سكان مدينة ورزازات، وعلى الرغم من السمعة الدولية لمدينتهم ومكانتها السياحية، يشتكون من ظاهرة استغلال الملك العمومي من طرف أرباب المقاهي والمحلات التجارية و"الفرّاشة"، ما يجبرهم على السير جنبا إلى جنب مع السيارات وباقي وسائل النقل في قارعة الطريق ويشكل تهديدا خطيرا لسلامتهم ويساهم في صعوبة السير والجولان. بضائع الباعة المتجولين، كراسي المقاهي وسلع المتاجر تحتل الأرصفة في الشوارع والأزقة الضيقة، والسيارات تعبر بصعوبة بالغة، أما المشاة فيضطرون إلى استعمال قارعة الطريق والسير جنبا إلى جنب مع العربات، ووسط المدينة يستحيل إلى "فوضى" واختناق تام في المساء، والسبب الأعداد الهائلة للبائعين المتجولين. رغم أن مدينة ورزازات، أو "هوليود إفريقيا"، معروفة بفعلها الثقافي، الذي يتوافد عليه كل صيف مفكرون وسياسيون وصناع السينما من مختلف أقطار العالم، ومعروفة أيضا بكونها مدينة سياحية هادئة، إلا أن زائرها لا بد وأن يلاحظ أنها تعاني من مظاهر احتلال الملك العمومي رغم التدخلات اليومية التي تقوم بها السلطة المحلية. رصيف محتل انتشرت وتمددت مؤخرا بشكل ملفت للانتباه ظاهرة احتلال الملك العمومي بمدينة ورزازات، خاصة الأرصفة، وباتت هذه الظاهرة "الوحش" الذي يأتي على الأخضر واليابس ويشوه المنظر الجمالي للمدينة السياحية والسينمائية، وأصبحت تسبب الأذى للمواطنين. احتلال الملك العمومي بمدينة ورزازات لا يقتصر على "الفرّاشة" فقط، بل إن عددا كبيرا من أرباب المطاعم والمقاهي يستغلون الرصيف، ما يجعل المارة يشتركون في استعمال قارعة الطريق مع المركبات والدراجات، بينما يروّج أصحاب هذه المقاهي وسط المواطنين أنهم حصلوا على "ترخيص" من المجلس الجماعي. وتقول حكيمة مسناوي، فاعلة جمعوية بمدينة ورزازات: "لا يمكننا إخفاء كون المدينة تعاني من هذه الظاهرة، خصوصا المقاهي التي أصبحت تحتل الرصيف دون وجه حق"، مشيرة إلى أنه "رغم المجهودات التي تبذلها السلطات المحلية لتحرير الملك العمومي، فإنها تصطدم بقرارات أصدرها المجلس الجماعي بالترخيص لبعض أرباب المطاعم والمقاهي لاستغلال الرصيف"، مشددة على ضرورة إعادة النظر في هذه التراخيص وصون حق المارة في استعمال الرصيف. وأضافت المتحدثة لجريدة هسبريس الإلكترونية: "الباعة المتجولون أيضا يحتلون الساحات العمومية والأزقة، مما يساهم في فوضى يومية"، ملفتة إلى أن "رمضان على الأبواب وهذه الظاهرة ستنتشر أكثر مما كانت عليه في الأشهر العادية (...) وعلى المجلس الجماعي سحب التراخيص من المقاهي والمطاعم التي تستغل الرصيف والتي تشوه المنظر العام للمدينة، والعمل على تخصيص مكان خاص للفرّاشة لعرض سلعهم"، وفق تعبيرها. ضياع حق المارة "الرصيف لم يعد للمارة"؛ عبارة اتفق عليها كل من التقت معهم جريدة هسبريس الإلكترونية خلال إعدادها لهذا الربورتاج، مشيرين إلى أن الأرصفة والشوارع في عدد من أحياء المدينة تحولت إلى أماكن لعرض البضائع، مستغربين ما سموه صمت الجهات المسؤولة تجاه هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تشوه المدينة وأحياءها وجماليتها. عبد الحق سعداوي، شاب يقطن بحي كاستور بمدينة ورزازات، قال إن "مجموعة من الساحات العمومية بالمدينة، بالإضافة إلى الشوارع والأرصفة، يتم استغلال من قبل الفرّاشة وأرباب المحلات التجارية والمقاهي"، مضيفا أن هناك "تجاوزات عديدة وخطيرة تشهدها تلك المواقع، تتنوع بين