قبيل أذان المغرب بنصف ساعة، يخرج الإخوة الثلاثة محمد وغريب وعبد الفتاح عويس من منزلهم قاصدين الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس ورام الله، والمحاذي لقريتهم اللبن الشرقية، حاملين صناديق الماء وعلب التمر التي تبرع بها فاعلو الخير. ينتشرون على جانبي الطريق، ويشرعون في توزيع ما بحوزتهم على الصائمين المارين بمركباتهم من المكان. لكن الإخوة ينفذون مهمتهم "الخيرية" بصعوبة مشوبة بالخوف والحذر، فمنذ اليوم الأول لشهر رمضان المبارك لم يسلم الإخوة من اعتداءات المستوطنين المارين من المنطقة، ولا من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يوجد بشكل شبه يومي عند مدخل القرية. هذه هي السنة الثانية التي يقوم بها الإخوة عويس بمهمتهم هذه. ويتحدث محمد عما تقوم به قوات الاحتلال من مضايقات بحقهم قائلا: "في اليوم الأول على بدء مهمتنا هذه حضر عدد من جنود الاحتلال، كانوا داخل آلية عسكرية، وبدؤوا بسؤالنا عما نفعله، فأخبرناهم بأننا نوزع ماءً وتمرا على الصائمين، كما حاول الجندي الذي يقود الآلية دوس الصناديق التي نضعها على الأرض، لكننا تصدينا لهم". ويضيف أن "أحد المستوطنين هاجمهم بمركبته وحاول دهسهم، ولولا لطف الله لتسبب لنا بإصابات، إلى جانب أن هناك مستوطنين يقومون بشتمنا يوميا وعمل حركات غير لائقة". ينهي الإخوة عملهم عقب أذان المغرب بنصف ساعة، ويقول محمد: "نبقى في الشارع حتى تقلّ حركة السيارات الفلسطينية، ولا تبقى سوى سيارات المستوطنين، حينها نغادر المكان على الفور قبل حلول الظلام خوفا من أن يتم الاعتداء علينا". الإخوة عويس ليسوا وحدهم، بل صار يساندهم في مهمتهم هذه عدد من شبان القرية وأطفالها، ويعتبر محمد أن شهر رمضان فرصة يجب استثمارها في تكثيف عمل الخير للتخفيف على الناس ومساعدتهم بشتى الطرق وعدم الاكتراث بما يفعله الاحتلال ومستوطنوه. وليس ببعيد عن اللبن الشرقية واجه عدد من شبان قرية قصرة جنوب مدينة نابلس الضرب والشتائم والتهديد بحقهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي عند حاجز زعترة العسكري جنوبالمدينة، خلال توزيعهم الماء والتمر واللبن على المارين بالحاجز. ورغم خطورة المكان، اختار هؤلاء الشبان الحاجز لتوزيع الماء والتمر واللبن كونه يشهد يوميا أزمات خانقة بسبب إجراءات التفتيش والتدقيق في بطاقات المواطنين، وبالتالي تأخرهم عن موعد الإفطار، كما أن المنطقة تفتقر إلى المحلات التجارية التي يمكن للصائمين الشراء منها. مهمة الشبان نجحت يوما واحدا، فقد هاجمهم جنود الاحتلال بشراسة، واعتدوا عليهم بالضرب والتهديد والشتائم، وطردوهم من المكان، ولم يستطيعوا توزيع ما بحوزتهم إلا بعد جهد جهيد. رغدان حسن، أحد الشبان المشاركين في الحملة، يقول إن "الضابط المسؤول هناك أخبرنا بأنه سيسمح لنا بالتوزيع شرط أن نسمح له بمساعدتنا في مهمتنا وتصويره ونشر صوره، لكننا رفضنا فهو يريد بذلك قلب الحقيقة". ويضيف: "بدأنا توزيع الماء والتمر وإذا بقوة من جنود الاحتلال تتقدم نحونا وتشتم الذات الإلهية وشهر رمضان، واعتدت علينا بالضرب، وحاولت أخذ الصناديق التي بحوزتنا، وأشهرت السلاح في وجوهنا، ونعتتنا بالمجانين". ويذكر رغدان أنه في اليوم التالي حاول بعض الشبان العودة، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك في ظل اعتداء الجنود عليهم، فآثروا العودة إلى مداخل القرى والبلدات المحيطة ومفترقات الطرق، التي تشهد في معظمها وجودا للمستوطنين وجنود الاحتلال. ويبدي رغدان تخوفات من محاولات المستوطنين المتكررة بالاعتداء على الشبان أو منعهم من إتمام عملهم، ويختم حديثه: "نحن نعلم أن هناك أماكن خطرة، لكن الأمر تحد للاحتلال وعدم الرضوخ لما يريدون". *وفا