يبحث المنعشون العقاريون على حل "سحري" يساعدهم على تجاوز الأزمة الخانقة التي يمر منها القطاع منذ أربع سنوات، والتي تفاقمت بشكل كبير منذ النصف الأول من العام الماضي. وشرع عدد من هؤلاء المنعشين في التخلي عن سياسة "الهروب إلى الأمام"، بعد اعتراف معظمهم بوجود "أزمة" حقيقية نتيجة تراجع قياسي في المبيعات وتأخر كبير في تسديد مستحقات الموردين وشركات البناء العاملة مع شركات الإنعاش العقاري. ويربط المهنيون تراجع حجم التمويلات العقارية التي تقدمها المصارف للزبناء المحتملين بمجموعة من العوامل المرتبطة بالمخاطر في الأداء التي ترافق ملفات القروض العقارية، والتخمة من المشاريع السكنية المفتقدة للجودة، التي أصابت مجموعة من أسواق المدن الكبرى، مقابل غياب مشاريع سكنية موجهة للطبقة الوسطى يقل ثمنها عن 500 ألف درهم. وقد أثرت أزمة العقار على الأداء العام للقطاع المصرفي، وهو ما حمل العديد من المسؤولين بالقطاع البنكي للتعبير عن نيتهم الرفع من مستوى التمويلات الموجهة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، بعد سنوات عديدة من تجاهل هذه الفئة من الشركات، التي تساعد على خلق مناصب شغل قادرة على تسريع وتيرة الطلب وإنعاش العجلة الاقتصادية المغربية. وكان "التجاري وفا بنك" من المجموعات المصرفية الأولى التي التزمت بشكل مباشر بأنها ستدعم سنويا نمو المقاولات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، حيث جددت المجموعة التزامها هذه السنة من خلال تخصيص غلاف مالي قدره 27 مليار درهم لتمويل هذه المقاولات. وعمل "التجاري وفا بنك" خلال السنة الفارطة على توزيع 25.1 مليار درهم، ضمنها 8 مليارات درهم لفائدة المقاولات الصغرى، بينما حصلت المقاولات الصغيرة والمتوسطة على 17.1 مليار درهم. وفي 2017 بلغت التمويلات الممنوحة 23.9 مليار درهم. وبلغت التمويلات في 2014 و2015 و2016 تواليا 20.7 مليار درهم، و17.3 مليار درهم، و14.8 مليار درهم. هذا التوجه الجديد للمصارف المغربية يدخل في إطار توجه عام يقوده وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، الذي يؤكد دائما أن تطوير المقاولات الصغيرة جدا يعتبر أولوية وطنية، نظرا للدور الذي تلعبه هذه الشركات التي تمثل 90 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني في خلق فرص عمل كثيرة بكلفة أقل.