مسار حافل بالنجاحات استطاعت خولة الدرقاوي (20 سنة) أن تبصم عليه؛ فعلى الرغم من صغر سنها ختمت خولة القرآن الكريم وتعلمت قواعده وأصول تجويده، وكان صوتها الحسن نقطة تميز إيجابية مكنتها من أن تحقق شهرة في أوساط قارئي القرآن، فصار لها متابعون يعشقون صوتها ويحبون طريقة أدائها ويتابعون يومياتها. خولة التي تتابع دراستها اليوم بالسنة الثانية دراسات إسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وتنحدر من قرية المعازيز، نواحي الخميسات، نشأت بمدينة كلميم حيث كان يعمل والدها، وهناك بدأت أولى خطواتها مع حفظ وتعلم قواعد القرآن الكريم. تقول خولة في لقائها بهسبريس: "كنت أتابع دراستي بالمدرسة الابتدائية حي الرجاء بالله، أساتذتي هناك لاحظوا أن لي أداء جيدا، وبالتالي شجعوني لكي أشارك في مسابقة لأساتذة التربية الإسلامية توجت فيها بالرتبة الأولى على مستوى المدرسة، والثانية جهويا". وتواصل: "كانت والدتي تشارك في دورات في المساجد، وحينها كانت تشجعني لكي أرافقها، بداية كنت أرفض الأمر نظرا لصغر سني، إلا أنني وافقت فيما بعد". تعلمت خولة القرآن بداية على يد الأستاذة فاطمة خيلي، لتنتقل بعدها إلى كتّاب المعهد العلمي بجانب المسجد الأعظم بكلميم تحت إشراف الأستاذة فاطمة الزهراء البلغيثي، هناك اختتمت حفظ نصف القرآن الكريم باتباع الطريقة التقليدية "اللوح والسمق والدواية"، كما تشرح. أنهت خولة حفظ النصف الثاني من الذكر الحكيم بكتّاب مسجد الرحمة تحت إشراف الأستاذ أحمد ايعيش، حيث كان لها موعد يومي على الساعة الرابعة والنصف فجرا قبل التوجه إلى المدرسة، وتقول: "حفظ الشطر الثاني لم يتطلب مني وقتا طويلا، نظرا لتوقيت الحفظ والالتزام به". ختمت خولة حفظ القرآن الكريم في السنة الأولى باكالوريا، وتؤكد أن "الأمر كان سهلا بداية، تكون هناك مشقة أحيانا، إلا أنه بتوفيق من الله وحرص والديّ على التزامي بالحفظ تيسّرت المهمة". وتتابع قائلة: "كان يشجعني أقاربي بقول إن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، وإن لهم مميزات خاصة وينالون رضى الله، وهو ما كان يحفزني كثيرا"، مضيفة: "كل ما وصلت إليه اليوم هو بفضل من القرآن، سواء تعلق الأمر بمحبة الناس أو الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكما تقول لي والدتي دائما: إذا ما تخليت عن القرآن سيتخلى عنك الجميع". تؤكد خولة أن مسارها القرآني لا يخلو من العقبات، وتقول: "أتعرض لعثرات في مساري دائما، وهو ما يدفعني إلى التفكير في التوقف، إلا أن تشجيع والديّ ودعاءهما لي يجعلاني أستمر". توجت خولة بمسابقات محلية بمدينة كلميم، ثم مسابقات جهوية، وأخرى وطنية من بينها مسابقة مواهب في تجويد القرآن الكريم التي تبث على القناة الثانية، واستطاعت أيضا أن تنال الرتبة الأولى بمسابقة تحبير الدولية المنظمة بالإمارات العربية تطمح القارئة الشابة اليوم إلى المضي قدما في مسارها مع القرآن، وتقول: "أتمنى أن أحفظه ضبطا تاما، وأن أعمل بقواعده ونصائحه، وأيضا التفقه في قواعد تجويده والتدرب على المقامات الصوتية التي لم يسبق لي أن تعلمتها على يد شيخ ما". وتؤكد خولة أن تعلمها للمقامات جاء بمجهود شخصي، "دائما حينما أحل ضيفة بمدينة ما أزور بعض الشيوخ، مثل الشيخ سعيد مسلم أو عبد الإله مفتاح، للقراءة بين أيديهم وليعملوا على تصحيح أخطائي". وعملا بقول "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، أطلقت خولة بادرة تدريس القرآن، فبات يدرس على يديها الكبير والصغير، بداية من شباب يتابعون دراستهم في سلك الدكتوراه وصولا إلى أطفال صغار، إضافة إلى إطلاق دروس للتعلم عبر قناتها الخاصة على "يوتيوب". وتختم لقائها بتوجيه نصيحة للشباب والأهالي قائلة: "أنصح الشباب بأن يتشبثوا بالقرآن الكريم، كما أوصي الآباء بأن يعملوا على تعليم أبنائهم كتاب الله، فكلما تعلموه كان لهم منارا في الطريق"، وتواصل: "لا أوصي بأن يكون تدريس القرآن بالقوة، بل الأفضل أن يكون باللين كي لا ينحرف عنه الشباب".