احتضن قصر التراب، بشراكة مع فندق تافيلالت، النسخة الثانية عشرة من المقهى الثقافي بمكناس، والذي استضاف الكاتب والشاعر والفاعل المدني صلاح الوديع الأسفي، في لقاء مفتوح حول مساراته النضالية والأدبية والحقوقية والسياسية، بالإضافة إلى تكريم الناشطة السياسية والمدنية انتصار خوخو بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. في هذا اللقاء الثقافي، استهل صلاح الوديع مداخلته بالحديث عن تجربة الاعتقال السياسي، مستحضرا عائلته ورفاقه وأطوار المحاكمات والسجن المركزي والأوضاع السياسية والاجتماعية التي كانت تتميز بها مرحلة السبعينيات. كما تناول المتحدث العمل الحقوقي ومساهمته في الميلاد العسير للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة والمرحوم إدريس بن زكري، ك"تجربة رائدة مكنت المغرب من إقرار الحقيقة وجبر ضرر الضحايا، كثمرة تفاعل جدي بين ديناميات المجتمع المدني ومبادرات عائلات الضحايا، والملك محمد السادس". كما تحدث صلاح الوديع عن تجربته في "حركة لكل الديمقراطيين"، حيث اعتبرها من المبادرات الشجاعة والهادفة التي عرفها مغرب العهد الجديد، وانخراطه في تأسيسها كان عن قناعة أملتها عليه الحاجة المجتمعية إلى تصور مشروع مجتمعي ديمقراطي جديد. وعلى الرغم من المعاناة التي ميزت سنوات الجمر والرصاص، اعتبر صلاح الوديع أن المغرب شهد تقدما على العديد من المستويات بفضل نضج واجتماع إرادات وتضحيات مختلف الفاعلين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، داعيا الإسلاميين إلى اجتياز امتحان الإقرار بالديمقراطية كما اجتازها غيرهم. وفي معرض حديثه عن اليسار، تمنى الوديع لو جرب يساريو المغرب الوحدة والعمل الوحدوي ولو لمدة قليلة، داعيا في الوقت نفسه إلى قراءة نقدية في تجربة اليسار وضرورة الانتباه إلى التحولات المعاصرة والمستجدات التي طرأت في حياة الأفراد والمجتمع. وعن حراك الريف، قدم الوديع جزءا من خلاصات "المبادرة المدنية من أجل الريف"، مؤكدا على خصوصية هذا الحراك الذي استمر عدة شهور من دون أن يتدخل الأمن، وقارن هذا الوضع بأحداث ماي 65 وأحداث أخرى. وفي حديث عن الدولة ومن يمثلها، دعا صلاح الوديع إلى عدم الخلط بينها وبين مهام ومسؤوليات مراكز القرار، بعيدا عن المزايدات وكل أشكال تبخيس التاريخ النضالي المغربي ورجالاته ونسائه وشبابه ونخبه، مستحضرا تجربة الراحل عبد الرحيم بوعبيد وتجربة التناوب التوافقي. وفي الأخير، اختتم صلاح الوديع النسخة الثانية عشرة من المقهى الثقافي بمكناس بقصيدتين شعريتين: "وداعا محمد" و"قصيدة حب".