استغلال الرصيف وتوسيع شبكة الأشخاص الذين اقتسموا الملك العام وحولوه إلى مجال نفوذ". وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "الجهات المسؤولة يجب أن ترد الاعتبار للمواطن الذي ضاع حقه في استعمال الرصيف بعد احتلاله من طرف التجار وأرباب المقاهي والمتسولين"، مقترحا "تجهيز مساحة لتخصيصها للفرّاشة لعرض سلعهم تكون كسوق نموذجي من أجل ضمان حقهم في العيش وضمان حق المحلات التجارية التي تؤدي ضرائب، وكذا لتكافؤ الفرص بين الجميع"، وفق تعبيره. وتعليقا على الموضوع، قال مصدر مسؤول بالمدينة غير راغب في الكشف عن هويته للعموم، إن "هذه الظاهرة أصبحت تشكل هاجسا كبيرا، خصوصا أن الرصيف في بعض النقط لم يعد له وجود"، مشيرا إلى أن "السلطات المحلية لوحدها لا يمكنها أن تحارب هذه الظاهرة ما دامت الجماعة ترخص للمقاهي باستغلال الرصيف"، وفق تعبيره. وأضاف المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "الحل هو سحب التراخيص من المقاهي وإيجاد حل آني للفرّاشة، مثل تخصيص مكان لهم خارج المدينة لعرض سلعهم"، مشيرا إلى وجود "خلل كبير في الطريقة التي يتم بها تدبير هذا الملف على مستوى الجماعة، خصوصا أنه يتم استغلاله من قبل بعض الجهات سياسيا دون مبالاة بحق المواطن"، وفق تعبيره. تطبيق القانون الوضعية الاجتماعية الهشة للعديد من المواطنين تجعلهم يتجهون لامتهان تجارة الشارع من أجل توفير لقمة العيش، وغالبيتهم يأتون من المدن المجاورة، والمشاكل المترتبة عن وجودهم لا تقتصر على احتلال الملك العمومي، بل إنهم يسببون خسائر كبيرة للمحلات التجارية التي يفترشون بالقرب منها ويبيعون سلعا توفرها هي الأخرى لكن بأثمان منخفضة، لأنهم لا يؤدون ضرائب ولا فواتير للكهرباء والماء. حسن امجعوف، من ساكنة المدينة، قال إن "الجهات التي تتغنى بالقانون هي نفسها التي تخرقه"، في إشارة إلى من يرخص لمثل هذه المظاهر لتتمدد، مضيفا أن "الظاهرة أصبحت اليوم مقلقة، فإن لم تكن الجهات المختصة ترغب في تحرير الملك العمومي، فإن الساكنة والجمعيات على أتم الاستعداد للقيام بذلك"، موردا أن "الفرّاشة احتلوا الرصيف عن آخره، خصوصا في ساحة الموحدين وكاستور، بالإضافة إلى المقاهي والمحلات التجارية"، وفق تعبيره. ودعا المتحدث الجهات المسؤولة إلى ضرورة تطبيق القانون وعدم التساهل مع هؤلاء "الفوضويين"، وفق وصفه، من أجل صون حق الجميع، معتبرا أن "الجماعة الترابية كان يجب عليها أن تكون محامية المواطن المقهور وأن لا تصطف إلى جانب المحتلين"، مؤكدا "ضرورة إيجاد حلول لهذه المعضلة التي بدأت تسير نحو المجهول"، وفق تعبيره. وطالب عدد من المواطنين الذين تحدثوا لهسبريس السلطات المحلية بالشروع في حملة واسعة لمحاربة ظاهرة احتلال الملك العمومي من طرف أرباب المقاهي والمحلات التجارية والباعة الجائلين، وسحب الرخص من المقاهي المستغلة للرصيف. ويرى هؤلاء أن الحل الأجدر هو فرض غرامات مالية على المخالفين، إلى جانب تحرير محاضر وقف النشاط بالنسبة لأصحاب المحلات الذين لا يلتزمون بالقانون المنظم للاحتلال المؤقت للملك العمومي، مرجعين مسؤولية تفشي ظاهرة الاستغلال غير القانوني للملك العمومي من طرف المقاهي والمطاعم إلى عدم تطبيق القانون من طرف المجلس الجماعي. ومن أجل نيل تعليق المجلس الجماعي لمدينة ورزازات، اتصلت هسبريس بعبد الرحمان الدريسي، رئيس المجلس، مرات عديدة، لكن دون مجيب.