في الذكرى الثامنة للخطاب الملكي 9 مارس 2011..نرجع ونستحضر بقوة الخطوة التاريخية والعبقرية من جلالة الملك نصره الله و أيده كجواب سياسي واستراتيجي عن ما كان يسمى آنذاك بالربيع العربي. هذا الخطاب.. والذي حضي بمتابعة واهتمام كبيرين داخل الوطن وخارجه، خصوصا من القوى السياسية العالمية، التي اعتبرته في ما بعد جواب شافيا وكافيا واختلاقا واستثناءا مغربيا محضا. دائما في خرجاتي الاعلامية أو السياسية أو الجمعوية أقول وأؤكد على أن هذا الخطاب يعتبر مرجعا ونموذجا دستوريا جديدا والادهى من هذا يعتبر مقاربة نوعية من خلال مضامينه، واختيرت فيه المصطلحات بعناية، واحترمت فيه أسس العملية التشاركية بالخروج بوثيقة ليست كباقي الوثائق والبيانات التي كانت تصدر آنذاك في دول حراك الربيع العربي و المقاربات الأمنية التي كانت تتخذ والتي لم تجلب لهم سوى الدمار والخراب. فلكل حادث حديث ولكل واقعة وقعتها، فكان الوقع إيجابيا والتفاعل بطريقة استباقية سلسة أهم ما اتسمت به المؤسسة الملكية عكس النخب التي فضل بعضها الانحناء للعاصفة، وأخرون كانت خرجاتهم محتشمة، وبعضهم فضل مشاهدة البرامج الاخبارية على المحطات التلفزيونية... نتحدث هنا عن السياق السياسي، حينها دوما ما نرى الدينامية التي يمتاز بها جلالة الملك لقراءة المشهد برمته بثقافة استراتيجية ناجعة وهذا ما نراه مهما اختلفت المناسبات والأحداث. سياسيا دائما.. ولكي لا أميل عن الخط، وكما هو متعارف عليه.. لقد أرخ هذا المرجع لمفهوم دولة المؤسسات والتي تتمثل في إعطاء ريادة للأحزاب على الساحة السياسية، واعطاء هامش للإشتغال في ما يخص المجتمع المدني والشباب، وتفعيل دور المرأة، وتقوية آليات تخليق الحياة العامة بترسيخ قيم الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة.. والأهم من هذا تمت دمقرطة مؤسسة رئيس الحكومة من خلال صلاحيات جديدة تكرس رؤية جديدة ومفهوم واسع للإصلاح الديمقراطي. والسؤال المطروح اليوم وبعد ثمان سنوات هل المغرب خطى خطوة نحو ديمقراطية حقيقية أم لا يزال يلتمس الطريق؟ وهل تم استثمار إيجابي لتلك المكتسبات على نحو جيد؟ أم أن لا توجد ثقافة وفقه دستوري من لدن البعض؟ هذه الاسئلة تحتاج لدراسة معمقة وقراءة ما حولها لتوخي نتائج عملية لحلحلة بعض المفاهيم. وفي اعتباري الشخصي ومن خلال بحثي الخاص وقراءتي للمشهد ككل لايزال الطريق طويلا بمسار وعر، وبمنعرجات أراها واعتبرها وعرة، فدستور 2011 والخطاب المؤسس له لم يستوعبه لحد الآن إلا نخبة قليلة ملمة بالمشهد السياسي، فالثقافة الدستورية والفقه القانوني يجب أن ينخرط فيه الكل، وبعملية بسيطة يجب علينا كباحثين ومفكرين ومثقفين وأساتذة ومجتمع مدني، لإيصال هذه الوثيقة لكي يستوعبها الناس، ليس فقط بحواضر البلاد بل حتى البوادي والمداشر لأن الأمر يهم الجميع وليس فقط أن تبقى الامور فئوية ونخبوية. ثانيا.. في رأيي الشخصي في ما يخص الديمقراطية، هنالك إشكالية تطبيق وتنزيل هذه المضامين، والتي ندفع ثمنها كلما تأخرنا وكلما كانت رجة وجعجعة سياسية.. لهذا أقول يجب الوقوف والتأمل في هذه المضامين بنوع من التأني قبل الخوض فيها. وأخيرا سأخوض في المكتسبات التي تلت هذا الخطاب وما تمخض عنه من دستور.. ففعلا هاته المكتسبات يجب أن تستثمر على أحسن وجه ويجب اعادة قراءتها من جوانب متعددة ومختلفة،و كما لا يحبد كذلك أن نحيد عن هذه المكتسبات، والوجوب علينا أن نعض عليها بالنواجد من أجل مغربنا ووطننا لا طالما أحبنا وإحتضننا، لأن هذه المكاسب ليست فقط حق أُخذ.. بل هي حقوق أعطيت نظرا للتطور الذي عرفه المغرب، والتطور اليوم يكمن في بنية المجتمع وظهور منصات التواصل الاجتماعي. إن الرؤية المتبصرة لجلالة الملك أعطتنا إشارات قوية للعمل بشكل تكاملي، فقيادة هذا الرجل العزيز والطيب المحب لرعيته و لأبناء وطنه، تستوجب منا إلتقاط الاشارات وفهم المعاني للمضي قدما بهذا الوطن، فوالله ما يريد وما نريد سوى الخير والتطور والرفاه، فأبقاك الله ذخرا لهذا الوطن، امينا له،لا تخاف في الله لومة لائم. *رئيس مجموعة رؤى ڤيزيون الإستراتيجية