خرج صحراويين في مخميات تندوف إلى الشارع، ليلة اليوم الأربعاء، احتفالاً بتقديم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة استقالته إلى المجلس الدستوري، ورفوا شعارات تُشيد بتدخل المؤسسة العسكرية، إلى جانب احتفالات الشعب الجزائري بطي صفحة بوتفليقة نهائياً. وذكرت مصادر متطابقة أن قيادة الجيش الجزائري وجهت تعليمات شديدة اللهجة إلى جبهة البوليساريو، ساعات قبل الإعلان الرسمي عن تنحي بوتفليقة، لتشديد المراقبة عن المداخل والمخارج الحدودية، خصوصا مع المغرب وموريتانيا، خوفا من وقوع انفلات أمني يمكن أن يؤدي إلى فرار جماعي للصحراويين، مثل ما وقع قبل أيام. وقال نوفل البوعمري، خبير في شؤون الصحراء: "قبيل تقديم استقالةٍ باسم بوتفليقة، اتخذ الجيش الجزائري مع مليشيات الجبهة قرارا فرض بموجبه حظر التجول والتنقل داخل المخيمات، ومنها وإليها، تحسبا لأي فرار جماعي أو لاحتجاجات قد تندلع في أي لحظة نتيجة هذا الوضع العام بالجزائر والاحتقان بتيندوف". وتعود إلى الواجهة العلاقات المغربية الجزائرية، خصوصا فيما يرتبط بملف الصحراء، في ظل هذه التحولات التاريخية، لكن متابعين للشأن الجزائري يؤكدون أن لا تغيير يلوح في الأفق بالنظر إلى تحكم الجيش الجزائري في العلاقة مع المملكة المغربية. ويرى البوعمري، في تصريح لهسبريس، أن استقالة بوتفليقة "مؤشر على انتصار العسكر في الصراع المحتدم حول السلطة بينه وبين المربع الرئاسي بقيادة سعيد بوتفليقة"، مشيرا إلى أن التغيير الذي تشهده الجزائر اليوم "لا يمكن اعتباره تحولا في بنية الدولة الجزائرية أو مراجعة عقيدتها تجاه مختلف القضايا". وأضاف المصدر ذاته أن ملف الصحراء "كان دائما محط توافق وإجماع بين هذه الأطراف المتصارعة، وتكفي فقط الإشارة إلى أن الجيش الجزائري كان يخصص جزءا من ميزانيته لدعم مليشيات الجبهة، لكن التطورات الأخيرة، خاصة منها ما تشهده تيندوف، تدفعنا إلى التساؤل ما إذا كان الوضع سيظل على ما هو عليه داخل المخيمات؟". وخلص البوعمري إلى أنه يصعب حدوث تغيير جذري برحيل بوتفليقة بسبب "غياب قوة سياسية وشخصيات وطنية قادرة على القيام بمهام الانتقال السلمي"، مضيفا: "في غياب هذا التحول قد لا نشهد تغيرا كبيرا في موقف الدولة الجزائرية، بل في حالة الصراع الحالي قد نشهد المزيد من التشدد في المواقف على اعتبار أن ملف الصحراء بالنسبة للجيش وأركانه مسألة عقائدية في صراعه التاريخي مع المغرب، ومنه يستمد جزءا من مشروعيته التاريخية التي تجسد استمرارية منطق بومدين".