من أولى علامات التأثير الذي مارسه الحراك الشعبي الجزائري على الأوضاع داخل مخيمات الاحتجاز بتندوف، ما وقع من تحول وسط الإعلام التابع للفيالق العسكرية، المتخصص في الدعاية لجبهة البوليساريو، الذي مسته عدوى الاحتجاج وبدأ في الانتفاضة ضد القيادة المتنفذة القابضة بيد من حديد على كل مفاصل الحياة بالمخيمات، إذ لأول مرة يلاحظ المتتبع لشؤون المرتزقة، أن وسائل الإعلام التي تتولى الدعاية الإعلامية للجبهة بدأت تغير من لهجتها وتنشر تحليلات وأخبار خارجة عن المألوف. التحولات التي يعرفها الإعلام التابع للمرتزقة جزء من الزلزال الذي يضرب الجبهة الإنفصالية منذ بداية الاحتجاجات ضد الولاية الخامسة لبوتفليقة، وإلى حد الآن ما زالت قيادة المرتزقة تلتزم الصمت لأن التغييرات المقبلة في الجزائر قد تشكل نهايتها، ومن الآن بدأ قادة المرتزقة يتحسسون رؤوسهم التي قد يتم قطعها من قبل النظام المقبل في قصر المرادية بالجزائر العاصمة. وفي هذا الصدد كتب موقع المستقبل الصحراوي، يوم التاسع من مارس الجاري، مقالات تحت عنوان "احتجاجات الجزائر التي أبهرت العالم بسلميتها تصل إلى بيوت القيادة الصحراوية"، قال فيه كاتبه "شهدت مدينة تندوف جنوب غرب الجزائر يوم الجمعة 8 مارس الجاري مظاهرات احتجاجية على العهدة الخامسة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، المظاهرات جابت بعض شوارع المدينة التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى ملجأ لأعضاء القيادة الصحراوية الذين اشتروا منازل خاصة بأموال الشعب الصحراوي بمختلف إحيائها". وأضاف الموقع أن "موجة الاحتجاجات في الشارع الجزائري قد تعبر إلى مخيماتنا مثلما حدث عام 1988، وهو مايجعل الرئيس ابراهيم غالي أمام تحدي كبير في أن يهيئ الظروف للقطيعة مع ممارسات الفساد" التي عششت في دواليب الكيان الانفصالي، و"يضمن بذلك تغيير سلس في الواقع المزري عبر المؤتمر المقبل، أو ينتهج سياسة النعامة كبقية رفقاءه وحينها سيكون على الشارع الصحراوي ان يخرج من سباته الطويل". وفي يوم 13 مارس الجاري كتب الموقع نفسه، المحسوب على جوقة الدعاية للجبهة، مقالا تحت عنوان "حكومة الفساد تشرع في تعميم برنامجها السنوي على القواعد الشعبية"، ولأول مرة تتجرأ وسيلة إعلام تابعة للمرتزقة على وصف قيادة الجبهة بالحكومة الفاسدة، حيث قال كاتب المقال "إن تصريحات الوزير الاول الصحراوي تأتي خارج سياق التطورات التي تشهدها الساحة الاقليمية خاصة بالجزائر حيث شهدت طيلة الاسبابيع الماضية مظاهرات مستمرة ضد العهدة الخامسة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة". ما يصدر عن وسائل الإعلام المحسوبة على جبهة البوليساريو، التي تتحكم فيها القيادة الإنفصالية جملة وتفصيلا، يوحي بأن تحولات عميقة قادمة نحو مخميات الاحتجاز ستأتي على رموز القيادة التقليدية، ومن حسنات ما يقع في الجزائر أنه فك عقدة لسان الإعلام التابع للمرتزقة.