوداء التي لا تفارقه، مضيف أنه يستعين أيضا بوسائل أخرى كالمذياع والأنترنيت بمساعدة أصدقائه للبحث في المجالات المعرفية الأخرى والثقافة العامة. معايشته وملامسته لصعوبات الدراسة الجامعية، جعلته يؤكد على الحاجة الماسة إلى توفير وتعزيز الولوجيات في الكليات المغربية لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام والكفيف بشكل خاص، بهدف تكريس اندماج حقيقي لهذه الفئة في منظومة التربية والتكوين. واعتبر أن تكريس الحقوق التعليمية لفئة المكفوفين، يمر بالضرورة عبر تخصيص مكتبات تتوفر على مراجع وأشرطة صوتية خاصة وحواسب محمولة تتضمن تطبيقات خاصة بالمكفوفين وذلك في كل الكليات التي يتابعون فيها دراساتهم العليا. ولفت إلى أن نسبة قليلة من المكفوفين هي التي تتمكن اليوم من متابعة دراستها الجامعية العليا، مشيرا على سبيل المثال إلى أنه الطالب الوحيد من فئة المكفوفين الذي يتابع دراسته من أصل 70 طالبا في شعبة الشأن المحلي التي يدرس بها. ودعا في هذا السياق إلى بذل مزيد من الجهد لتشجيع الطلبة المكفوفين على متابعة دراستهم الجامعية وتوفير الظروف الملائمة والدعم الكافي، معتبرا أن المنحة الدراسية وحدها لا تكفي وإنما يتعين تخصيص دعم إضافي خارج المنحة للتغلب على إشكالات مواصلة التعليم العالي بالنسبة لهذه الفئة .