دقت الجمعية المغربية لليتيم ناقوس الخطر حول ما أسمته ب "الوضعية المتأزمة للأطفال المتخلى عنهم"، مؤكدة أن "هذه الشريحة المجتمعية تعيش واقعا مريرا ومأساة حقيقية"، لا سيما داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية، معلنة بذلك عن تحدّ وطني يسعى إلى الوصول إلى مغرب بدون أطفال متخلى عنهم في أفق 2030، ما يستدعي، بحسب تصورها، وضع مقترحات بديلة تروم دعم الأمهات البيولوجيات وحمايتهن قانونيا، بغية تشجيعهن على الحفاظ على أطفالهن في المستقبل القريب. ودعت الجمعية، في تقرير شامل توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، أعدته على هامش الملتقى الوطني لليتيم الذي احتضنته مدينة الدارالبيضاء، إلى "إعادة النظر وتطوير القوانين المتعلقة بالكفالة لسد الهوة بين الأسر الراغبة في التكفل والأطفال ذوي الحاجة الأسرية، لأن الأسرة هي الفضاء الأنسب للطفل إذا كنا نعمل على تحقيق مصلحته الفضلى، كما تعهد بذلك المغرب عند انضمامه لاتفاقية حقوق الطفل". وبخصوص الشق المتعلق بحماية الطفل، وللقضاء على ظاهرة التخلي عن الأطفال، تقترح الجمعية الحقوقية اعتماد مجموعة من الإجراءات المتعددة، من بينها "تشجيع ودعم الأمهات البيولوجيات للتكفل بأطفالهن وتوفير لحماية القانونية لهن، ثم رفع التجريم والعقوبات الجزائية عنهن"، فضلا عن "إجبارية إجراء خبرة ADN للتحقق من هوية الطفل، حتى يتحمل الأب مسؤوليته إن ثبت تورطه في العمل الجنسي المفضي للحمل". وتقترح الهيئة الحقوقية بعض الحلول البديلة إذا ما استحال إبقاء الطفل في كنف والدته، على رأسها "دعوة وزارة العدل لمراجعة القوانين المتعلقة بكفالة الأطفال المهملين"، و"اعتماد تسمية هذا النوع من التكفل بمفهومه الصحيح، وهو التبني وفق الشريعة الإسلامية"، ومطالبة "المتدخلين في شؤون الكفالة بمفهومها الحالي، من أجهزة قضائية ومؤسسات اجتماعية وغيرها، دراسة طلبات التكفل وملاءمتها مع حاجيات الطفل، مراعاة بذلك لمصلحته الفضلى". ودعت الهيئة ذاتها، من خلال التوصيات التي رفعتها إلى القطاعات الوزارية المعنية، "كافة المتدخلين في شؤون الكفالة بغرض إحداث برامج لتهييئ الأسرة الراغبة في التكفل مسبقا قبل تمكينها من الطفل، وكذلك إحداث آليات للتتبع قصد مراقبة ظروف عيش المكفول داخل أسرته الكفيلة، حرصا على تنشئته تنشئة سليمة وتفاديا لتعرضه للتخلي من جديد، إلى جانب ضرورة توفير أطر مؤهلة لمتابعة الملفات المتعلقة بالكفالة قبل وأثناء وبعد تسليم الطفل المكفول لكافله". ياسين بنشقرون، رئيس الجمعية المغربية لليتيم، قال إن "الجمعية تسعى إلى القضاء على ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم في أفق 2030، على غرار ما أعلنت عنه العاصمة الرباط حول الوصول إلى مدينة بدون أطفال مشردين، وذلك عن طريق أجرأة مقترحين أساسيين، لأن الجمعية لا ترصد مكامن الخلل فقط، وإنما تقدم أيضا المقترحات التي من شأنها تحسين الأوضاع الحالية". وأضاف بنشقرون، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "السلطات عليها أن تشجع مسألة حفاظ الأم على ابنها مهما كانت الظروف، لأن الطفل من حقه البقاء مع أمه البيولوجية، عبر توفير الحماية القانونية والدعم الاجتماعي والمادي، بغرض تشجيع الأمهات على عدم التخلي عن الأبناء، لأن الأم العازبة غالبا ما تتعرض للاستنطاق والمساءلة حينما تتقدم بشكاية معينة، رغم تعرضها للاغتصاب، ما مرده إلى العقلية الذكورية والبعد العقابي للنساء". وأوضح الفاعل الجمعوي أن "الدراسات سلطت الضوء على معاناة هذه الشريحة المجتمعية، مما يستدعي البحث عن أسرة تتبنى الطفل في حالة استحالة الحفاظ على الابن في كنف أسرته، وذلك من أجل احتوائه واحتضانه، ومن ثمة تكمن أهمية تطوير القوانين المتعلقة بالكفالة، عبر ملاءمتها مع الدستور والمواثيق الدولية، ثم إحداث آليات لتحضير الأسرة قبل عملية التبني، بهدف القضاء على منطق العمل الخيري".