تفكيك منظمة إرهابية بتعاون أمني بين المغرب وإسبانيا    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    رئيس مجلس النواب…المساواة والمناصفة أبرز الإنجازات التي شهدها المغرب خلال 25 سنة    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ في زيارة تاريخية للمغرب    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي ب3% الشهر الماضي في المغرب        بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    انهيار سقف مبنى يرسل 5 أشخاص لمستعجلات فاس    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناتالي...وَتَرَفُ الاكتئاب!
نشر في هسبريس يوم 07 - 04 - 2019

حين فقدت صديقتي والدها، فقدت معه شهية التواجد والحياة...
كيف ستحيك الأيام في غيابه؟
كيف ستعيش زمنا لم يعد متواجدا فيه؟
وماذا ستفعل بكل الفراغات التي كانت تؤثثها تفاصيله؟
"الأجوبة عمياء. وحدها الأسئلة ترى" (1)
الدمع تراجع عن احتواء المصاب.. فاختارت أن توقف زمنها، وتجتر الألم بطريقتها، وتهمس لروحه أنها ستنعيه اكتئابا على سرير في مستشفى.. وقد كان!
وحين ترجلت ذات قرار عن مصابها، وعن سرير احتجزته لتوقف الزمن عند حدود أب رحل، وَجَدَتْنِي بانْتِظارها تَتَقَدَّمُنيِ وُرُودي!
إنها صديقتي الطيبة، ذات الأصول الفرنسية، المتطرفة في حزنها حد الاكتئاب. ناتالي.
في معرض حديثنا، سألتني في إشفاق أقرب إلى الاعتذار: كيف عِشْتِ الحداد بعد وفاة والدك؟!
لم يُفاجِئني السؤال فهو بعينين ،غير أني أشفقت عليها من جواب قد تحتاج طريقة برايل لقراءته، أو خيال خصب يتجاوز حدود موروثها ومعتقداتها.
كيف أشرح لها أنني حين تلقيت خبر وفاة أبي، وقبل أن أستفيق من الصدمة، كان البيت قد امتلأ عن آخره. وكانت الصدور تتلقفني حتى كاد يغمى علي!!
كنت تائهة وسط الجموع الغفيرة، أحاول أن أُمَوْقِعَ نفسي في الزمان والمكان، بعد أن ضاعت بوصلتي، وأما أمي فأظن أنني لم أرها حتى يوم زيارة قبر أبي، الذي وللإشارة يتزامن مع اليوم الثالث بعد الوفاة! ثم غابت بعد ذلك وسط الجموع حتى اشتقتها!
كيف أشرح لناتالي أنه عندنا، ومباشرة بعد الفجيعة تتلقفك الوجوه، لتتناوب على علاجك سيكولوجيا!
يتناوبون حضورا وإعداد طعام ولا يغادرون إلا وقد اقتسمت معهم الضحكات.. أنت بخير؟!
مع السلامة.. موعدنا الحزن القادم!
نحن الذين لا نصاب بالاكتئاب حين الفواجع.. لأننا نعيشها جماعات.. في تآخي وتآزر.. ودفء وحميمية!
نحن الذين لا نبكي فرادى حين موت عزيز.. ونبكي مع بعض حين عناق..
نحن الذين نقتسم الحزن كما نقتسم الرغيف.. في كثير إنصاف..
لا خلوة لنا مع الذات حين مصاب...
الاكتئاب ترف.. والعزلة ترف.. لن تحلم بأي منهما والغرف ملأى عن أخرها ..الكل يواسي الكل في همة ونشاط..
قُلْتِ اكتئاب؟!
أَنْتَ أساسا غير متروك لذاتك ولا لعزلتك لتحلل مصابك!
أَنْتَ مَفْعولٌ بِك!
كيف أشرح لصديقتي أن وجودها في سرير بمستشفى تتأمل مصابها.. وتبكي فقدها ووجعها.. وتجتر حنينها.. ترفا؟!
وأنني في حالتي، كان المرحاض هو المكان الوحيد الآمن الذي تستطيع أن تختلي فيه بذاتك بعض الدقائق لِتَتَأَملَ مصابك.. وتبكي بعيدا عن الأحضان.. وعن والوجوه
كيف أقنع ناتالي أنها مكتئبة لأن عندها فائض وقت وفائض اجترار.. وفائض تأمل، وأما أنا فكان عندي فائض أشخاص.. وفائض أحضان.. وكان حلمي لا يتعدى فائض سرير!
لا زالت كلما دخلت غرفة والدها، وتأملت أشياؤه التي لا زالت على حالها، وفية لموضعها.. تنخرط في نوبة بكاء.. فكيف أشرح لها أن أشياء أبي وزعت صدقات في الأيام الموالية، وأننا نشم ريحه في جدران البيت.. ومسجد الحي.. وسجادة صلاة هي آخر ما تبقى بعد تفرق المعزين!
كيف سأشرح لها؟!
وهل ستحتوي اللغة الفرنسية تفاصيلا متجذرة في عمق حضارتنا وتاريخنا.. ومعتقداتنا؟!
الحقيقة أنني شرحت في كثير حنين.. وانتماء للتفاصيل، وبدل أن يبكيني السؤال.. أذهلها الجواب ..وأضحكها وأبكاها.. وتمنت أن تعيش في مجتمع لا يملك أفراده ترف الوحدة والاكتئاب.. حين مصاب!
مساؤكم محبة واحتواء..
(1) أحلام مستغانمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.