باهتمام بالغ يتابع المغاربة مستجدات "الحراك الجزائري" الذي يدخل شهره الثاني حاملا معه رياح تغيير كبير على مستوى مربع الحكم في الجارة الشرقية، بعد أن استقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الشارع، وسجن العديد من الوجوه البارزة في الساحة السياسية والاقتصادية الجزائرية، يتقدمها السعيد بوتفليقة، الرجل الذي لازمته صفة "الحاكم الفعلي للجزائر"، على امتداد سنوات مرض أخيه عبد العزيز. هسبريس طرحت سؤالاً حول "مدى إمكانية حل مشاكل المغرب مع الجزائر برحيل بوتفليقة" على متصفحي الجريدة الإلكترونية، وكان الجواب ب"لا" مستأثراً بحصة الأسد، من لدن 23731 مشاركا، بنسبة وصلت إلى 78.68 في المائة، من أصل 30160 من المشاركين في الاستطلاع. أما الذين قالوا إن الرحيل سيؤدي إلى عودة العلاقات متينة فكان عددهم ضعيفا، إذ لم يتجاوزوا 6429 مشاركاً، بنسبة وصلت 21.32 في المائة. ولم تبد الخارجية المغربية أي تعليق على الأوضاع المتقلبة في الجزائر، لكون الأمر "شأنا داخليا". لكن واقع الخصومة يفرض على البلدين تتبع كل تفاصيل المتغيرات التي تجري في سدة حكم الدولتين؛ وذلك من أجل مسايرة الخصومات التي تطرح على المستوى الدولي، خصوصا أن الجزائر تظل الراعي الأول للبوليساريو، والمعني الأول ب"الحصى" التي يشكلها ملف الصحراء في حذاء المغرب. المحلل السياسي والخبير في قضايا الشأن الدولي كريم عايش يفسر الأمر بكون "تقلبات الساحة السياسية الجزائرية وإحكام الجيش الجزائري سيطرته على دواليب الدولة أمور فرضت على الرئيس الانتقالي المرفوض من طرف الشارع الجزائري أن يكون مجرد ديكور يؤثث المشهد الدستوري الجزائري، ويملأ فراغا سياسيا قصد الإعداد وربما إيجاد خليفة لبوتفليقة على رأس النظام الجزائري"، وزاد: "هنا لا عجب أن يرى المغاربة أن تعامل النظام الجزائري المؤقت أو الجيش في الوقت الراهن لن يتغير". وأوضح عايش أن "المغرب مطالب بالبقاء على حياده وتتبع الأحداث دونما تدخل، حتى لا يتم تحوير تصريحاته على أنها تدخل في السياسة الداخلية ومحاولة لزرع الفتنة، وأنها تندرج في إطار مؤامرة أجنبية كما لمحت إلى ذلك قيادة الجيش الجزائري منذ الوهلة الأولى، وهو ما كذبته التحركات السلمية الجماهيرية وسياسة النأي بالنفس التي تنهجها المملكة إزاء تقلبات الأنظمة السياسية بالعالم العربي". وشدد الباحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس على أن "الصراع القائم الآن بين أجنحة النظام الجزائري إنما هو إعادة ترتيب للأوراق الداخلية وصناعة خارطة سياسية جديدة على أنقاض هيبات مكسورة ونفوذ محطم وأطلال إمبراطوريات اقتصادية وعسكرية، لتهييء المنطقة ربما لحكم عسكري متوسط الأمد يحكم قبضته على كل مناحي الحياة".